من الصعب أن تمر أي مهنة، ومنها الطب دون أخطاء أثناء ممارستها، ولكن في معرض الممارسة المهنية تنص القوانين على معايير في الخطأ تعتمد على العمل المثالي، وبناء على ذلك فإن القانون يعاقب على الأخطاء الطبية التي تؤدي إلى الوفاة، أو إلى تفاقم الحالة بما يتعرض معها المريض لإعاقة دائمة أو مؤقتة.

وبحسب قانون العقوبات، فإن الخطأ الطبي هو من الجرائم جنحوية الوصف، تنظر فيها محاكم بداية الجزاء، ونص قانون العقوبات في المادة 550 المتضمنة أنه، من تسبب بموت أحد نتيجة إهمال أو قلة احتراز أوعدم مراعاة القوانين، واستنادا إلى هذه المادة تندرج الأخطاء الطبية تحت بند القتل والإيذاء غير المقصود، كونه لا توجد نية جرمية لدى الشخص، ومثال ذلك جرائم حوادث السير والأخطاء الطبية لافتا إلى أن الطبيب مكلف بالعناية الطبية لأقصى درجات العناية ولكنه ليس ضامنا كافلا للنتيجة.

حصانة للأطباء

في تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية اليوم، أصدرت وزارة العدل تعميما تضمن عدم اتخاذ أي إجراء بحق الطبيب ومنها توقيفه بالجرم الذي يتصل بالمهنة، إلا بعد الاستعانة بخبرة طبية جماعية اختصاصية لتحديد سبب الوفاة أو الإيذاء المنسوب إلى الطبيب في معرض قيامه بعمله ليصار على ضوء الخبرة اتخاذ الإجراء القانوني المناسب.

التعميم طلب من جميع القضاة وخاصة قضاة النيابة والتحقيق مراعاة النصوص الخاصة في قانون التنظيم النقابي لنقابة الأطباء والمتعلقة في أصول ملاحقة أعضاء نقابة الأطباء بجرم يتصل بالمهنة سواء لجهة إبلاغ النقابة أم لجهة حضور ممثل النقابة التحقيقات.

التعميم أشار إلى أن هذه الإجراءات جاءت باعتبار أن مهنة الطب من المهن الإنسانية الاجتماعية غايتها وقاية ومعالجة المرضى من الأمراض كما أن توقيف الطبيب بسبب أخطاء منسوبة إليه نتيجة ممارسة المهنة له تأثير على سمعته، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي وكذلك أيضا من منطلق الحرص على سمعته الطبية السامية وممارستها.

إقرأ:تسعيرة جديدة لـ”كشفية” الأطباء في سوريا

مامدى تطبيق القانون؟

تطبيق القانون يختلف في الواقع عن التداول الإعلامي لهذا القانون، ففي السنوات الأخيرة وقعت العديد من الأخطاء الطبية خلال علاج المرضى، منها ما أدى للوفاة، ومنها ما تسبب بإعاقة دائمة أو مؤقتة للمرضى.

ففي حديث خاص لـ”الحل نت”، من السيدة أم خالد، والتي تنزل حاليا في أحد مشافي دمشق، تقول”أعاني منذ سنوات من آلام في الركبتين، حيث تم تشخيص الحالة بأنها تآكل في غظروف الركبة، ولكن مع العلاج كانت الأمور جيدة، ومنذ نحو أسبوعين وُصف لي أحد الأطباء في منطقة صحنايا بأنه طبيب جيد، وعندما ذهبت إليه أصر أن يحقن مفصل الركبتين بمصل يساعد على سهولة الحركة”.

وأضافت أم خالد،”وعلى الرغم من أنني أخبرت الطبيب أنني أعاني من مرضي السكر وضغط الدم، إلا أنه لم يبالي وقام بحقني بإبرتين، وتقاضى مبلغ 150 ألف ليرة ثمن كل إبرة، وفي نفس اليوم تفاقمت حالتي، وعند الاتصال به، قال بكل بساطة أنا لا دخل لي، وأخبر أولادي بأن ينقلوني إلى المشفى، وأنا في المشفى منذ نحو 10 أيام، حيث أُجريت لي عملية في ركبتي اليمنى، وأنا الآن غير قادرة على تحريك أي من ساقي”.

وأشارت أم خالد، إلى أن الطبيب المعالج في المشفى الذي تنزل فيه أكد أن ما أصابها نتيجة لخطأ أثناء عملية الحقن، إلا أن الطبيب الذي حقنها يرفض الاعتراف بخطأه مشيرة إلى أنه كلمهم بصيغة متعالية تؤكد أنه يستند على أحد الشخصيات القريبة من السلطة.

قد يهمك:الخدمة الإلزامية تقلل من هجرة الأطباء السوريين.. ما القصة؟

هل يحفظ التعميم الجديد كرامة الطبيب؟

نقيب الأطباء غسان فندي، أكد أن الهدف من هذا التعميم حماية الطبيب في عمله ولمهنته السامية وألا يعاقب الطبيب مسبقا على أي عمل أو خطأ قبل ثبوته وذلك حفاظا على مهنة الطب والرسالة الإنسانية التي يحملها الطبيب، مشيرا إلى أن النقابة ليست ضد أن يعاقب الطبيب على تقصيره أو خطئه ولكن في حال ثبوت ذلك.

من جهته وصف رئيس فرع نقابة الأطباء في ريف دمشق خالد موسى، التعميم بأنه إنجاز لما له من آثار إيجابية من تخفيف الضغط النفسي والأعباء على الطبيب كما أنه نوع من الحصانة له حتى يستطيع أن يقدم الخدمة للمريض، مشيرا إلى أنه سابقا كان توقيف الطبيب قبل صدور تقرير لجنة الخبرة الطبية له آثاره السلبية على سمعته ومهنته.

وأوضح موسى أنه سابقا تم توقيف العديد من الأطباء نتيجة شكاوى مقدمة من مواطنين على وجود أخطاء طبية، لافتا إلى أنه بموجب التعميم الحالي فإنه لا يتم توقيف الطبيب إلا بعد صدور تقرير اللجنة الطبية المختصة، وسابقا تم توقيف العديد من الأطباء لمجرد شكاوى.

ولكن وعلى أرض الواقع، بحسب معلومات خاصة لـ”الحل نت”، فليس هناك حصانة دائمة للأطباء، فهم ما لم يكونوا “مدعومين” فمن الممكن أن يتعرضوا للإعتقال من الأجهزة الأمنية بموجب تقارير كيدية، ودون إبلاغ حتى نقابة الأطباء كما ينص القانون، على الرغم من الاعتقال أو التوقيف تعود صلاحيته للشرطة المدنية، أو الأمن الجنائي في أقصى الحالات، وذلك كما حدث قبل نحو عامين مع الطبيب (إ ز)، رئيس شعبة القثطرة في مركز الباسل لأمراض القلب بدمشق، والذي اعتقله الأمن العسكري من عيادته في شارع بغداد بدمشق، نتيجة لتقرير كيدي، واستمر اعتقاله نحو شهر قُتل خلاله نتيجة التعذيب، وجرى ذلك دون أن يخضع لأي تحقيق أصولي، ودون إبلاغ نقابة الأطباء التي ادعت أن وفاته نتيجة لإصابته بفايروس “كورونا”.

إقرأ:سوريا.. المهندسون ممنوعون من الدعم الحكومي والأطباء “دراويش”

تسعيرة جديدة للأطباء

تقرير سابق لـ”الحل نت” بين أنه يتم التحضير لإطلاق تسعيرة جديدة للأطباء، حيث أن التعديل على تسعيرة الكشف الطبي في مرحلة الدراسة الأخيرة وستصدر قريبا.

فالقرار التنظيمي رقم 79 لعام 2004، نص على إعادة النظر في تعرفة الأجور الطبية كل ثلاث سنوات أو كلما دعت الحاجة من قبل لجان متخصصة، وكانت آخر تسعيرة أصدرتها وزارة الصحة كانت عام 2004، لذلك أصبحت هناك فجوة عن تعديل خمس مرات لو تم التعديل كل ثلاث سنوات وفق القرار.

وكانت نقابة الأطباء عملت في شهر أيار/مايو الماضي، على وضع تسعيرات جديدة للوحدات الطبية والكشف الطبي وستكون التسعيرة منصفة للمواطن والطبيب، حسب وصفها.

وأضافت أن الوحدة الطبية الواحدة ستكون بـ 4 آلاف ليرة سورية، وكلفة الكشف الطبي من 2 إلى 3 وحدات فما فوق، أي ما يعادل 12 ألف ليرة سورية، أما بالنسبة للطبيب الاختصاصي منذ 10 سنوات أو أكثر، فيأخذ من 3 إلى 4 وحدات طبية، وذلك بحسب الأسعار المتداولة.

كما أشارت النقابة إلى أن التسعيرة تختلف بين منطقة وأخرى، فمثلا في الأرياف تكون أقل حيث تقدر كشفية الطبيب في ريف حلب واللاذقية بين 6-5 آلاف ليرة سورية، أما في دمشق أو حلب فتكون التسعيرة أعلى.

ولكن التسعيرات على أرض الواقع تخالف ما تتحدث عنه نقابة الأطباء، فقد تم تداول العديد من المعلومات حول قيام الأطباء برفع تسعيرة المعاينات الطبية، حيث بلغ بعضها نحو نصف راتب موظف حكومي، أي أكثر من 45 ألف ليرة سورية، بحسب متابعة “الحل نت”.

أما بالنسبة للعمليات الجراحية، فبحسب نقابة الأطباء، فإن التسعيرة الأخيرة ستكون بحسب نوع العملية فمثلا سيكون أجر عملية “الولادة القيصرية” بمعدل 15 – 20 وحدة طبية أي 80 ألف ليرة سورية على الأقل.

قد يهمك:تصرفات صادمة في دمشق.. سمسرة بنقل المرضى من المشافي العامة إلى الخاصة

أما بالنسبة لتكاليف الإقامة في المشافي، فإن ذلك يعتمد على تصنيف المشافي لدرجات اعتمادا على إمكانية المشفى وعدد الغرف وعدد الأسرّة، وتحدد الإقامة وكلفة السرير من 50 إلى 100 ألف سوري في اليوم الواحد، أما في حال تجاوز هذا الرقم فهذا يعتبر مخالفة. إلا أن التكاليف الحقيقية للإقامة في المستشفيات في العاصمة دمشق تتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية لليوم الواحدة مهما كان تصنيف المشفى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.