إذن، توقعات بنزوح وهجرة ريفية، وانعدام المياه الصالحة للاستخدام البشري، هذا هو المشهد في مدينة المشرح بمحافظة ميسان جنوبي العراق، بسبب شحة المياه. 

الشح ناتج عن تراجع منسوب المياه في نهر المشرح، أحد فروع نهر دجلة الذي يعاني هو في الأساس من انخفاض كبير في مناسيبه، والذي تعتمد الناحية عليه في حاجتها المائية، يقول مدير الناحية منير الساعدي. 

ويضيف في تصريح لوكالة الإنباء العراقية الرسمية “واع”، وتابعه موقع “الحل نت”، بالتالي أن “قلة مناسب المياه في نهر المشرح أدت إلى شح المياه في الجداول والأنهر الفرعية”. 

ليس ذلك فحسب، بل أن الناحية التابعة لقضاء الكحلاء، تعاني أيضا من عدم وصول مياه الإسالة بسبب شح المياه، وفقا للساعدي، الذي أكد اليوم الجمعة، أن “20 نهرا فرعيا في الناحية جف”. 

ولمعالجة الأزمة، الساعدي أوضح، أن “هناك اتفاقا مع مديرية الموارد المائية في المحافظة لزيادة الاطلاقات المائية”، مشيرا إلى أن “سكان القرى والأرياف مهددون بالنزوح والهجرة إلى المدن”.

اقرأ/ي أيضا: هل يعود العراق “لاتفاقية الجزائر” لإنقاذ نهري دجلة والفرات؟

مقترحات علاجية

يوم الثلاثاء الماضي، أكدت وزارة الموارد المائية العراقية، أن قضية الأزمة المائية بحاجة للتعاون مع دول الجوار لتقسيم المياه بعدالة، فيما حددت إجراءين للحفاظ على مياه نهري دجلة والفرات.

وقال مدير عام المركز الوطني لإدارة الموارد المائية حاتم حميد لوكالة الأنباء العراقية “واع“، وتابعه موقع “الحل نت“، إنه “خلال العشرين سنة المنصرمة، ظهرت لدينا حالات جفاف متعاقبة بدأت تقل فترات حدوثها، إذ كانت كل 10 سنوات وحالياً كل 3 أو 6 سنوات نشهد سنة فيها شح، ثم بنحو سنتين أو 3 سنوات.”

ولذلك، فإن “هناك حاجة ملحة، للتعاون مع دول الجوار لتقسيم المياه بصورة عادلة مع العراق لكونه دولة مصب، وهو الأكثر تأثرا بالشح المائي“، مشيرا إلى أن “العراق يعتمد في إيراداته المائية على دول الجوار بنسبة 70بالمئة، و30 بالمئة تتولد داخل البلاد“، بحسب حميد.

كما أضاف، أن “التغيرات المناخية الطارئة خلال العشر سنوات السابقة، أثرت بشكل كبير في الإيرادات المائية، في حين أن هناك مسعيين: الأول إقليمي بالاتفاق مع دول الجوار على حصص مائية تضمن حقوق العراق، والآخر داخلي وطني تتبناه الحكومة العراقية”.

تلك المساعي “من أجل تنفيذ المشاريع التي وردت بالدراسة الاستراتيجية للوزارات القطاعية، وعلى رأسها وزارات الموارد المائية والزراعة والإسكان والبلديات وأمانة بغداد، لاتخاذ إجراءات كافة، لتنفيذ هذه المشاريع من أجل التكيف مع نقص الإيرادات المائية وترشيدها“، وفقا للمدير العام للمركز الوطني لإدارة الموارد المائية.

https://twitter.com/tallalalhariri/status/1540789287016448000?s=21&t=UoHX1r75wxWpbKmggDVahw

اقرأ/ي أيضا: إجراءات عراقية لإنقاذ دجلة والفرات.. هل تنجح؟

تعويض نقص المياه

لصعوبة المسار الإقليمي، فإن العراق يجب أن يسير بالتوازي مع المسعى الوطني، كما يقول حميد، ويشير إلى أن “الوطني يجب أن يكون بأيدينا، وتخصيص المبالغ لتنفيذ المشاريع، وتقليص الاستهلاك المائي في القطاع الزراعي”.

وأكد أن “ذلك وحده يوفر لنا كميات كبيرة من المياه بالإمكان تعوض النقص الحاصل“، موضحا أن “هناك مشاريع على تلك الوزارات التي ذكرتها تسعى من خلالها الحكومة توفير الأموال اللازمة لغرض تنفيذ هذين المسميين لغرض الحفاظ على نهري دجلة والفرات“.

الجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي ديماس أن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات، بنسب وصلت إلى 73 بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة“.

يشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد أليسو قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهر، وروافد تنبع من إيران مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.

https://twitter.com/saifsalahalhety/status/1541130353867460613?s=21&t=UoHX1r75wxWpbKmggDVahw

حجم الأزمة

كما أن الرئيس العراقي برهم صالح، كان قد أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن “العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10,8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحّ المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات“.

ما يمكن الإشارة له أيضا، أن انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، تتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه، وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

https://twitter.com/z30533032/status/1541816022067564545?s=21&t=UoHX1r75wxWpbKmggDVahw

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

ودفع قطع المياه عن العراق من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شحّ المياه في البلاد.

اقرأ/ي أيضا: تجربة مصرية لمواجهة أزمة المياه في العراق

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.