كورقة ضغط جديدة تسعى موسكو لاستخدام ملف المساعدات الإنسانية عبر الحدود التي تصل إلى الشمال السوري، لفتح جبهات مع الدول الغربية، في الوقت الذي تشترط فيه وصول المساعدات إلى دمشق وتوزيعها عبر حكومتها، في محاولة منها لإبقاء الملف كورقة ضغط يخدم مصالحها.

روسيا واستغلال ملف الغذاء

بعد عدة اجتماعات قرر مجلس الأمن مساء أمس الإثنين، تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية إلى سوريا لستة أشهر قادمة فقط.

وجاء القرار بعد استخدام روسيا لحق النقض “الفيتو” الجمعة الفائت، ضد مشروع القرار، الذي قدمته إيرلندا والنرويج، والذي كان ينص في نسخته الأولى على تمديد التفويض الأممي لمدة عام.

الباحث السياسي زكريا ملاحفجي، يعتبر أن روسيا تسعى من خلال ملف المساعدات الإنسانية، إلى ابتزاز أميركا والغرب، ضاربة بعرض الحائط مصير ملايين السوريين الغذائي في مناطق الشمال السوري.

قد يهمك: مسؤولة دفاع أميركية: باقون في سوريا وندعم إعادة معتقلي داعش إلى دولهم

ويقول ملاحفجي في حديث خاص لـ“الحل نت“: “روسيا بشكل أو بآخر تصر على أن تقدم المساعدات إلى دمشق، ويتم التعامل مع النظام السوري“، وبالتالي يتم نهب المساعدات من قبل الحكومة السورية وعبر الجيش السوري، وقد خرجت مئات الصور من قبل تثبت ذلك، وفق تعبير ملاحفجي.

ويضيف: “دائما هناك مراوغة وضغط من قبل الروس على المجتمع الدولي، وهي مفارقة لأن أصلا دمشق وروسيا هما سبب وجود ملايين النازحين شمالي سوريا، والذين تصلهم تلك المساعدات” .

ويرى ملاحفجي، أن روسيا أصرت على أن التمديد يكون لستة أشهر فقط، ليكون لديها مساحة للمراوغة من جديد، لا سيما وأن التمديد لستة أشهر إضافية، سيحتاج إلى تصويت جديد في مجلس الأمن الدولي.

وعقب انتهاء المدة التي ينص عليها وهي ستة أشهر، سيجتمع  مجلس الأمن مجددا في كانون الأول/يناير القادم، للتصويت على مشروع تمديدها لستة أشهر إضافية، على عكس القرار السابق الذي كان ينص على تمديدها بناء على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وبحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، فإن موسكو تريد أن يكون العبور محددا ضمن نطاق 6 أشهر فقط، مع التأكيد على ضرورة دعم “أنشطة التعافي المبكر” في مناطق سيطرة حكومة دمشق، والتركيز على عبور المساعدات من مناطق سيطرتها، ضمن آلية “العبور عبر خطوط النزاع“.

وتقول المصادر: “إنه على الرغم من أن السيناريو الحالي سبق أن تكرر، في السنوات الماضية، إلا أن هذا العام يبدو مختلفا، من زاوية إقدام موسكو على فرض الضغوط على نحو أكبر، كرد فعل على الضغوط الغربية التي تتعرض لها في الملف الأوكراني“.

وتشترط روسيا لإيصال المساعدات إلى مناطق الشمال السوري، أن يتم توزيع المساعدات عبر حكومة دمشق، حيث تقدم الأمم المتحدة المساعدات إلى دمشق، وهي تقوم بدورها بتوزيعها على باقي المناطق السورية، وتكون بذلك عززت سلطة الأسد في سوريا، حتى في المناطق الخارجة عن سيطرته، في سبيل نزع اعتراف ضمني من المجتمع الدولي بسلطة الأسد.

روسيا في مواجهة العالم

الرفض الروسي إن استمر، لآلية إدخال المساعدات عبر الحدود، سيؤدي إلى مزيد من التوتر بين روسيا والعالم، وتحديدا مع تركيا التي لا تريد بالطبع إغلاق معبر “باب الهوى” أمام تدفق المساعدات الخارجية إلى مناطق نفوذها بالشمال.

واعتبر تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، أن الإغلاق المحتمل لآخر معبر متبقٍ لمرور المساعدات إلى سوريا “باب الهوى” خلال تصويت لمجلس الأمن الدولي، الشهر المقبل، يُعد “ضحية أخرى” لانهيار العلاقات بين الغرب وروسيا.

وأكّد التقرير على أن أي “عرقلة إنسانية وخيمة” في حال عرقلة تمديد القرار، ستشمل تعطيلا فوريا لعمليات الأمم المتحدة الإغاثية المنقذة للحياة، وإغراق الناس بشمال غرب سوريا في “بؤس أعمق“.

وأصدر مجلس الأمن قرارا لأول مرة في عام 2014، بإيصال المساعدة إلى شمالي سوريا عبر أربعة معابر حدودية، من دون موافقة الحكومة السورية، لكن منذ عام 2020، اُستبعدت ثلاثة معابر من نطاق القرار بسبب التعنت الروسي في المرات السابقة، وبقي “باب الهوى” المعبر الحدودي الوحيد المتبقي المصرح به بسبب معارضة روسيا.

وأكد فريق “منسقو استجابة سوريا“، في بيان له، أن أكثر من 4.3 مليون مدني بينهم مليون ونصف يعيشون في مخيمات شمال غرب سوريا، ينتظرون بصمت مصيرهم، ويترقبون بشكل دوري “فيتو” روسيا في مجلس الأمن الدولي لإغلاق معبر باب الهوى أمام المساعدات الإنسانية.

وكان “مجلس الأمن الدولي” تبنى قرارا العام الماضي، يقضي بتمديد إيصال المساعدات إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، عاما إضافيا على مرحلتين، تبلغ مدة كل واحدة منها ستة أشهر.

ويعتمد أكثر من ثمانين بالمئة من سكان شمال غرب سوريا على هذه الآلية بحسب الأمم المتحدة.

قد يهمك: موقف أميركي متجدد من العملية العسكرية التركية في شمال سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.