ليس غريبا أو مستبعدا في كل مناسبة، وخاصة فترات الأعياد؛ عيد الفطر وعيد الأضحى، أن تشهد السوق السورية أسعار “خيالية”، وسط غياب الدعم الحكومي، وتدني الرواتب وارتفاع نسب الفقر يوما بعد يوم. رغم شبه انعدام القوة الشرائية لمعظم السوريين اليوم، تشهد أسعار أضاحي العيد ارتفاعا غير مسبوق، إذ تجاوز سعر العجل 5 ملايين ليرة سورية، والخروف نصف المليون وما فوق.

“راتب موظف لـ 5 سنوات”

أسواق محافظة اللاذقية، تشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم الحمراء، بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، وسط شبه انعدام للقدرة الشرائية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود لذبح أضحية العيد.

وذكر حسان (موظف حكومي)، أن عادات وطقوس العيد باتت مختلفة هذا العام من حيث ذبح الأضاحي، إذ بات الناس يتقاسمون المبلغ الكبير لتقديم الأضحية السنوية، بالتشاركية بين عدة عائلات على سبيل المثال، يدفع كل شخص مبلغا معينا لشراء الأضحية وذبحها وتوزيعها على المشتركين بالتساوي، فلا قدرة لأي شخص، وخاصة الموظفين على ذبح الأضحية بشكل إفرادي، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد.

من جانبها، أكدت أم إبراهيم للصحيفة المحلية، أنها لو جمعت مرتبها لمدة عام كامل (من العيد إلى العيد) لن تستطيع جمع ثمن العجل، إلا كل خمس سنوات مرة.

أما رئيس جمعية اللحامين في اللاذقية، عبد الله خديجة، فقد أكد للصحيفة المحلية أن ارتفاع أسعار اللحوم مقارنة بسعرها في رمضان الماضي، أدى إلى انخفاض الطلب على الشراء بنحو 50 بالمئة خلال الفترة الحالية.

وأردف خديجة: إن سعر كيلو لحم الغنم للمستهلك يبدأ من 45 ألف ليرة وما فوق حسب طلب الزبون في حال يريد اللحمة هبرة أو مدهنة، وسعر كيلو لحم العجل بالمفرق يباع بحوالي 40 ألف ليرة، بزيادة 5 آلاف ليرة عن الأسعار في شهر رمضان لكل صنف.

ونوّه رئيس جمعية اللحامين أن حاجة محافظة اللاذقية من الأغنام تتراوح بين 50 – 60 رأس غنم باليوم الواحد، في حين كان الاستجرار خلال شهر رمضان يتراوح بين 100 – 150 رأس غنم في اليوم الواحد، مشيرا إلى أن سعر خروف الأضحية على أن يتجاوز عمره السنة، يتراوح بين 500 ألف ليرة حتى مليون ليرة حسب الوزن، وسعر العجل على أن يكون عمره سنتين وفق مواصفات الأضحية، يتراوح بين 4 – 5 ملايين ليرة حسب وزنه.

تبريرات حكومية

حول أسباب غلاء اللحوم وأضحية العيد، برر خديجة للصحيفة المحلية: إن الارتفاع المتواصل لأسعار المواد العلفية يُعد السبب الرئيسي لغلاء اللحوم، إذ وصل سعر كيلو الشعير إلى ألفي ليرة سوريّة بعد أن كان يباع بحوالي 700 ليرة قبل نحو عام من الآن، ليرتفع تدريجيا مع ارتفاع سعر الصرف لكونه مادة مستوردة.

وأضاف بالقول: إن السبب الآخر لارتفاع أسعار اللحوم هو “التهريب”، موضحا أنه رغم جميع الإجراءات من الجهات المعنية للحدّ من تهريب الأغنام والأبقار، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض الحالات التي تتسبب برفع الأسعار محليا، وخاصة أن الغنم السوري مطلوب في الخارج ولدى دول الجوار كالأردن ولبنان، وفق صحيفة “الوطن” المحلية.

كما واعتبر خديجة أن سوق اللحوم الحمراء حاليا يمر بفترة ركود كبيرة مقارنة بالأشهر الماضية، مع ارتفاع الأسعار لحد يكبد الموظف أعباء مادية كبيرة مع وصول سعر كيلو الصفيحة “لحم العجل” إلى 35 ألف ليرة، وسعر كيلو الصفيحة “لحم الغنم” إلى 50 ألف ليرة، (ما يعادل أكثر من نصف مرتب الموظف على سبيل المثال).

قد يهمك: موجة الغلاء تتواصل.. ضيافة العيد لارتفاع جديد

عدم التقيّد بالنشرة التموينية

في حديث جديد، علق رئيس جمعية اللحامين في دمشق وريفها، أدمون قطيش، على ارتفاع أسعار اللحوم في سوريا بقوله: إن “نشرة الأسعار الجديدة للحوم في دمشق درستها جمعية اللحامين، وعلى أساس هذه الدراسة انعقد لقاء مع المكتب التنفيذي في محافظة دمشق قبل أربعة أيام، وصدر بعد توقيعه يوم الجمعة من محافظ دمشق”.

وأكد قطيش، بحسب موقع “أثر برس” المحلي، مؤخرا، أن أسعار اللحوم في النشرة الجديدة ارتفعت عن الأسعار في النشرة السابقة، ولكن رغم ذلك يُعتقد أنها أقل من السعر الحقيقي، لأن كيلو لحم الضأن الحي يكلف ما بين 15.5 و 16ألف ليرة في السوق حاليا، بينما قُدرت أسعار اللحوم في النشرة استنادا إلى دراسة أسعار الخِراف الحية بـ 14 ألفا.

ونظرا لزيادة وصول الحوالات المالية خلال فترة ما قبل إجازة عيد الأضحى، توقع قطيش ارتفاع الطلب على الحيوانات التي يتم التضحية بها بشكل كبير خلال فترة العيد، مشيرا إلى أن الطلب على الأضاحي هذا العام في سوريا، قد يرتفع بنسبة 25 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

وحسب الموقع، ختم أدمون قطيش، رئيس جمعية اللحامين في دمشق وريفها، بالقول: “من المحتمل أن نشهد ارتفاعا في أسعار اللحوم الحمراء خلال إجازة العيد، ولو بنسبة بسيطة، بالتزامن مع زيادة الطلب على اللحوم”.

ويعتبر الارتفاع الأخير في أسعار اللحوم جنونيا، فقبل ثلاث سنوات، كان يُباع كيلو لحم الغنم القائم “قبل الذبح” بمبلغ 3000 ليرة، أما الآن فقد ارتفعت الأسعار بمعدل يصل إلى عشرة أضعاف، وهو ما جعل معظم العائلات لا تفكر في الأصل، أو تجرؤ على شراء اللحم.

ويؤكد لحّامون في سوريا، أن” الغلاء الفاحش أصاب هذا القطاع بنسبة عالية من الجمود، ما أدى لتوقف العديد من زملاء المهنة عن العمل، بعد بيعهم لمعداتهم، وتسليم المحال المستأجرة لأصحابها.

تاليا، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية يوما بعد يوم في سوريا، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، فضلا عن انهيار الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، وعجز حكومة دمشق في حلحلة الأزمات، الأمر الذي حوّل قيمة رواتب، ومداخيل السوريين بشكل عام في البلاد إلى أدنى المستويات. لدرجة أن راتب الموظف الحكومي اليوم لا يخوّله شراء 100 غرام من اللحوم يوميا، ولا حتى أسبوعيا، لوجود المتطلبات والمستلزمات الحياتية الأكثر ضرورة، إلى جانب متطلبات الحياة العامة الأخرى، التي ظهرت بعد عام 2011، وزادت من أعباء المواطنين بشكل أكبر، وهي شراء المياه أحيانا، والغاز من السوق السوداء وبطاريات الإنارة، وغيرها من الأمور الحياتية التي أصبحت عبئا على المواطنين مقارنة مع مستوى الرواتب، والمداخيل “الشبه المعدوم”.

قد يهمك: قفزة جديدة في أسعار اللحوم السورية.. ما علاقة الحوالات المالية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.