بعد عام ونصف من ابتعادها عن المشهد السياسي العراقي، ها هي مرجعية النجف تعاود الحديث عنه، وتمارس التلميح والإشارات، دون تسميات تذكر.

الجديد جاء عبر أحمد الصافي، ممثل المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العراق والعالم، آية الله علي السيستاني، في كلمة له إبان ذكرى فتوى “الجهاد الكفائي”.

الصافي، قال إن المرجعية العليا حاضرة وتراقب المشهد السياسي الحالي في العراق، وكانت قد حذّرت من أمور كثيرة تتعلق بالبلاد في وقت مضى.

وأردف الصافي، أنّ المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، قال إن “الأمة التي تفقد إرادتها، لا تستطيع الدفاع عن نفسها”.

لم تنتهِ الفتنة

الصافي شدّد، على أن “التأريخ لا بد أن يكون حاضرا بيننا، والأمة التي تغلق الأذن، ستقع في المستنقع”.

ونوّه ممثّل مرجعية النجف بقوله: “واهم من يعتقد أن الفتنة في البلاد قد انتهت”

وأضاف الصافي، أنّ العراق مرّ بفترة صعبة جدا قبل فتوى “الجهاد الكفائي”، وقرار الفتوى “تأريخي ووطني وديني”، على حد تعبيره.

الصافي أكّد، أن “من أوصل البلد إلى ما قبل الفتوى، ليس له القدرة على مسك زمام التغيير، سوى فتوى الجهاد الكفائي التي أوقفت عصابات داعش الإرهابية”.

حديث مرجعية النجف جاء بمناسبة الذكرى الثامنة لفتوى “الجهاد الكفائي”، وبالتزامن مع التطورات الأخيرة للمشهد السياسي في العراق، بعد انسحاب الكتلة الفائزة في الانتخابات من البرلمان العراقي.

تلميح للمالكي

في منتصف حزيران/ يونيو 2014، أصدرت مرجعية النجف فتوى “الجهاد الكفائي”، للتطوع في محاربة تنظيم “داعش”، الذي سيطر في 10 حزيران/ يونيو من ذات العام، على محافظة نينوى ثم ثلث مساحة العراق.

بعد تلك الفتوى، تطوع عشرات الآلاف من أبناء الوسط والجنوب العراقي لمقاتلة “داعش”، قبل أن تستغل الميليشيات الموالية لإيران تلك الفتوى، وتؤسس “الحشد الشعبي”.

وفسّر مراقبون للشأن العراقي، كلمة مرجعية النحف اليوم بشأن فترة العراق ما قبل “داعش”، وأن الفتنة لم تنتهِ بعد، بأنها رسالة واضحة لرئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، ولقوى “الإطار التنسيقي”.

وكان زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، إبان سقوط الموصل وثلث مساحة العراق بيد “داعش”.

وخلق المالكي في تلك الفترة “فتنة” بين السنة والشيعة، واستخدم البطش لمنافسيه السياسيين من الطائفة السنية، لتنزلق الأمور بعدها، ويستغل “داعش” تلك الأحداث ويسيطر على مساحات واسعة من البلاد.

تحذير من “الفتنة”

مراقبون للمشهد السياسي العراقي، يحذرون من إمكانية نشوب “فتنة” جديدة اليوم، وانجرار البلاد إلى حرب أهلية شيعية شيعية بين “التيار الصدري” بقيادة مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” الموالي لإيران.

ذلك التحذير، هو نتيجة التوتر الحاصل بين الطرفين، بسبب انسحاب الصدر من العملية السياسية واستقالة كتلته من البرلمان، بعد عدم قدرته على تشكيل حكومة من دون “الإطار”، رغم فوزه في الانتخابات المبكرة الأخيرة.

وكان “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و”السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن”، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي”.

عناد وإخفاق

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

وعاش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

ذلك الفشل، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة