رغم المباحثات الأخيرة بين كل من روسيا وتركيا، حول العملية العسكرية التركية المحتمل إطلاقها في مناطق من الشمال السوري، وسعي أنقرة للحصول على ضوء أخضر من أجل بدء الهجوم العسكري، بحجة إقامة “المنطقة الآمنة“، إلا أن الموقف التركي يبدو أنه يتعقد شيئا فشيئا مع تأكيد روسيا على رفض أي شكل من أشكال التحرك العسكري التركي في المنطقة.

رفض روسي واضح؟

في توضيح لموقفها، اعتبرت موسكو على لسان مبعوثها الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف، اليوم الأربعاء، أن عملية تركيا العسكرية المحتملة في سوريا “عمل غير حكيم“، لأنها قد تتسبب في تصعيد الوضع وزعزعة الاستقرار.

قد يهمك: “مرتزق” سوري يروي قصة نقله من تركيا للقتال في ليبيا

كما أشار لافرنتيف في تصريحات نقلتها مواقع إعلامية روسية، إلى أن موسكو لن تغض الطرف عن العملية العسكرية التركية الجديدة في شمال سوريا مقابل موقف أنقرة من انضمام فنلندا والسويد لحلف “الناتو“.

ودعا لافرنتيف في التصريحات التي جاءت على هامش اجتماعات “أستانا“، أنقرة لحل قضية الشمال السوري بشكل سلمي، لافتا إلى أن محادثات “أستانا“، ستشهد مناقشة الأوضاع الميدانية على الأرض.

وبحسب لافرنتييف، فإن روسيا في محادثات “أستانا” التي تقام يومي 15 و16 من يونيو الجاري في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان ستحث الزملاء الأتراك على الامتناع عن هذه الخطوة وإنهاء المخاوف التي أثيرت من خلال الحوار بين الطرفين.

من جانبه انتقد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك، رفض بعض الدول الحليفة (في إشارة إلى روسيا) دون أن يسميها للعملية العسكرية التركية التي تحضر لها أنقرة في الشمال السوري.

ونقلت الأناضول عن جيليك قوله في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة الثلاثاء: “كلما قطعت تركيا شوطا جديدا في مكافحة الإرهاب أو خططت لعملية جديدة، تشعر بعض الدول الحليفة، الديمقراطية على وجه الخصوص، بالقلق” حسب قوله.

مصالح موسكو

الكاتب في الشأن الروسي طه عبد الواحد، يرى أن هناك أكثر من موقف روسي من العملية التركية شمالي سوريا، إذ تحاول موسكو التعبير عن استيائها من الدور الأميركي، عبر الإعلان عن تفهمها للمخاوف الأمنية التركية.

ويستبعد عبد الواحد خلال تصريحاته التي خصّ بها “الحل نت“، أن يثني الرفض الروسي، تركيا عن البدء بالعملية العسكرية.

ويعتبر عبد الواحد أن روسيا تريد من تصريحاتها التي تعبر فيها عن رفضها للعملية التركية تسجيل موقف أمام حكومة دمشق ومؤيديها، وكذلك أمام حلفائها لاسيما الإيرانيين، “لكن بشكل عام روسيا ستكون مستفيدة أكثر في حال كانت الهيمنة التركية في المنطقة أقوى من الهيمنة الأميركية في سوريا“.

قد يهمك: ما دور دمشق في إيقاف العملية العسكرية التركية غربي الفرات؟

تغيير الوجهة والأهداف؟

الرفض الدولي المتكرر للعملية التركية، دفع بالرئيس التركي إلى تحديد وجهته بدقة، فبعد أن كان يتحدث عن عملية تشمل الدخول 30 كيلو مترا بعمق الأراضي السورية، حدد أردوغان لاحقا وجهته صوب منبج وتل رفعت غرب الفرات، ذات النفوذ الروسي.

موعد جديد للتحركات العسكرية التركية شمالي سوريا، ذكره تقرير لصحيفة “حرييت” التركية، الذي أشار إلى أن فترة ما بعد عيد الأضحى، ستكون فترة هجوم القوات التركية على الأهداف التي تم الإعلان عنها.

ويوضح التقرير أن التعزيزات العسكرية التي ستشارك في العملية المحدودة في تل رفعت ومنبج بريف حلب، “لم تصل كاملة حتى الآن، إذ من المتوقع أن تزداد الشحنات العسكرية اعتبارا من الأسبوع المقبل“.

وتسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على مدينة منبج ومعظم ريفها، إذ تعتبر المدينة نقطة خلاف بين تركيا وأميركا من جهة، وبين تركيا وروسيا من جهة أخرى، وسط غموض في الاتفاقات السابقة على مصير المدينة.

أما الهدف الثاني لتركيا وهي مدينة تل رفعت، فتقع تحت النفوذ الروسي، وفيها خليط عسكري من قسد ومجموعات من القوات السورية، الموجودة إلى جانب عناصر من الشرطة العسكرية الروسية.

أميركا والدور الحاسم

وبالتزامن مع استمرار الحديث عن العملية، وسعت أميركا انتشار قواتها ودورياتها وسيرت طائرات شرق الفرات، لتأكيد حماية حلفائها.

 كما أعلنت واشنطن وأبلغت أنقرة عبر مندوبتها إلى الأمم المتحدة ليندا غريفيلد رفضها أي هجمات عسكرية، معتبرة أن ذلك سيضر بالاستقرار الإقليمي.

من الواضح أن ما يجري في الشمال السوري فصلا جديدا، لن تكون العملية التركية حال حدوثها سوى جزء بسيط من إعادة ترتيب المشهد السوري بشكل كامل، يكون للولايات المتحدة الكلمة الفصل في تحديد مصير هذا الملف، خاصة بعد تدهور العلاقات مع روسيا إثر غزو الأخيرة لأوكرانيا.

اقرأ أيضا: صمت روسي أمام “المنطقة الآمنة” التركية في سوريا.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.