تستمر تحركات الكاظمي الإقليمية، وسط مشهد الصراع السياسي في العراق، والذي يأتي ضمن تحولات كثيرة تشهدها المنطقة، لعل أبرزها تخفيف التوتر بين إيران من جهة، والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى.

والعراق ليس بعيدا عن الصراع بين الدولتين، فقد تأثر في الأعوام الماضية بشكل كبير نتيجة هذا الصراع، خاصة مع وجود قوى سياسية، ومسلحة عراقية لها تواصل مع طهران.

وقد زار الكاظمي كلّا من المملكة العربية السعودية وإيران، والتقى في الرياض بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما التقى في طهران بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وأعلن الكاظمي من طهران أن “العراق لعب دور الوساطة بين طهران والرياض، لإنهاء الخلاف بينهما، كما أن بغداد تسعى لتقريب وجهات النظر، وحل مشاكل المنطقة، باعتبار ذلك يؤثر على استقرار البلد”.

رسائل تطمين في تحركات الكاظمي الإقليمية

المحلل السياسي أحمد الخضر، يقول إن “تحركات الكاظمي الإقليمية جاءت لإكمال المشروع الذي طرحه العراق، لإنهاء التوتر والصراع بين إيران والسعودية”.

مبيّنا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الزيارتين تأتيان في وقتٍ حساس، وبالتزامن مع الزيارة القريبة، التي سيجريها الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، كما أنهما يأتيان في وقت احتدام أزمة المشهد السياسي العراقي”.

وأضاف أن “الكاظمي أرسل رسالة تطمين من الجانب السعودي، بأن زيارة بايدن للمنطقة لن تكون ضد طهران. كما أن بغداد لعبت دورا فاعلا في إنهاء توتر تشهده المنطقة منذ سنوات، ولهذا فإن تحركات الكاظمي الإقليمية تتمتع بأهمية كبيرة”.

موضّحاً أن “التأثير الإيراني على الداخل العراقي، وخاصة في عملية اختيار رئيس الحكومة، كبير جدا، وهناك رضا من طهران على الكاظمي، ودعما لحصوله على الولاية الثانية”.

هل ستتمرد الفصائل بعد تحركات الكاظمي الإقليمية؟

وأشار الخضر إلى أنه “بعد تحركات الكاظمي الإقليمية، قد تتمرد بعض قوى الإطار التنسيقي على موقف إيران، ورغبتها بترشيح الكاظمي لولاية ثانية في رئاسة الحكومة العراقية، لأن تلك الأطراف، وتحديدا الفصائل المسلحة، تخشى من إقدام الكاظمي، في ولايته الجديدة، على إنهاء دورها، ونزع أسلحتها”.

وعرفت ولاية الكاظمي الأولى، صراعا كبيرا بين الفصائل المسلحة والدولة العراقية، وصل إلى حد اتهام الكاظمي بالعمالة لصالح الولايات المتحدة الأميركية.

كما اتهمت الفصائل المسلحة، وأبرزها كتائب حزب الله العراقي، وعصائب أهل الحق، الكاظمي بالمشاركة بعملية مطار بغداد، التي أدت لاغتيال رئيس فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

ولا يمتلك الكاظمي أية كتلة سياسية، أو حزب في البرلمان العراقي، ولكنه يطمح، بحسب عدة مصادر، لتولي رئاسة الحكومة العراقية مجددا. وهذا ما يفسر تحركاته الإقليمية الأخيرة.

رغبةٌ دولية بالتجديد للكاظمي

وتقول مصادر سياسية مختلفة، إن هناك رغبة أميركية خليجية إيرانية مشتركة بتولي الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية مجددا.

الكاتب والمحلل السياسي محمد التميمي يؤكد أن “تحركات الكاظمي الإقليمية حققت نجاحات كبيرة في تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران”.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “هناك اجتماعا قريبا سيُعقد في بغداد بين شخصيات إيرانية وسعودية، وسيكون على الأغلب على مستوى وزراء الخارجية. وهذا الأمر مهم جدا، وخطوة تُحسب للعراق، لأن الصراع بين الدولتين أثّر على الأوضاع في البلاد”.

وأوضح أن “ملف تشكيل الحكومة العراقية كان حاضرا وبقوة في تحركات الكاظمي الإقليمية، والجميع يعرف دور إيران، وكذلك السعودية، بعملية اختيار الرئاسات في العراق”.

مشيرا إلى “معلومات تؤكد بأن إيران ليس لديها أي تحفظ على اختيار الكاظمي رئيسا للحكومة العراقية لولاية أخرى، ولكن في الوقت نفسه هناك جهات داخل الإطار التنسيقي تتحفظ على اختيار الكاظمي، بالرغم من وصول رسالة من طهران، مفادها أنه يجب دعم الكاظمي”.

حظوظ الكاظمي بعد تحركاته الإقليمية

ارتفعت حظوظ الكاظمي لتولي رئاسة الحكومة العراقية مجددا، بعد أن كانت شبه معدومة، خاصة مع صعود الإطار التنسيقي، وتسلّمه زمام المبادرة في المشهد السياسي العراقي.

ومن المعروف أن الكاظمي، كان يتمتع بعلاقات ممتازة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والتحالف الثلاثي السابق، الذي كان يضم، بالإضافة للصدر، كلا من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف السيادة بزعامة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي.

مراقبون للشأن العراقي يرون، أن تحركات الكاظمي الإقليمية أوصلت رسالة مفادها، أن العراق بعيد في المرحلة الحالية عن سياسة المحاور، خاصة وأنها تأتي قبيل انعقاد قمة الرياض المرتقبة، التي دعا إليها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وستشمل، إضافة للرئيس الأميركي جو بايدن، قادة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق.

كما أن زيارة طهران، التي كانت أحد أبرز محطات تحركات الكاظمي الإقليمية، تسعى لكسب ود الحكومة الإيرانية، باعتبارها اللاعب الرئيسي في المشهد العراقي، ليضاف هذا إلى التأييد الأميركي، الذي يحظى به الكاظمي، ما قد يؤهله للظفر بمنصب رئاسة الحكومة. خاصة وأن الإطار التنسيقي، والقوى المعترضة على تولي الكاظمي، لن ترشح شخصية يعترض عليها الصدر، كون الأخير يمتلك ثقلا شعبيا، يمكّنه من تحريك الشارع العراقي، حتى وإن انسحب نوابه من البرلمان العراقي.

أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة

وكانت مصادر إعلامية قد طرحت، قبيل تحركات الكاظمي الإقليمية، عدة أسماء مرشحة من قبل القوى السياسية لشغل منصب رئاسة الحكومة، أبرزها نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون؛ وهادي العامري، رئيس تحالف الفتح؛ وأسعد العيداني، محافظ البصرة الحالي؛ فضلا عن طرح اسم الكاظمي.

ووفقاً للدستور العراقي، وتحديدا المادة 76 منه، فإن رئيس الجمهورية، وبعد انتخابه مباشرة، يكلّف مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر بتسمية الكابينة الحكومية، خلال فترة ثلاثين يوما، لتنال ثقة نواب البرلمان العراقي بالأغلبية البسيطة، وهي النصف زائد واحد.

وتولى الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية بعد الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019، وأدت إلى استقالة رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي، الذي اتُهم باستخدام العنف ضد المحتجين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.