حتى مع انسحابه من العملية السياسية واستقالة كتلته من البرلمان العراقي، فإن خصوم زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، من قوى “الإطار التنسيقي” لم تعرف الراحة، بل دخلت في مأزق، هذا ناهيك عن انزعاج إيراني من خطوة الصدر.

في التفاصيل، سلط تقرير نشرته وكالة “رويترز” البريطانية، آمس الثلاثاء، الضوء على تطورات المشهد العراقي بعد انسحاب الصدر من البرلمان، وقال إن إيران تريد تدارك الأزمة، لاقنناعها بأن الانقسام الشيعي يصب بمصلحة اللآخرين في الجوار العراقي.

التقرير بين، أن انسحاب الصدر من البرلمان زاد من مخاطر حدوث تصعيد سياسي كبير، ربما يدخله في نزاع مع خصومه المدعومين من إيران، أو إلى فرض تسوية فيما يتعلق بمساعي تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وعزا التقرير المطول، سبب الانسحاب إلى “إحباط الصدر من عدم قدرته على تشكيل حكومة أغلبية بعد 8 أشهر من فوز كتلته بأكبر حصة من المقاعد في الانتخابات المبكرة”.

تعميق الصراع

تقرير “رويترز” ذكر، أن خطوة مقتدى الصدر، تشير إلى تعميق الصراع على النفوذ الذي تصاعد منذ 2003 في العراق، وتشكل في نفس الوقت “معضلة كبيرة لخصومه المدعومين من إيران”.

وأشار التقرير، إلى أنه من الناحية النظرية، يمكن لخصوم الصدر تشكيل حكومة لتحل محل الحالية التي تواصل تصريف الأعمال، لكن في الواقع، مثل تلك الخطوة ستثير اضطرابات، بل وحتى حالة من الصراع، “في ظل ما يتمتع به الصدر من قاعدة دعم واسعة كانت مسلحة في وقت ما”.

وبحسب قراءة التقرير، فإن خطوة الصدر لم تلق الترحيب من قبل إيران، بل أزعجتها؛ لأنها تبرز الانقسامات بين الشيعة، والتي تهدد بتقويض نفوذ طهران في بغداد، وتصب في مصلحة منافسيها من دول الخليج.

التقرير لفت، إلى أن “خصوم الصدر المدعومين من إيران يتحركون بحذر، إذ يدركون جيدا قدرته على حشد أنصاره، وتنظيم تظاهرات ضخمة تملأ الشارع”.

وبحسب تقرير “رويترز”، فإن خصوم الصدر، لن يستطيعوا تشكيل حكومة جديدة، وإن تشكلت فستولد ميتة؛ لأن أتباع مقتدى الصدر لن يقبلوا أن يروا زعيمهم مكسورا ومعزولا سياسيا من قبل القوى المدعومة من إيران.

وبيّن التقرير، أن زعيم “تحالف الفتح” المقرب من إيران، هادي العامري، حثّ المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العراق والعالم، علي السيستاني، على التدخل لإنقاذ الموقف في البلاد، بعد انسحاب الصدر من المشهد السياسي.

مسعى إيران

التقرير توقع، أن تسعى إيران لتهدئة الوضع؛ لأن “ما لا ترد حدوثه طهران، هو أن يخوض الشيعة الحرب مع بعضهم بعضا في العراق، وتجنب ذلك السيناريو سيكون محور مساعيها في هذه المرحلة”.

واختتمت “رويترز” تقريرها، أن “إيران تعتقد بأن سيناريو الحرب الشيعية سيخدم الآخرين في المنطقة، بما في ذلك دول الخليج، مما يسمح للأكراد بأن يصبحوا أكثر قوة، وللسنة بتعزيز علاقاتهم مع الدول السنية. لذا فهم لا يريدون للنظام الحالي في العراق، الانهيار”.

الأحد الماضي، وجه مقتدى الصدر في بيان له، رئيس “الكتلة الصدرية” داخل البرلمان العراقي حسن العذاري، بتقديم استقالات جميع أعضاء الكتلة إلى رئاسة البرلمان العراقي.

بعد التوجيه بدقائق، أظهر مقطع فيديو تقديم العذاري استقالات “التيار الصدري” لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والأخير وقع عليها بشكل رسمي.

وكان “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و”السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

هكذا فشل “التحالف الثلاثي”

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن”، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي”.

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

وعاش العراق في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

ذلك الفشل، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة