مجددا عاد الحديث عن الانتخابات المبكرة في العراق كحل للخروج من الأزمة السياسية التي عطلت تشكيل الحكومة منذ أكثر من ثمانية أشهر على الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021.

الأزمة التي نتجت عن عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات حول تشكيل الحكومة القادمة بسبب الانقسام داخل البيت الشيعي، وبين القوى الكردية، ما أدى إلى استقالة “الكتلة الصدرية” أكبر تجمعا نيابيا بـ 73 مقعدا من البرلمان. 

استقالة أعضاء “التيار الصدري” الذي يبرع زعيمه مقتدى الصدر، بتحريك الشارع من خلال جماهيره، تركت خلفها الكثير من الاستفهامات والمحاذير، التي ما تزال القوى السياسية على رأسها “الإطار التنسيقي” الذي عطل مشروع الصدر، إيجاد تفاهم يضمن لهم مضي عملية تشكيل الحكومة بأمان من دون مشاركته، أو صيغة يمكن من خلالها إرضاء الجميع. 

إذ أنه لا يبدو واضحا أن قوى “الإطار” التي أصرت بالدعوة إلى تشكيل “حكومة توافقية” يشترك الجميع فيها، حتى بعد أداء النواب البدلاء عن الكتلة الصدرية لليمين الدستوري في البرلمان الخميس الماضي، وتلويحها في مناسبات عدة بعزمها في المضي بتشكيل الحكومة، أنها واثقة من استمرار عملية سياسة لا للصدر الذي دفع بكتلته إلى الاستقالة بدل الاشتراك مع من وصفهم مؤخرا بـ “أذرع إيران”، حضورا فيها. 

اقرأ/ي أيضا: صعود “دكتاتورية” الحلبوسي.. آخرُ ضحاياه ضابط عراقي رفيع

ماذا قال الخزعلي؟

لعل هذا ما يؤكده تكرار الحديث عن انتخابات مبكرة في أكثر من مناسبة، أخرها يوم أمس الجمعة، حيث أكد الأمين العام لـ “حركة عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، أن العملية السياسية في العراق اصبحت أكثر تعقيدا، وأن الإجراء الطبيعي هو حدوث اتفاق سياسي على إعادة الانتخابات، ما دفع موقع “الحل نت” لمحاولة استقراء المشهد السياسي المستقبلي في العراق، ومدى جدية الخيارات المطروحة وجدواها؟

فبعد غياب الكتلة الصدرية أصبحت العملية السياسة الآن أكثر تعقيدا، كما قال الخزعلي في كلمة بثها مكتبه الإعلامي، وتابعها موقع “الحل نت”، مؤكدا أنه “كيف نتوقع أن تشكل الحكومة؟”، مبينا أن “نتيجة الانتخابات بالشكلين لا تعطينا ظروف مريحة لتشكيل حكومة بشكل مريح”. 

وأضاف أن “الإجراء الطبيعي هو حدوث اتفاق سياسي على إعادة الانتخابات”، مشترطا “تعديل قانون الانتخابات، والغاء التصويت الإلكتروني، وإجراء تغييرات مهمة في المفوضية”.

وتابع الخزعلي، أن “تشمل هذه الانتخابات مجالس المحافظات، لأن هناك مشكلة على مستوى المحافظات فالمحافظ واحد وهو يفعل ما يفعل دون وجود آلية لرقابته”. 

وبين أن “الأخوة في الكتلة الصدرية انسحبوا من البرلمان وهذا أمر مؤسف بحق وليس مدعاة للفرح بغض النظر عن خلافاتنا، لأنهم بالنتيجة جزء من مجتمعنا”. 

الخزعلي أكد أنه “إذا لم يكونوا ممثلين في العملية السياسية ويقمون بدورهم فهذا طبيعي، وإن لم يحصل فهذا يعني وجود خلل وانسحابهم ليس حل، وإنما مشكلة تحولت من طريقة إلى أخرى”. 

اقرأ/ي أيضا: بعد إنهاء عضوية نوابه رسميا.. إلى ماذا يحضر “التيار الصدري”؟

تجنب للصدام وخيار مستبعد

من جهته، عّد رئيس “مركز التفكير السياسي” إحسان الشمري، أن ” القناعة المتوفرة الآن لدى الأحزاب التقليدية والناشئة والنخب والمجتمع، إنه لا جدوى من الانتخابات الجديدة، لا سميا في ظل هيمنة السلاح وسطوة الأحزاب علىالدولة ومقدراتها، بالتالي لا فائدة منها فأن الأحزاب التقليدية هي المتحكمة بالمشهد”.

وقال في حديث خاص لموقع “الحل نت”، إن “الذهاب نحو الانتخابات المبكرة هو نوع من أنواع النأي بالنفس لمن يطلقمثل هكذا خيارات، وبالتأكيد وبغض النظر عن أيا كان”، مشيرا إلى أن “موضوع طرح خيار الانتخابات المبكرة، أيضالتجنب المواجهة مع التيار الصدري الذي سيلوح بما لا يقبل الشك بقضية حل البرلمان”.

كما أنه قد يكون من أسباب الحديث عن الانتخابات المبكرة في هذا التوقيت، أنه “هناك إدراك أو اتفاق على أن هذاالبرلمان الجديد لن يستمر، لذلك تجد التصريحات تتطابق في موضوعة طرح خيار الانتخابات المبكرة،

الشمري الخبير السياسي، يعتقد أن “خيار الانتخابات المبكرة هو ليس الحل الذي يمكن أن يدفع باتجاه تفكيك أزمة العراقوالدولة العراقية، بقدر ما هناك حاجة إلى ما الذهاب لعقد سياسي جديد هو الأهم”.

وهذا ما اتفق معه رئيس “مركز البيان للدارسات والتخطيط” علي طاهر، قائلا إن ” مع انسحاب التيار الصدري وظهور البدلاء، أعتقد أن أمر الانتخابات المبكرة بشكل أو بآخر رحل إلى مرحلة قادمة، بالتالي أن الإطار يمكنه أن يتفاهم مع القوى الكردية والسنية لإيجاد الثلثين، وهذا الأمر سيساعدهم على تشكيل الحكومة بأغلبية مريحة”. 

خيار مؤجل لقناعة الصدر

طاهر أوضح في حديث خاص لموقع “الحل نت”، أن “خيار الانتخابات المبكرة كان مطروحا إلى ما قبل انسحاب التيار الصدري، على اعتبار أن التوافق كان غير ممكن وتحقيق أغلبية الثلثين أيضا غير ممكنة، ما ولد شكلا من أشكال الانسداد السياسي في العملية السياسية”. 

ولفت إلى أن “حجم المعارضة ستبقى قوية بسبب صعود المزيد من المرشحين المستقلين ومن الأحزاب الناشئة، إلا أن خيار الانتخابات المبكرة سيكون مؤجلا إلا مرافقة عملية تشكيل الحكومة احتجاجات واستعمال التيار الصدري إلى الشارع”، مبينا أنه “في الوقت الحالي هذا السيناريو الوحيد الذي يمكن تخيله بقناعة البرلمان الجديد في المضي إلى انتخابات مبكرة”.

وفي التاسع من حزيران/يونيو الحالي، وجه مقتدى الصدر أعضاء كتلته إلى تقديم استقالاتهم إلى رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، بعد فشله مع حلفائه في تحالف “إنقاذ وطن” من الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، وتحالف “السيادة” الجامع لمعظم القوى السنية، بالمضي في تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”. 

وكان ائتلاف “الإطار التنسيقي” بـ 88 مقعدا، (يضم القوى الشيعية المقربة من إيران، إلى جانب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، و17 نائبا سنيا)، قد وقف بوجه مشروع “الأغلبية” داعيا إلى حكومة “توافقية”، وهذا ما رفضه الصدر بشكل قاطع مفضلا ترك الساحة لهم بتشكل الحكومة. 

اقرأ/ي أيضا: التلويح بعودة المالكي لرئاسة الحكومة العراقية.. واقعية أم ورقة ابتزازية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.