تطورات ميدانية على ما يبدو ستشهدها منطقة إدلب خلال الأيام المقبلة، فبعد توقف القتال بين القوات الحكومية السورية، وقوات المعارضة التي تدعمها أنقرة، منذ أكثر من عامين، يعاد الحديث استنادا إلى تسريبات خاصة، تفيد بقرب عملية عسكرية قد تحركها قوات المعارضة ضد القوات الحكومية بأوامر من تركيا.

مساء الاثنين الفائت، دخل رتل عسكري تركي إلى عمق محافظة إدلب يضم عدة دبابات، وآليات ثقيلة دفعت بها تركيا إلى محاور القتال في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، وقد أفادت المصادر أن عملية التحضير للعملية العسكرية، باتت في قيد الانتهاء لتحريكها نحو مناطق جنوب وشرق إدلب، فهل تشهد العلاقة بين روسيا وتركيا تصدعات في الملف السوري.

تكتيك مسبق أم هجوم لحفظ ماء الوجه؟

مصادر “الحل نت” أفادت، أن الترويج لهذه العملية يأتي من أجل “حفظ ماء وجه” أنقرة، التي هددت خلال الأيام الماضية بفتحها عملا عسكريا في مناطق من الشمال السوري، دون ورود أي ضوء أخضر لها للقيام بالعملية، الأمر الذي سيدفعها للتحشيد في مناطق من إدلب بدلا من شن العملية العسكرية، التي كانت تهدد فيها مناطق منبج وتل رفعت.

يتمحور الحديث في إدلب حاليا، حول صراع محتمل ضد المناطق التي سيطرت عليها القوات الحكومية بدعم إيراني روسي في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020، على الرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته الجبهات القتالية بين فصائل المعارضة المسلحة والجيش السوري.

علاوة على ذلك، وخلال اجتماع مع “حكومة الإنقاذ” الذراع المدني لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، خلال عيد الأضحى قبل بضعة أيام، أعاد قائد “الهيئة”، أبو محمد الجولاني، تأكيد هذه السردية من خلال الإعلان أن هناك مناطق ستسيطر عليها المعارضة قريبا، مطالبا “حكومة الإنقاذ” التابعة له، الاستعداد من أجل تقديم الخدمات في تلك المناطق، وفق ادعائه.

جميع المعطيات تؤدي من وجه نظر المحلل العسكري، العقيد عبد الله حلاوة، إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، واجه معارضة شديدة من موسكو وطهران بشأن عمليته العسكرية التي كان ينوي شنها في شمال سوريا. في حين يبدو الآن أن الآمال التركية متجهة لتنفيذ عمل عسكري محدود في جنوب إدلب، لكبح ردة فعل الشارع التركي.

وذهبت تحليلات حلاوة، إلى أنه ربما حصل أردوغان على موافقة ضمنية غير واضحة الأسباب بدقة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باقتطاع أجزاء من ريف إدلب الجنوبي، لتنفيذ مخططه بإرجاع العدد الذي صرح به من اللاجئين السوريين في تركيا، كون هذه المناطق في الأساس لا تستفيد منها الحكومة السورية.

“عصفورين بحجر واحد”؟

بعد مرور قرابة الشهرين على تصريحات أردوغان، بشأن عملية عسكرية في شمال سوريا، من الواضح أن أنقرة لا تزال تعاني من ارتباك تكتيكي، وسوء إدارة التصريحات الحكومية، وعدم القدرة على وضع استراتيجيات وخطط فعالة لإقناع حلفائها بمسار “أستانا” لدعم أطماعها التوسعية في سوريا.

ويرى حلاوة، أن إيران وروسيا يفضلون خوض تركيا عملية عسكرية في إدلب من أجل ضمان استمرار الوضع الحالي في شمال شرق سوريا أولا، والأمر الآخر هو النجاح في جلب المزيد من السوريين إلى مناطق المعارضة، حتى إذا ما تبدلت المعطيات على الأرض، وقررت دمشق إعادة جميع المناطق إلى سيطرتها، فتحصل بذلك على مساعدات أكبر من المؤسسات الدولية والإنسانية.

وعن الاحتمالات فيما إذا كانت العملية ستقطع الطريق الدولي “إم 5″، فأوضح حلاوة أن هذا سيضع أنقرة و”الجيش الوطني” المدعوم من قبلها كأهداف عسكرية أمام القوات الروسية، كون موسكو تضع صوب أعينها الطرق الدولية، ولن تتهاون مع قطعها، بعد أن خاضت معارك عسكرية وسياسية من أجل إعادة السيطرة عليها، وفي حال حدث ذلك ستشهد العلاقات بين البلدين تصدعا جديدا، وفق تعبيره.

ويقول حلاوة، “بناء على ما تقدم، من الواضح أن توقعات أردوغان وقادته العسكريين باءت بالفشل، فإن قوات الجيش الوطني المعارض قد أجبرت الآن على الانسحاب من العديد من المواقع في شمال وشرق سوريا، وهي مجبرة الآن على تنفيذ الأجندات التي قررتها القمة الثلاثية في طهران”.

بينما استبعد المحلل العسكري، احتمالية أن تكون العملية العسكرية المرتقبة في إدلب واسعة النطاق، مرجحا أن تقتصر على الحدود الإدارية مع محافظة حماة من الجهة الغربية، أي بمساحة لا تتجاوز الـ 20 كيلو متر مربع، يمكن فيها استضافة حوالي 500 ألف شخص.

استعدادات لمعركة مشروطة؟

بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، فإن فصائل المعارضة المدعومة من أنقرة، تلقت أوامر تركية بالتجهيز لشن عمل عسكري في إدلب في وقت قريب لم تحدده تركيا، بالإضافة لإرسالها شحنات كبيرة من الذخيرة وصلت لغرفة عمليات “الفتح المبين”.

وتحدث العقيد مصطفى بكور، القيادي في “جيش العزة” العامل ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” في إدلب، عن “احتمالية اندلاع معركة قائمة في أي وقت، وذلك بسبب ارتباط الأعمال العسكرية بالسياسة والظروف والمصالح الدولية”.

ووفقا لتوقعات المحللين المطلعين على المنطقة، فإن العملية العسكرية ستشمل في حال حدوثها محورين، هما محور كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي، ومحاور ريفي حلب الجنوبي والغربي.

الجدير ذكره، أن حدود منطقة “خفض التصعيد” الرابعة رسمت في الجولة السادسة من “مسار أستانا” في أيلول/سبتمبر 2017، وهي تضم محافظة إدلب، ومعها أجزاء من أرياف حلب، وحماة، واللاذقية، وبحلول آذار/مارس الفائت، يكون قد مضى على وقف إطلاق النار في إدلب عامان، وهي أطول فترة تهدئة بين دمشق والمعارضة تشهدها منطقة خفض التصعيد.

وقد استطاعت مذكرة موسكو التي تم توقيعها بين تركيا وروسيا في مطلع آذار/مارس 2020، إرساء تهدئة طويلة الأمد مقارنة مع جميع التفاهمات الدولية السابقة، التي تعثرت في التوصل إلى تهدئة مماثلة؛ كاتفاق وقف العمليات العدائية في شباط/ فبراير 2016، واتفاق وقف إطلاق النار في أيلول/سبتمبر 2016، واتفاق وقف إطلاق النار في إطار مذكرة “خفض التصعيد” في أيار/مايو 2017، وصولا لاتفاق وقف إطلاق النار في إطار مذكرة سوتشي في أيلول/سبتمبر 2018.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.