الأوضاع المعيشية في سوريا تزداد سوءا يوما بعد يوم، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة لأعلى المستويات مقارنة بهشاشة قيمة الرواتب والمداخيل، لدرجة أن الرواتب قادرة على تغطية 3 بالمئة فقط من تكاليف المعيشة، وسط عجز حكومة دمشق عن حل الأمور وإدارة الأزمات في البلاد.

3ملايين شهريا

تقرير جديد لصحيفة “قاسيون” المحلية، أظهر أن وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية ارتفع مطلع شهر تموز/يوليو الحالي بنسبة 48.5 بالمئة عنه في بداية العام 2022، ليصبح الحد الأدنى للأجور والمحدد عند 92.970 ليرة سورية، قادرا على تغطية فقط 3 بالمئة من التكاليف.

وذكرت الصحيفة المحلية في تقريرها المنشور يوم أول أمس الأحد، أنه في منتصف 2022، وقبيل استعداد السوريين لاستقبال عيد الأضحى، تجاوز وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، وفقا لمؤشر الصحيفة المحلية، حاجز الثلاثة ملايين ليرة سورية (والحد الأدنى 1.881.858 ليرة سورية). ليتضح مجددا حجم الهوة الهائلة التي تفصل الحد الأدنى للأجر في البلاد (والذي لا يتجاوز 92.970 ليرة سورية)، عن وسطي تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع بشكلٍ متواصل.

وتجاوز وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد في بداية نيسان/أبريل الماضي حاجز 2.8 مليون ليرة سورية.

وتعتمد الصحيفة المحلية طريقة محددة في حساب الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص. وتتمثل بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري (بناء على حاجة الفرد اليومية إلى حوالي 2400 حريرة من المصادر الغذائية المتنوعة، والتي يحصل من خلالها المواطن المنتج على السعرات الحرارية التي تكفل له الحياة، وإعادة إنتاج قوة عمله من جديد)، على اعتبار أن تكاليف الغذاء هذه تمثّل 60 بالمئة من مجموع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة، بينما تمثل الـ40 بالمئة الباقية الحاجات الضرورية الأخرى للأسرة (تكاليف سكن، ومواصلات، وتعليم، ولباس، وصحة، وأدوات منزلية، واتصالات… وغيرها).

قد يهمك: أكثر من نصف السوريين يهجرون الأسواق قبل عيد الأضحى

ارتفاع في تكاليف المعيشة

ضمن سياق ارتفاع تكاليف المعيشة في سوريا، وبحسب صحيفة “قاسيون” المحلية، فقد ارتفع وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية في مطلع شهر تموز/يوليو 2022 بمقدار 150,592 ليرة سورية عن التكاليف التي تم تسجيلها في شهر آذار/مارس الماضي، حيث انتقل من 2,860,381 ليرة سورية في آذار/مارس إلى 3,010,973 ليرة في تموز/يوليو (بينما ارتفع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة بحوالي 94,120 ليرة، منتقلا من 1,787,738 ليرة في آذار/مارس إلى 1,881,858 ليرة في تموز/يوليو)، ما يعني أن التكاليف ارتفعت بحوالي 5.2 بالمئة خلال ثلاثة أشهر فقط رغم كل الحديث الرسمي عن تخفيض الأسعار، وضبطها خلال الأسبوعين الماضيين.

ومقارنة ببداية العام الحالي 2022، ارتفع وسطي هذه التكاليف من 2,026,976 ليرة سورية في بداية العام إلى 3,010,973 ليرة في تموز/يوليو الجاري (بينما انتقل الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة من 1,266,860 ليرة في بداية العام، إلى 1,881,858 ليرة في تموز/يوليو). ما يعني أن الارتفاع زاد عن 48.5 بالمئة خلال ستة أشهر فقط.

ونوّه التقرير إلى أن الحد الأدنى للأجور بقي على حاله عند عتبة 92,970 ليرة سورية، أي أنه لا يغطي -وفق حسابات شهر تموز/يوليو الجاري-سوى 3.0 بالمئة بعد أن كان في بداية العام يغطي ما يقارب 4.5 بالمئة من وسطي تكاليف معيشة الأسرة.

التغييرات في أسعار الغذاء

ووفق التقرير المحلي، فقد ارتفع الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية لأسرة من خمسة أفراد من 1,072,643 ليرة سورية شهريا في شهر آذار/مارس، إلى 1,129,115 ليرة في تموز/يوليو الجاري، وذلك بالاعتماد على أسعار هذه المكونات في الأسواق الشعبية في العاصمة دمشق.وبيّن التقرير المحلي، أن الارتفاعات طالت بعض مكونات سلة الغذاء بشكلٍ خاص، ولا سيما الفواكه التي ارتفعت بنسبة 69.6 بالمئة عن حسابات شهر آذار/مارس الماضي، حيث انتقلت تكلفة 200 غرام من الفواكه الضرورية للفرد يوميا من 767 ليرة في آذار/مارس إلى 1,300 ليرة في تموز/يوليو.

وكذلك ارتفعت الحلويات بمقدار 26 بالمئة عن حسابات آذار/مارس، إذ تجاوزت تكلفة 112 غرام حلويات ضرورية للفرد يوميا 2,118 ليرة، بينما كانت في آذار/مارس الماضي 1,680 ليرة. وعلى النحو ذاته، ارتفعت تكلفة 70 غرام من الأرز للفرد يوميا من 420 ليرة في آذار/مارس، إلى 438 ليرة في تموز/يوليو، أي أنها ارتفعت بقرابة 4.2 بالمئة.

واختتمت الصحيفة المحلية، تقريرها، حول ارتفاع تكاليف الحد الأدنى للحاجات الضرورية الأخرى التي تشكل 40 بالمئة من مجموع تكاليف المعيشة، (مثل السكن والمواصلات والتعليم واللباس والصحة وأدوات منزلية واتصالات… وغيره) من 715,095 ليرة في آذار/مارس، إلى 752,743 ليرة في تموز/يوليو، أي أنها ارتفعت بمقدار 5.4 بالمئة أيضا خلال ثلاثة شهور.

وكانت صحيفة “قاسيون” قد كشفت في دراسة سابقة نشرتها في حزيران/يونيو الماضي، أن الأسرة السورية المكونة من خمس أشخاص تحتاج إلى 121,369 ليرة في حال اعتمدت على الخبز وحده لتأمين حاجتها من السعرات الحرارية الضرورية.

وبحسب التقرير السابق، الذي نُشر في تموز/يوليو 2021، تبيّن أن تكاليف المعيشة تجاوزت مليون ليرة شهريا خلال الربع الأول من 2021، بينما أصبح الحد الأدنى للرواتب والأجور بعد الزيادة الأخيرة 72 ألف ليرة، أي أنه لا يغطي إلا 7 بالمئة تقريبا من تلك التكاليف.

راتب الموظف “معدوم”

ضمن سياق ضعف الرواتب، وتدني الأجور في سوريا وخاصة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، أظهر تقرير سابق لذات الصحيفة المحلية، أن الحد الأدنى للأجور للعمال السوريين في الوقت الحاضر، يقل 13 مرة عن أجرهم في خمسينيات القرن الماضي، عندما كان العامل قادرا على شراء أكثر من 30 كيلوغراما من لحم الغنم شهريا.

وذكرت صحيفة “قاسيون” المحلية، مؤخرا، إن الحد الأدنى للأجر اليومي للعامل السوري آنذاك كان يستطيع شراء 1 كيلو غرام من لحم غنم يوميا، بينما العامل السوري في الوقت الحالي يحصل على حد أدنى للأجر يبلغ 92.970 ليرة سورية شهريا، أي أن يومية هذا العامل تقل عن 3000 ليرة.

وبيّن التقرير المحلي، أنه باعتبار أن ثمن كيلو لحم الغنم (وسطيا بين سعره لدى صالات المؤسسة السورية للتجارة، وسعره في السوق) هو 40 ألف ليرة سورية، فإن الحد الأدنى للأجور اليوم لا يخوّله شراء سوى كمية تقل عن 79 غرام لحم غنم يوميا، أي أن عدد غرامات لحم الغنم التي يستطيع الحد الأدنى للأجر شراءها، قد تراجع خلال ما يقارب سبعين عاما بحوالي 92.1- بالمئة.

ووسط المتطلبات والمستلزمات الحياتية الأكثر ضرورة، إلى جانب متطلبات الحياة العامة الأخرى، التي ظهرت بعد عام 2011، وزادت من أعباء المواطنين بشكل أكبر، وهي شراء المياه أحيانا، والغاز من السوق السوداء وبطاريات الإنارة، وغيرها من الأمور الحياتية التي أصبحت عبئا على المواطنين، باتت قيمة الرواتب والمداخيل “شبه معدوم”.

قد يهمك: بعد ارتفاع أسعار الاتصالات في سوريا.. ما علاقة رواتب الموظفين؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.