ظهوره المتكرر مؤخرا، يتم تفسيره على أنها مرحلة لتجميل صورته دوليا، قبل أن يخوض الانتخابات الرئاسية السودانية المقبلة، فما هي تفاصيل الظهور الإعلامي لحميدتي، وهل سيتمكن من الفوز بالسباق الرئاسي؟

الأربعاء الماضي، ظهر محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، مرتديا عمامة بيضاء وينظر مباشرة إلى الكاميرا في فيديو قصير، أطلقه على منصة “تيك توك” الصينية، التي تستخدمها أعداد هائلة من الشباب في السودان.

مطلع آب/ أغسطس الجاري، اختار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، حميدتي، قناة “بي بي سي” البريطانية لانتقاد رئيسه عبد الفتاح البرهان علانية.

رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي يفعل فيها حميدتي ذلك، فإنه لم يكن قد تواصل مع مثل هذا الجمهور الواسع بهذا القدر في المرة السابقة، وفق “عربي بوست”.

في المقابلة مع القناة البريطانية، أعلن حميدتي أن انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، “كان فاشلاً”، وادعى أنه “بدون دعمه”، لم يكن البرهان قادراً على إزاحة المدنيين من السلطة بهذه السهولة.

تصريحه هو تأكيد إضافي على التنافس المتزايد بين الرجلين العسكريين القويَّين في السودان، لكن ذلك في المقام الأول جزءٌ من مناورةٍ أوسع بدأها حميدتي منذ فترة طويلة لتجميل صورته على المسرح الدولي، تحضيرا لترشيح نفسه للرئاسة، كما يقول تقرير لموقع “أفريكان إنتلجنس”.

موعد الانتخابات السودانية

في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قاد البرهان انقلابا عسكريا أوقف مسار انتقال السودان إلى نظام ديمقراطي بقيادة مدنية.

بعد ذلك، وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، جرى توقيع اتفاق أعيد بموجبه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه لقيادة حكومة تكنوقراط حتى إجراء الانتخابات المقبلة.

الانتخابات الرئاسية السودانية المقبلة، من المقرر أن تبدأ مطلع كانون الثاني/ يناير المقبل وتنتهي في تموز/ يوليو 2023، حسب بيان سابق أصدره مجلس السيادة الانتقالي في السودان.

وأعلن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في مقابلة سابقة مع وكالة “رويترز”، أن الجيش سيترك الساحة السياسية بعد الانتخابات المقررة في عام 2023.

شلغومي وحميدتي

بالعودة إلى حميدتي، قال موقع “أفريكان إنتلجنس”، إنه حتى بداية آب/ أغسطس الحالي، أقام حميدتي 50 يوما في الجنينة، عاصمة إقليم غرب دارفور. كان هناك في شهر حزيران/ يونيو، حيث استقبله إمام ضاحية درانسي في باريس، المواطن الفرنسي التونسي حسن شلغومي.

ويُعَد شلغومي، المنتقد للتطرف الديني، مدافعا قويا عن اتفاقات أبراهام، التي سمحت في عام 2020، برعاية الرئيس الأميركي حينها دونالد ترامب، لإسرائيل بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

مثل حميدتي، المقرب من رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، يعمل شلغومي في دائرة نفوذ أبوظبي. ويحظى شلغومي أيضا بدعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يشاركه نفس الرؤية للإسلام.

بهذا النشاط السياسي الخفي يرسل حميدتي إشارة إلى باريس وعواصم أوروبية أخرى، بأنه لا يؤيد عودة السودان إلى “الإسلاميين” و”الإسلاموية” التي سادت في عهد عمر البشير، الذي كان رئيسا للسودان من عام 1989 وحتى عام 2019.

بالتوازي مع ذلك، استعان حميدتي بخدمات وكالة العلاقات العامة الفرنسية “آن تستوز” لمحاولة تسهيل المقابلات مع وسائل الإعلام الفرنسية وتلميع صورته دوليا، حسب “عربي بوست”.

ولفترة وجيزة في عام 2019، استخدم حميدتي الشركة الكندية “ديكينز آند مادسون”، ومديرها الكندي الإسرائيلي آري بن ميناش، لكي يصل صوته إلى واشنطن.

ويعتبر بن ميناش، أن من بين عملائه زعيم المجلس العسكري في بوركينا فاسو، بول هنري سانداوغو داميبا، والرجل القوي في شرق ليبيا خليفة حفتر، المقرب أيضا من الإمارات، والمرشح الرئاسي التونسي الخاسر، نبيل القروي المقرب من شلغومي.

“رجل من الأطراف”

في الخرطوم، يتولى إدريس مدلل، مهندس من قوات الدعم السريع، أكبر قوة شبه عسكرية في البلاد، علاقات حميدتي الإعلامية.

يمول حميدتي قوات الدعم السريع من خلال تعدين الذهب والتجارة ويستخدمها لتأسيس وتعزيز سلطته، كما يقول موقع “أفريكان إنتلجنس”.

ومنذ صعوده إلى منصب رفيع في عام 2019، سعى حميدتي إلى تعريف نفسه على أنه “رجل من الأطراف”، في مواجهة الجيش والجنرالات المهنيين من الوسط والشمال، وعلى رأسهم البرهان.

هذه هي الرسالة التي كان يأمل في تعزيزها بإقامته الطويلة في غرب دارفور. المنطقة الواقعة على الحدود مع تشاد، والتي تعاني منذ شهور من دوامة من العنف القاتل، ويسلط حميدتي الضوء على جهوده لإنهاء الاضطرابات.

وبحسب “أفريكان إنتلجنس”، كان زواجه الأخير من امرأة من جماعة العبابدة العرقية، التي تعيش على جانبي الحدود المصرية السودانية وفي سيناء، جزءا من ستراتيجة حميدتي لإظهار شرعيته المحلية مقارنة بالنخب العسكرية في الخرطوم.

حميدتي يستميل الجماعات المسلحة

من معقله في الجنينة، كان حميدتي يحاول تعزيز روابطه المحلية، لا سيما مع الجماعات المسلحة التي وقعت اتفاق جوبا للسلام، وانتقل مؤخرا إلى دارفور. يريد حميدتي على وجه الخصوص الاقتراب من حاكم المنطقة، سليمان أركو ميناوي، المعروف أيضا باسم ميني ميناوي.

في غضون أيام من وجودهما إلى جوار بعضهما، زار ميناوي وحميدتي في وقت سابق من هذا الشهر، الزعيم التشادي المؤقت محمد إدريس ديبي، المعروف أيضا باسم كاكا، الذي كان والده، الرئيس الراحل إدريس ديبي إيتنو، من منطقة على الحدود مع دارفور، وحافظ على علاقات وثيقة مع السودان.

وخوفا من فقدان موطئ قدمه والعودة إلى أساليب البشير التي امتدت لثلاثة عقود، والتي تخلى خلالها المركز العربي إلى حد كبير عن مناطق الأطراف، شرع البرهان أيضا في الانخراط مجددا مع الجماعات المسلحة في دارفور. وبمساعدة منظمة “بروميديشيان” الفرنسية غير الحكومية، اتصل بالجماعات المسلحة الدارفورية، التي لم تكن قد وقَّعت على اتفاق جوبا للسلام، بهدف التفاوض على عودتهم إلى السودان.

علاقة حميدتي مع روسيا

هجوم حميدتي الدبلوماسي والسياسي ضد البرهان، يهدف بشكل أساسي إلى تلميع صورته الدولية ووضعه كمرشح ذي مصداقية إذا أجريت الانتخابات الرئاسية السودانية، حسب موقع “عربي بوست”.

وأردف الموقع، أنه من غير المرجح أن يتغاضى الغربيون عن علاقات حميدتي الوثيقة مع موسكو، حيث كان في زيارة رسمية لها في نهاية شباط/ فبراير الماضي.

يجدر بالذكر، أن قوات الدعم السريع المرتبطة بحميدتي، تعمل جنبا إلى جنبٍ مع مجموعة “فاغنر” شبه العسكرية المرتبطة بالكرملين، والتي غالبا ما يزور زعيمها يفغيني بريغوزين الخرطوم.

“وتراقب واشنطن تلك العلاقات عن كثب، ما قد يؤدي إلى عقوبات مالية أميركية ضد زمرة دقلو. وهذا تهديد لا يستهين به حميدتي”، على حد ما ورد في موقع “عربي بوست”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.