القرارات الأخيرة حول رخص البناء التي أقرتها وزارة الأشغال العامة والإسكان، والتي أثارت عاصفة من الجدل في قطاع المقاولات، وصفت من قِبل العمال السوريون، بأنها تحافظ على وضعهم المتوقف وتفاقم الأعباء المادية على المقاولين في سوريا، لا سيما بعد رفع رسومها إلى 200 بالمئة.

الرسوم عرقلت البناء

قطاع البناء والتعهدات في سوريا يشهد ظاهرة غريبة، فبالرغم من الأضرار الكبيرة بالبنية التحتية والمناطق السكنية، إلا أن إعطاء هذه الصناعة الأولوية على غيرها لعدد من الأسباب، أولها إعادة الحياة للمجتمعات السكنية، وإنقاذ المواطنين من شبح الغلاء وقلة المساكن لم يكن على أولويات مؤسسات الدولة.

وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة “تشرين” المحلية، اليوم السبت، فإن استعادة الأنشطة الاقتصادية التي كانت متميزة لكل منطقه في البلاد توقف تماما، خصوصا قطاع البناء الذي كان رائدا اقتصاديا، لأنه لا يخلق فقط عشرات الآلاف من فرص العمل، بل أيضا مئات الآلاف منها، كما يرتبط عودة حركة البناء بصناعات أخرى.

ولكن على أرض الواقع، ووفقا للصحيفة، تشكل الرسوم العالية التي تفرضها الوحدات الإدارية، إضافة إلى القضايا الاقتصادية التي يعاني منها هذا القطاع نتيجة الارتفاع المستمر في تكاليفه، وعدم أو ندرة بعض احتياجاته من الإسمنت والوقود مقابل الانخفاض المستمر في مستويات الدخل، حال دون تلبية أي عرض قائم بأصغر عرض في هذا القطاع، وأيضا على من يفكر مجرد التفكير في العمل ضمن هذا القطاع.

200 رخصة بناء “مشلولة”

التفاوت بين أسعار العقارات، والقوة الشرائية للأفراد ازدادت نتيجة لارتفاع رسوم تراخيص البناء، مما أدى إلى زيادة نفقات البناء، الأمر الذي سيؤدي لاحقا إلى توقف بعض مديريات المحافظات تماما عن إصدار تراخيص البناء.

ووفقا للمهندس عبد الناصر خليل، رئيس فرع نقابة المهندسين في حماة، فقد بلغت تكلفة بعض رخص البناء في المدينة 160 مليون ليرة سورية، يدفعها المرخّص له إلى الوحدة الإدارية، مما يعني أن القانون 37 رفع قيمة رخص البناء بنسبة 200 بالمئة.

وأشار خليل، إلى أن هناك تراخيص يتراوح عددها بين 150 و200 مكدسة بالبلدية ينتظر أصحابها أن يحصل شيء جديد لمتابعة إجراءات الترخيص، لافتا إلى أن تراخيص البناء متوقفة حاليا تقريبا بسبب إحجام المقاولين عن الترخيص.

وقال المهندس مالك هوشه، صاحب مكتب هندسي، وأحد المقاولين في القطاع العقاري، لذات الصحيفة، إن رفع رسوم رخص البناء أدى إلى زيادة في تكاليف البناء، والتي تقابلها سوء الحالة المالية للمواطنين، وبدروه أدى إلى “شلل” في حركة البناء في سوريا.

وبيّن هوشه، أن آخر رخصه أصدرها لمبنى كان بيت مساحته 229 مترا مربعا بتكلفة 600 ألف ليرة تقريبا، موضحا أن تكاليف الترخيص في الريف أرخص بكثير من المدن في سوريا.

من جانبه، قال المهندس يوسف رستم، المتخصص في الصناعات العقارية ومواد البناء، إنه توقف عن العمل في المشاريع الإنشائية بسبب كلفتها الباهظة، مشيرا إلى أن أسعار العقارات الحالية باتت تفوق القدرة الشرائية المواطن.

رسوم رخص البناء تتجاوز المليار ليرة

“إيرادات ممتازة للوحدات الإدارية”، هكذا وصف موقع “الليرة اليوم” المحلي، الرسوم المرتفعة التي تدفع مقابل الحصول على رخص البناء، لكنه أكد أيضا أن “هذه الرسوم لا ترحم المواطن من ارتفاع أسعار العقارات في البلاد”.

رئيس دائرة الرخص والبناء في مجلس مدينة طرطوس، بسام شاهين، أكد أن الدائرة منحت 30 رخصة بناء في المحافظة، برسوم بلغت مليار ونصف المليار ليرة سورية، في حين كانت سابقا لا تتجاوز رسوم هذه الرخص 50 مليون ليرة.

ويعود هذا الارتفاع في رسوم البناء، إلى التعليمات التنفيذية للقانون 37، حيث تحدد رسوم رخصة البناء، وفقا للقيمة الرائجة لسعر متر الأرض الذي تحدده المديريات المالية، لمساحة البناء والشرفات ومتغيرات أخرى، وهذه الرخص منوعة شملت، إما بناء جديد أو استكمال لبناء طابق إضافي.

وأوضح شاهين في تصريحات نقلها الموقع المحلي الخميس الفائت، أن: “هناك تراجعا في عدد الرخص هذا العام على مستوى المحافظة، موضحا أن القسم الأكبر من الرسوم تذهب للوحدة الإدارية وجزء منها للمحافظة، والخزينة العامة للدولة، وهو أمر جيد لمصلحة الوحدات في تحسين خدماتها”.

من جانبه وصف نقيب المهندسين في طرطوس، حكمت إسماعيل، رفع الرسوم بـ”الجائر وغير المنطقي”، وقال “إن الزيادة بأي رسوم يجب أن تكون بحدود مقبولة لا أن تزيد 100 ضعف، فالرخصة التي كانت تكلف المتعهد 4 ملايين أصبحت 400 مليون، وهذا غير واقعي وسيرفع أسعار الشقق على الشباب، لاسيما بعد الزيادة الأخيرة بسعر الإسمنت”.

وبحسب متابعات مستمرة لموقع “الحل نت”، فإنه قياسا على سعر صرف الليرة السورية، فقد بلغت أسعار العقارات في دمشق أرقام خيالية، ليصل متوسط سعر المنزل وسط دمشق بمساحة 100 متر مربع إلى نحو 1.5 مليار ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.