بعد فشل مقترحات وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بشأن البرنامج النووي الإيراني، نتيجة الرفض الإيراني ومع الحديث عن قرب عودة المحادثات النووية الإيرانية في فيينا، تداول تصريحات لمسؤولين إيرانيين عن قدرة طهران على صنع قنبلة نووية، إضافة إلى التصعيد الذي تشهده المنطقة (الشارع العراقي)، لذا يمكن وضع هذه التصريحات تحت بند “تهديدات غير مباشرة” أو ربما إيران تفتعل المشاكل بشكل مقصود.

أداة ضغط

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أعلن عن إمكانية عقد جولة جديدة من المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي في وقت سابق. وحاولت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء مثل صحيفة “جوان” أن تربط بين هذه العودة إلى طاولة المفاوضات، وبين التصريح بقدرة إيران على صنع قنبلة ذرية كـ”أداة ضغط” على الأطراف الأخرى للاتفاق النووي.

وعنونت الصحيفة، في “مانشيت” اليوم بالقول: “لدينا القدرة على صنع قنبلة ذرية.. لا تضيعوا أوقاتنا”، كما عنونت “وطن امروز” بخط عريض وكتبت: “إيران لديها القدرة على صنع قنبلة نووية لكن ذلك ليس على جدول أعمالها”، وفق ما نقله موقع “إيران انترناشيونال”.

في حين صحيفة “شرق” انتقدت من جانبها هذا التلميح من قبل المسؤولين الإيرانيين بإمكانية صنع قنبلة نووية، وأكدت أن هذه التصريحات تزيد من حجم فقدان الثقة بين إيران والمجتمع الدولي، كما أشارت، إلى أن المجتمع الدولي لم يعتقد يوما أن البرنامج النووي الإيراني هو برنامج سلمي، كما تردد طهران باستمرار.

الانتقال إلى “الخطة ب”

المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، مهدي ذاكريان، قال “إن الدول الأوروبية هي الأكثر تحمسا لإحياء الاتفاق النووي، وتحاول كل من فرنسا وألمانيا في الوقت الحالي، أن تشغّل محرك الاتفاق النووي وتسير عجلاته من جديد، وذلك من أجل إعادة إيران إلى أسواق الطاقة الدولية والاستفادة من الموارد الإيرانية في تسديد حاجاتها من الطاقة، في ظل الأزمة التي تشهدها الدول الأوروبية على خلفية العقوبات الروسية، وقطع إمدادات الغاز والنفط إلى أوروبا، وفق ما نقلته صحيفة “آرمان ملي” الإيرانية.

من جهته أشار الدبلوماسي السابق عبد الرضا فرجي راد، إلى المساعي الغربية لإحياء الاتفاق النووي، ورأى أنه إذا ما أصرت إيران على مواقفها، ولم تقدم تنازلات إلى الأطراف الأخرى للاتفاق النووي، فإننا سنشهد تنفيذ “الخطة ب”، وهو ما يعني “اتفاقا مؤقتا” حيث تستطيع إيران من خلال هذه الخطة أن تبيع نفطها وتحصل على عائداته، لكن دون إحياء للاتفاق النووي، وحل لكافة المشاكل المترتبة عليه.

من جانبها، صحيفة “عصر إيرانيان” الإيرانية، حذرت من الانخداع بالغرب مرة أخرى في ظل تزايد الحديث عن استئناف المفاوضات النووية، وقالت إنه لا ينبغي لإيران أن تلدغ من الجحر مرتين”، وأكدت أن الغرب لن يتوقف عن ممارسة سياسات الضغط في تعامله مع طهران، وشددت كذلك على ضرورة أن لا تركن طهران مرة أخرى إلى تجربة الاتفاق النووي الفاشلة، وما ترتب عليها من أضرار وخسائر لحقت بإيران واقتصادها، حسب زعم الصحيفة.

قد يهمك: تطورات جديدة في “ماراثون” مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران

تعنت إيراني

كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، تحدث عن تقديم مقترحات إيران بعد يوم من نشر مقال لـ”بوريل”، الذي قال إن النص المقترح لإحياء الاتفاق النووي مطروح على الطاولة، ولا يوجد مجال لإضافة أي أفكار أخرى إليه.

وذكر كبير المفاوضين الإيرانيين في تغريدة على منصة “تويتر”، الأحد الفائت: “قدمنا أفكارنا المقترحة من حيث الشكل والمضمون إلى الأطراف المقابلة في المفاوضات”.

وحمّل باقري كني، مسؤولية فشل المفاوضات حتى الآن على الولايات المتحدة الأميركية، وكتب: “إيران مستعدة لاختتام المفاوضات في فترة قصيرة من الزمن، إذا كان الطرف الآخر مستعدا لفعل الشيء نفسه”.

من جانبهم، فسر عدد من المحللين، بمن فيهم هنري روما، الخبير في شؤون إيران، بمعهد “أوراسیا”، ولورنس نورمان من صحيفة “وول ستريت جورنال”، “تغريدة باقري كني” على أنها تشير إلى أن إيران لم تبدِ اهتماما حول اقتراح بوريل ورفضته.

ولا يعتقد الكاتب والمحلل المتخصص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أن “هنالك جدوى من عملية التفاوض مع إيران في ظل انتهاكاتها المستمرة لضوابط عملية العودة إلى التفاوض، بدءا بإطفاء الكاميرات التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وصولا إلى إنتاج أجهزة الطرد المركزي، والتي بموجبها تم رفع مستوى تخصيب اليورانيوم بنسب تجاوزت 80 بالمئة وفقا للإعلام الرسمي الإيراني”.

ووفق تقدير المتخصص بالشأن الإيراني، الذي تحدث في وقت سابق لـ”الحل نت”، فإن “هذا بحد ذاته يعتبر انتهاك خطير، فكيف سيستقيم مسار التفاوض في ظل انتهاك الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى إطلاق التهديدات المستمرة، بأنها باتت على مقربة من إنتاج القنبلة النووية، إضافة إلى عمليات تهريب السلاح إلى أذرعها المنتشرة في الشرق الأوسط، والتي تستخدمهم كمصدات أمنية متقدمة للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، إضافة إلى إرباك خطوط الملاحة البحرية في مياه الخليج العربي وبحر العرب، ومنه إلى البحر الأحمر وصولا إلى الأبيض المتوسط”.

ووفق الخبراء، الذين تحدثوا في وقت سابق لموقع “الحل نت”، فإن إيران “تلجأ في الظروف الضاغطة لها عادة إلى استخدام سياسة الخداع والتّستر لكسب الوقت. وبالفعل فقد سرّبت مؤخرا أنباء عن استعداد طهران للتراجع عن مطالبتها بسحب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، ولكن، فإن الهدف وراء كل هذا هو محاولة الالتفاف على هذه الموجة بالإيحاء، بأن إيران مستعدة لتقديم تنازلات، حيث تم استخدام نفس السياسة عدة مرات بسبب سياسة التهدئة، والاسترضاء المتّبعة من جانب الغرب”.

في المقابل، ذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية، مؤخرا، نقلا عن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أن طهران لن تشغل كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أزالتها في حزيران/يونيو حتى يتم إحياء الاتفاق.

وأبلغت طهران، الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها أزالت معدات تابعة لها، من بينها 27 كاميرا تم تركيبها بموجب الاتفاق، بعد أن مررت الوكالة قرارا ينتقد طهران في حزيران/يونيو.

ولم يتوصل لقاء الشهر الماضي بين باقري كني، وروبرت مالي، الذي عقد بشكل غير مباشر وبوساطة إنريكي مورا، في الدوحة عاصمة قطر إلى أي نتائج.

قد يهمك: بعد أولى جولات “المفاوضات النووية الإيرانية” في قطر.. ما الجديد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.