الظروف التي مر بها السوريون خلال السنوات الأخيرة من ضغوط أمنية واقتصادية، ساهمت إلى حد كبير بارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية في سوريا، إلى معدلات غير مسبوقة، تزامنا مع غياب الخدمات الطبية في هذا الاختصاص.

إهمال حكومي

أستاذ الطب النفسي في كلية الطب البشري بجامعة دمشق ثائر حيدر، اكد أنه لا توجد إحصائية دقيقة حول انتشار الاضطرابات النفسية في سوريا، وذلك لأن الجهات المعنية ليست مهتمة في الوقت الحالي بإجراء تلك الإحصائيات.

وأكد حيدر، في تصريحات نقلتها صحيفة “البعث” المحلية، ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق واضطراب الشدة، إضافة لمحاولات الإدمان والانتحار، حيث يعود ذلك بالدرجة الأولى إلى التأثيرات السلبية الكبيرة للأزمة التي حدثت في مجتمعنا، وما سبّبته من ارتفاع “عوامل خطورة” الإصابة بالاضطرابات النفسية.

وجاء في حديث حيدر: “المقصود هنا، بعوامل الخطورة، الأسباب التي تساهم بظهور الاضطرابات النفسية كغياب الأب أو الأخ الكبير، سواء بسبب الموت أو الهجرة، إضافة لوجود أكثر من فرد وعائلة في مكان ومنزل واحد، ما أدى لحدوث حالات كثيرة من الاكتئاب ومحاولات الانتحار، والاضطرابات الجنسية بأشكالها كـ “التحرش الجنسي والاعتداء ومحاولات الاغتصاب أو المثلية الجنسية، خاصة مع غياب القدوة“، وما لذلك من تأثير بجعل الطفل أو المراهق عرضة للإصابة ببعض الاضطرابات الجنسية أو النفسية”.

قد يهمك: “مزاج السائقين” يزيد من أزمة المواصلات في سوريا

الطبيب النفسي، لفت إلى ارتفاع حالات الإدمان بين الأطفال والمراهقين بكل أنواعها (مخدرات ومهدئات، وغيرها من المنبهات والمهلوسات)، والأسباب كثيرة. إنما الجزء الأهم هو غياب الرقابة، وكثرة عدد أفراد العائلة، وعدم قدرة الأهل على متابعة سلوك الطفل ومراقبة تصرفاته نتيجة تعرضهم للضغوط أيضا.

واعتبر حيدر، أن “الفقر” هو عامل خطير وأساسي في هذه المشاكل، لما يسببه من اضطرابات نفسية كالاكتئاب والقلق، وما قد ينتج عنه من انتشار التصرفات اللاأخلاقية من أجل الحصول على المال، ما يؤدي لحصول اضطرابات في الشخصية مستقبلاً عند الجنسين.

ندرة في الأخصائيين

مدير مشفى ابن سينا للأمراض العقلية في دمشق، أيمن دعبول، كشف في وقت سابق عن قلة الأخصائيين النفسيين في سوريا، حيث أكد أن عدد الأطباء في سوريا حاليا يبلغ 45 طبيبا في كافة أنحاء البلاد.ولفت دعبول، في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم” إلى أن حاجة البلاد إلى الأخصائيين النفسيين، “تصل إلى 10000 طبيب نفسي بالحد الأدنى، وذلك بالنظر إلى عدد السكان“.

وتسبب الضغوط النفسية في سوريا، بارتفاع نسبة إصابة الشباب باﻻحتشاء القلبي في سوريا، بنحو 15 بالمئة.

وأرجع أستاذ أمراض القلب في كلية الطب بجامعة “تشرين“، الدكتور إياس الخيّر، ارتفاع نسبة الإصابة بهذا المرض إلى “الضغط النفسي الشديد والوضع المادي السيئ، وما قد يرافقه من عزوف عن تناول الأدوية اللازمة والضرورية“، معتبرا أن ما سبق “أسباب تلعب دورا كبيرا في زيادة حدوث مثل هذه الاحتشاءات وبأعمار صغيرة، بسبب ما يرافقها من إفراز هرمونات الشدة، والتقبض الوعائي الشديد“.

ومن أحد أهم القضايا التي تسبب الضغط النفسي للسوريين، هو الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، واستمرار الأزمات المعيشية الناتجة بشكل رئيسي عن ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات الأساسية.

قد يهمك: السوق السوداء للغاز تنتعش في سوريا لهذه الأسباب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.