بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، كان متوقعا أن ترتفع الأسعار بشكل عام في سوريا، الأمر الذي يتكرر في كل الأعياد والمناسبات، وخاصة أسعار اللحوم، حيث يزداد الطلب عليها خلال هذه الفترات، وبالتالي التجار يستغلون الأمر ويتجهون لرفع الأسعار، وكل ذلك وسط غياب أي دور حكومي في ضبط الأسعار. ونتيجة لهذه الديناميكية، تشهد الأسواق السورية خلال الفترة الحالية وحتى اقتراب عيد الأضحى، ارتفاعا في أسعار الفروج والبيض.

الحكومة تسبب بالأزمات

مدير عام المؤسسة العامة للدواجن سامي أبو الدان، عزا ارتفاع أسعار الفروج والبيض الذي تشهده الأسواق خلال الفترة الراهنة، إلى زيادة الطلب المتزايد والعرض الأقل، هذا بالنسبة إلى البيض الذي ارتفع سعره إلى نحو 15000 ليرة سورية لصحن البيض الواحد، أما زيادة أسعار الفروج فلها أسباب أخرى تتعلق ببدء الموسم السياحي واقتراب عيد الأضحى، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين.

ولدى استفسار الصحيفة المحلية عن إمكانية انخفاض الأسعار قريبا، قال أبو الدان، إنه لا يمكن أن يكون هناك انخفاض في المرحلة الراهنة لأسعار الفروج والبيض، مشيرا إلى أن إنتاج المؤسسة من البيض يشكل 30 بالمئة من حاجة السوق المحلية، على حين أن إنتاج المؤسسة من الفروج أقل بكثير من 10 بالمئة.

أما بالنسبة للصعوبات التي تواجه هذا القطاع، قال أبو الدان، إن ارتفاع التكاليف والتسعير يشكل عقبة أمام صغار المربين الأمر الذي تسبب بخروج نسبة كبيرة من المداجن والمنشآت عن التربية والإنتاج.

وبيّن أبو الدان، أن هذه النسبة تتزايد، حيث وصلت إلى نحو 70 بالمئة من المربين “بالقطاع الخاص”، ولم يبق سوى الذين يتحكمون بالأسعار، إضافة إلى وجود صعوبات كبيرة يعانيها قطاع الدواجن في سوريا تتمثل بالارتفاع الكبير في أسعار المواد العلفية، مستغربا من انخفاض أسعارها في لبنان بنسبة كبيرة عن أسواق سوريا.

ضمن سياق النشرة التموينية والتكاليف الحقيقية، أكد أبو الدان خلال حديثه مع الصحيفة المحلية، أن هناك عدم توافق بين أسعار النشرات التموينية وتكاليف الإنتاج الحقيقية، مشددا على ضرورة أن “تكون الجهات المعنية أكثر تجاوبا مع مطالب قطاع الدواجن لأن حل هذه المشكلة لا يمكن أن يتم إلا بتدخل حكومي وحتى نستطيع أن ننافس القطاع الخاص نحن بحاجة إلى مليارات الليرات”.

وذكر أن هناك تناقضا بين الكلفة الحقيقية لأسعار البيض وبين نشرة الأسعار سواء للقطاع العام أم الخاص، منوّها إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لا تسعّر على أساس التكلفة وزيادة هامش الربح لمربي الدواجن وهذا يسبب خسائر كبيرة للمربين، ويلجأ بعضهم للانسحاب من الأسواق وبالتالي يكون هناك قلة في الإنتاج والعرض وبالتالي ترتفع الأسعار.

قد يهمك: موجة الغلاء تتواصل.. ضيافة العيد لارتفاع جديد

أكثر القطاعات “تضررا”

في سياق مدى تضرر قطاع الدواجن في سوريا، قال أبو الدان للصحيفة المحلية، أنه من أكثر قطاعات الثروة الحيوانية تضررا خلال سنوات الماضية، حيث توقف 60 بالمئة من المزارع والمنشآت بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية والعقوبات المفروض على سوريا، ما جعل منشآت المؤسسة تواجه تحديات استثنائية وغير مسبوقة تتمثل بارتفاع أسعار المواد العلفية المستوردة التي تتجاوز قيمتها 70 بالمئة من تكاليف الإنتاج وعدم توافر السيولة المالية اللازمة لتأمين مخزون علفي طويل الأمد واستثمار جميع خطوط الإنتاج إضافة إلى خروج أربعة منشآت من الخدمة (حلب، الحسكة، الرقة، معرة النعمان)، كذلك يوجد صعوبات باستيراد صيصان أمات البياض من الشركات الأوروبية المتخصصة بإنتاج عروق الدواجن.

والتحدي الأكبر، بحسب أبو الدان، هو موضوع التقنين الكهربائي الطويل والمتكرر مع صعوبة تأمين مادة المازوت اللازمة لتشغيل تجهيزات الحظائر. هذا كله مترافق مع تعثر العملية التسويقية نتيجة توقف الأسواق التصديرية وضعف القوة الشرائية كون أسعار منتجات الدواجن مرتبطة بموضوع العرض والطلب.

إضافة إلى قدم الآلات والتجهيزات وتجاوز عمرها الاقتصادي ما يسهم في زيادة نسب الهدر والنفوق الميكانيكي، فضلا عن عدم توافر المسالخ الحديثة وصالات تخزين البيض والفروج لدى منشآت المؤسسة ما يجعل المنتجات تتأثر بالأسعار اليومية (العرض والطلب) من دون القدرة على المنافسة طويلة الأمد، على حد تعبيره.

خسائر مربي “الدواجن”

صناعة وتربية الدواجن في سوريا تعرضت إلى ضربة قاسية مؤخرا بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، ولفترة قريبة تكبد مربو الدواجن الصغار خسائر كبيرة، لا سيما بعد أن انخفض سعر كيلو المباع منهم للتجار بالمقارنة مع تكلفته.

باتت لحوم الدجاج التي تزن ما بين 2-2.5 كجم تباع مقابل 5000 ليرة من مزارع الدواجن، فيما يباع الكيلو المذبوح والمنظف في السوق بـ 9500 ليرة، بهذا الفارق يظهر أن الفائز الوحيد هو التاجر “المسوق”، الذي يشتري الدجاج من مزارعه بسعر منخفض ويبيعها لمحال البيع بسعر مرتفع.

مربو الدواجن، عزوا في حديثهم السابق لصحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا، انخفاض أسعاره لوجود فروج مهرب في الأسواق، قائلين: “على الرغم من التصريحات الأخيرة لوقف التهريب، إلا أن التهريب مستمر، ونتيجة لانخفاض الأسعار في البلدان المجاورة، بما فيها لبنان، وكمية التوريد الكبيرة، انخفضت الأسعار أيضا في سوريا، مما أسفر عن الخسارة الحالية للمربين”.

وأكد المربون حينذاك، أن انخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف الإنتاج دفع عددا كبيرا من المربين إلى التخلي عن التربية بسبب الخسائر الفادحة.

غلاء عام قبل “عيد الأضحى”

مع اقتراب عيد الأضحى، تشهد الأسواق السورية غلاء كبيرا، إذ ارتفعت احتياجات ضيافة عيد الأضحى بأكثر من 30 بالمئة مقارنة بعيد الفطر، مما يجعل الوصول إليها صعبا على المواطنين السوريين، هذا فضلا عن ارتفاع أسعار الفواكه والخضار والأضاحي وغيرها من السلع والمواد الغذائية.

كذلك، فإن أسعار الألبسة وخاصة ألبسة الأطفال لم تسلم من هذا الغلاء، بل هو الهدف الأول لجشع التجار لتفريغ جيوب المواطنين، خاصة وأن هذه المتطلبات في كل عيد، هي من ضمن أولويات الأهالي. فقد وصلت أسعار ملابس الأطفال لأرقام قياسية إذ وصل سعر فستان البناتي لـ100 ألف ليرة سورية، والطقم الولادي لـ70 ألفا، الأمر الذي من المحتمل أن يحرم معظم الأطفال من طقوس شراء الألبسة الجديدة الخاصة بأجواء العيد، والتي اعتاد السوريون إضفائها في هذه المناسبة على أطفالهم، وإدخال الفرحة في قلوبهم.

ونتيجة لارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، وسط تدني الرواتب والمداخيل التي يصل متوسطها إلى 165 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 35 دولارا، ونتيجة لغلاء مستلزمات العيد بشكل خاص إلى أسعار خيالية والتي تفوق قدرة معظم السوريين، سيجعل كل ذلك معظم العائلات تمتنع عن شراء نسبة كبيرة من مستلزمات عيد الأضحى والاكتفاء بالضروريات بحدها الأدنى فقط.

قد يهمك: أضحية العيد تتجاوز 4 ملايين ليرة سورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.