مع استمرار العراق من دون موازنة اتحادية منذ أكثر من 9 أشهر، أكدت رئيسة كتلة “الجيل الجديد” النيابية، سروة عبد الواحد، اليوم الجمعة، أن البرلمان لا يستطيع البدء بإجراءات الموازنة، فيما كشفت عن الأسباب.

عبد الواحد، عزت سبب عدم مقدرة البرلمان على إقرار الموازنة إلى كون “الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “تشكيل الحكومة سيأخذ وقتا”.

حديث رئيسة الجيل الجديد، يأتي بعد أن حددت اللجنة المالية في البرلمان بوقت سابق، ثلاث مخرجات لإرسال الموازنة الاتحادية لعام 2022 إلى قبة مجلس النواب.

اللجنة التي أكدت أن “قانون الدعم الطارئ ليس بديلاً عن الموازنة لأنه محدود المهام”، أشارت إلى أن “مجلس النواب يتعامل مع الحكومة وفق الدستور، ولا يمكن للحكومة الحالية بحسب قرار المحكمة الاتحادية إرسال أي مسودة قانون”.

اقرأ/ي أيضا: خبير قانوني يحسم الجدل حول مشروع قانون الموازنة العراقية

أسباب العجز

بالتالي استبعدت اللجنة المالية أن “يذهب مجلس النواب لقراءة الموازنة، إلا في حال تشكيل حكومة جديدة أو تسمح المحكمة الاتحادية بأمر طارئ، أو تقدم الحكومة الحالية طعنا أو التماسا للمحكمة الاتحادية لتحصيل استثناء لتقديم القوانين”.

من جهتها عبد الواحد، استدركت في حديثها لوكالة الأنباء العراقية “واع”، وتابعها موقع “الحل نت” أن “المعارضة لها دور فاعل في مجلس النواب، ونتطلع بأن تكون هناك مراقبة جادة من قبلها قبل الذهاب الى تشكيل الحكومة”.


وأردفت أن “بعض القوى من ضمنها الجيل الجديد وحركة امتداد أعلنت موقفهما بتكوين معارضة داخل البرلمان”، مؤكدة أن “البرلمان لا يستطيع البدء بإجراءات الموازنة خلال العام الحالي”

يأتي ذلك في ظل عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات حول تشكيل الحكومة القادمة، ووسط استمرار الانسداد السياسي الذي يشهده العراق منذ انتهاء الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021.


الانسداد السياسي، جاء بعد صراع طويل بين قوى “الإطار التنسيقي” وهو تحالف يضم الكتل الشيعية المقربة من إيران، إلى جانب حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني“، وتجمع “عزم” السني، وبين تحالف “إنقاذ وطن” الثلاثي بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، وحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة الجامع لمعظم القوى السنية.

اقرأ/ي أيضا: طيف سامي.. “حارسة الموازنة العراقية” تفوز بجائرة أميركية

سبب الصراع


الصراع سببه تمسك “إنقاذ وطن” صاحب الأغلبية النيابية بـ 180 مقعدا، بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية وطنية“، تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار” فيها، مقابل دعوة “الإطار” إلى حكومة “توافقية” يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع به الصدر.


انتهى الصراع بعد فشل تحالف الصدر بتمرير حكومة الأغلبية لعدم امتلاكه ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو ما يشترطه الدستور العراقي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الذي يمهد انتخابه إلى تشكيل الحكومة.


إذ تكمن أهمية انتخاب رئيس الجمهورية في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، وفشل الصدر جاء بعد معارضة “الإطار” صاحب الـ 83 مقعدا، وذهابه إلى حشد الثلث المعطل بالاتفاق مع عدد من النواب المستقلين والقوى السياسية، لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، أي 110 نائبا من أصل 329.


الفشل دفع الصدر إلى الانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته الصدرية الفائزة بأكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقي بـ 73 مقعدا، بالاستقالة، وعلى إثر ذلك انفرط التحالف الثلاثي.


بالمقابل. استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، في 12 حزيران/ يونيو الماضي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“، لكن شيئا من ذلك لم يحدث بعد.

استمرار التدافع السياسي


إذ لم ينهي انسحاب الصدر مشكلة تشكيل الحكومة الجديدة، حيث برز الصراع بين القوى الكردية التي تتدافع حول منصب رئاسة الجمهورية، فالحزب “الديمقراطي” يتمسك بأحقية المنصب على اعتباره أكبر كتلة كردية فائزة في الانتخابات بـ 31 مقعدا.


من جهته، “الاتحاد الوطني” صاحب الـ 17 مقعدا، يستمر في محاولاته بالحفاظ على المنصب الذي يشغله منذ 3 ولايات رئاسية، ضمن عرف سياسي يمنح الشيعية رئاسة الوزراء والسنة رئاسة البرلمان والأكراد رئاسة الجمهورية.


الخلاف على رئاسة الجمهورية ينسحب أيضا على مستوى عملية تشكيل الحكومة، فيما إذا لم يتفق الأكراد على مرشح لرئاسة الجمهورية، لاسيما في ظل تعويل “الاتحاد” على تحالفه مع “الإطار“، قد يدفع بالديمقراطي الذي يملك تفاهمات مع تحالف “السيادة” الذي يمتلك هو الآخر 65 مقعدا باللجوء إلى “الثلث المعطل” مجددا، ما يعني فشل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي يسعى “الإطار” لانعقادها قريبا.


بالقابل، لا يزال موقف النواب المستقلين الذي يمتلكون 55 مقعدا نيابيا غائبا حتى الآن، بالتالي تحاول جميع الأطراف تقديم ضمانات سياسية يمكن أن تدفع المستقلين للعب دور بيضة القبان، وترجيح طرف على آخر.

اقرأ/ي أيضا: الخلاف حول الموازنة العراقية: هل دخلت السليمانية على خط النزاع بين أربيل وبغداد؟

دور الموازنة

وتحدد الموازنة بنود مصروفات الدولة خلال عام، خاصة المخصصة للرواتب والدعم وسداد أعباء الديون، كما تحدد المستهدف من إيرادات الدولة.

وعلى الرغم من نجاح الحكومة في الحصول على نحو 18 مليار دولار ضمن قانون الأمن الطارئ الذي أقره البرلمان أخيرا لتأمين استيراد الطاقة وتمويل المشاريع الخدمية المهمة، وتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية، إلا أن مسؤولين يؤكدون استمرار حاجة البلاد للموازنة التي أعدت مسودتها بوقت سابق عند قرابة 90 مليار دولار.

لكن مع استمرار تعطل تشكيل الحكومة العراقية، وفي ظل استمرار عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات للخروج من الأزمة الراهنة، لا يبدوا واضحا أنه بإمكان حكومة تصريف الأعمال الحالية، تقديم مشروع قانون الموازنة للعام الحالي.

إذ أن المحكمة الاتحادية العليا جردت حكومة مصطفى الكاظمي من كافة الصلاحيات، باعتبارها حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، ولا يحق لها اقتراح مشاريع القوانين المهمة مع إبطال كافة أوامر التعيين بالدرجات العليا التي صدرت خلال فترة تصريف الأعمال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.