يبدو أن الأزمات والمعاناة تصاحب السوريين، حتى في الأعياد والمناسبات، فلم يكن ينقصهم سوى أن يقضوا حتى أيام عيد الأضحى بدون كهرباء أو مياه، وبالتالي انتزاع فرحة العيد وأجواءه وعدم الشعور بشيء اسمه “عيد”، وبدلا من قيام حكومة دمشق بزيادة ساعات توصيل الكهرباء والمياه بمناسبة عيد الأضحى، إلا أن الأمر كان مختلفا. فقد أمضى السوريون في معظم المحافظات السورية أولى أيام العيد وسط حالة من الغياب “شبه الكامل” للكهرباء والمياه معا.

نصف ساعة وصل فقط!

في أول أيام عيد الأضحى، تزامن التقنين الكهربائي الطويل في محافظة حماة مع انقطاع مياه الشرب، وبيَّن مواطنون لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس السبت، أن ساعات القطع بلغت 5.5 ساعات يُقابلها نصف ساعة وصل فقط!

ولفت المواطنون القاطنون في أحياء “القصور و الحميدية و الحاضر و الأربعين والشيخ عنبر”، للصحيفة المحلية أنهم يعانون كثيرا من انقطاع الكهرباء وتلازم ذلك مع انقطاع مياه الشرب.

وبحسب أحد سكان العاصمة دمشق، فقد أكد لـ”الحل نت”، اليوم الأحد، ثاني أيام عيد الأضحى، أن “تقنين الكهرباء قاسي جدا، خمس ساعات ونصف الساعة قطع ونصف ساعة فقط وصل، وتزامن ذلك مع انقطاع طويل للمياه”.

وقال أحد سكان منطقة قدسيا، إنه “نتيجة لتحضيرات العيد من التعزيل والغسيل والشطف، أصبحت معظم المنازل بلا مياه، واستعانت العديد من البيوت بصهاريج المياه، وسط تقنين المياه لساعات طويلة، وتكلفة الصهريج الواحد بات يكلف حوالي 40 ألف ليرة سورية، وبذريعة العيد تم رفع سعر المياه من قبل صاحب الصهريج”.

واشتكى خلال حديثه من تدهور الأوضاع في البلاد، حتى خلال الأعياد، حيث يفترض أن توفر الحكومة للمواطنين مستويات عالية من الخدمات العامة، بما في ذلك الكهرباء والمياه وغيرها من الأمور التي تقع ضمن مسؤولية الحكومة، وأضاف بالقول: “الوضع لم يعد يطاق حقيقة، تصور أن تقضي أولى أيام العيد بدون كهرباء ومياه، وخاصة نحن في فصل الصيف شديد الحرارة. حتى أن تأمين صهريج الماء بات بشق الأنفس، هذا فضلا عن تكاليفه الغالية، وخاصة أن معظم السوريين أوضاعهم المادية تعيس جدا”.

وأشار إلى أنه، يعمل موظف حكومي والعديد من السكان مثله، ورواتبهم لا يتجاوز الـ150 ألفا، وأردف بالقول: “هل يعقل أن أشتري المياه كل ثلاثة أو أربعة أيام بـ8  آلاف تقريبا، وسط غلاء المعيشة بشكل عام، لذلك فالوضع بات صعبا والمعاناة اليومية تزداد يوما بعد يوم”، على حد وصفه لـ”الحل نت”.

وناشد المواطنون الجهات المعنية في وزارة الكهرباء والموارد المائية، وشركة الكهرباء ومؤسسة المياه بمحافظة حماة، أثناء حديثهم مع صحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس، بإيجاد “حل سريع لمعاناتهم الشديدة”.

قد يهمك: اشتداد تقنين الماء والكهرباء في سوريا خلال الصيف الحالي

تقنين أشد للمياه

في سياق ندرة المياه والكهرباء خلال فصل الصيف، برر مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في دمشق وريفها سامر الهاشمي لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، مؤخرا، أن “معظم مدينة دمشق التي تزود بالإسالة لم تتعرض لمشاكل لكن انقطاع الكهرباء كان له تداعيات على المناطق المرتفعة التي تزود بالضخ كمنطقة: المهاجرين والجادات وحي الورود والمزة 86”.

وأشار الهاشمي في حديثه السابق إلى أن “الهاطل المطري للسنة الماضية كان متباين لكنه يعتبر وفير وستكون المياه كافية, ولكن لا بد من وجود معاناة في فصل الصيف”.

ونوّه الهاشمي إلى أن “التقنين سيصبح أشد مع توغلنا في فصل الصيف, ولكن العبرة ليست بفترة التزويد وإنما بالحاجة اللازمة للشرب والتنظيف التي ستغطي حاجة المواطن”.

صهريج المياه بـ400 ألف

كان موقع “الحل نت” في تقرير سابق قد رجح أنه بالتزامن مع خفض مخصصات المواطنين من قبل الحكومة، والأجواء الحارة خلال فصل الصيف خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، فإن الطلب على المياه سيتزايد بسبب غلاء الوقود في السوق السوداء، وبالتالي ستكون هناك زيادة في الأسعار خلال الفترة الحالية، وهذا ما حدث بالفعل.

في تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا، ادعى مجموعة من سكان منطقة جرمانا في ريف دمشق، أنهم مجبرون على شراء المياه من الصهاريج، بكلفة تصل إلى 30 ألف ليرة، وأضافوا أن صاحب الصهريج يبرر هذا السعر بشراء لتر مازوت بـ 7 آلاف ليرة سورية في السوق السوداء.

وبالنظر إلى أن إمدادات المياه في المدينة لا تتوفر، إلا ليوم واحد مقابل ثلاثة أيام انقطاع، ولكن انقطاع الكهرباء يمنع الأهالي من ملء الخزان تماما في يوم الوصول، فيجب عليهم شراء الماء من هذه الصهاريج، إلى جانب تشغيل المولدات لنقل المياه إلى الخزانات، والتي تتطلب لإنجاز المهمة شراء ليتر من البنزين بتكلفة لا تقل عن 5 آلاف ليرة.

إلى ذلك، لم يكن المواطن في منطقة القطيفة في حال أفضل، لأنه لا يحصل على الماء إلا مرة كل 15 يوما ولست ساعات فقط، إذ يشير أحد المقيمين هناك، وهو مدرس لمادة الفيزياء، إلى أنه يحتاج إلى أكثر من 400 ألف ليرة شهريا فقط لشراء الماء، أي ما يقرب من أربعة أضعاف المبلغ اللازم لشراء الطعام.

ويشير المدرس في حديثه السابق للصحيفة المحلية، إلى أن معظم المياه التي يشترونها تأتي من مصادر مجهولة الهوية، ويستهلكها أعداد كبيرة من سكان المنطقة، خصوصا، وأن أصحاب الناقلات يدعون “كذبا” أن المياه تأتي من نبع “الفيجة”، لأنها- المياه- تحتوي على عكارة واضحة، مما يثير احتمال الإصابة بحالات تسمم التي تحدث ما بين الحين والآخر في بعض الأحياء.

وسط فشل حكومة دمشق في إدارة الأزمات في البلاد، بظل ساعات طويلة من الانقطاع في المياه والكهرباء، يبدو أن مناطق سيطرة دمشق ستبقى في دوامة الأزمات العامة من المياه والكهرباء وغيرها من الأمور الحياتية اليومية، وحتى في أيام الأعياد والمناسبات، بذريعة عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد.

قد يهمك: تعرفة الكهرباء الجديدة تضر بالفنادق والسياحة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.