ما يزال “ماراثون” محادثات الملف النووي الإيراني مستمرا، فبعد الاقتراحات التي قدمها وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بشأن البرنامج النووي الإيراني، من أجل تجنب “أزمة خطيرة”، رفض الجانب الإيراني هذا الاقتراح، بحسب ما أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين.

رفض إيراني

كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، تحدث عن تقديم مقترحات إيران بعد يوم من نشر مقال لبوريل، الذي قال إن النص المقترح لإحياء الاتفاق النووي مطروح على الطاولة ولا يوجد مجال لإضافة أي أفكار أخرى إليه.

وذكر كبير المفاوضين الإيرانيين في تغريدة على منصة “تويتر”، يوم أمس الأحد: “قدمنا أفكارنا المقترحة من حيث الشكل والمضمون إلى الأطراف المقابلة في المفاوضات”.

وحمّل باقري كني مسؤولية فشل المفاوضات حتى الآن على الولايات المتحدة الأميركية، وكتب: “إيران مستعدة لاختتام المفاوضات في فترة قصيرة من الزمن، إذا كان الطرف الآخر مستعدا لفعل الشيء نفسه”.

وكتب بوريل، يوم السبت الفائت مقالا نشر على موقع الاتحاد الأوروبي، أن النص المقترح الحالي المطروح على الطاولة ليس له بديل ولا مجال لإضافة فكرة أو اقتراح آخر، ودعا إيران باتخاذ القرار بأسرع وقت حول هذا الاتفاق والتوقيع عليه.

من جانبهم، فسر عدد من المحللين، بمن فيهم هنري روما، الخبير في شؤون إيران بمعهد “أوراسیا”، ولورنس نورمان من صحيفة “وول ستريت جورنال”، “تغريدة باقري كني” على أنها تشير إلى أن إيران لم تبدِ اهتماما حول اقتراح بوريل ورفضته، وفق موقع “إيران انترناشيونال”.

فيما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها ستتبادل وجهات نظرها حول اقتراح بوريل مع الاتحاد الأوروبي في وقت قريب.

ولا يعتقد الكاتب والمحلل المتخصص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أن “هنالك جدوى من عملية التفاوض مع إيران في ظل انتهاكاتها المستمرة لضوابط عملية العودة إلى التفاوض، بدءا بإطفاء الكاميرات التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وصولا إلى إنتاج أجهزة الطرد المركزي، والتي بموجبها تم رفع مستوى تخصيب اليورانيوم بنسب تجاوزت 80 بالمئة وفقا للإعلام الرسمي الإيراني”.

ووفق تقدير المتخصص بالشأن الإيراني، الذي تحدث في وقت سابق لـ”الحل نت”، فإن “هذا بحد ذاته يعتبر انتهاك خطير، فكيف سيستقيم مسار التفاوض في ظل انتهاك الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى إطلاق التهديدات المستمرة بأنها باتت على مقربة من إنتاج القنبلة النووية، إضافة إلى عمليات تهريب السلاح إلى أذرعها المنتشرة في الشرق الأوسط، والتي تستخدمهم كمصدات أمنية متقدمة للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها، إضافة إلى إرباك خطوط الملاحة البحرية في مياه الخليج العربي وبحر العرب، ومنه إلى البحر الأحمر وصولا إلى الأبيض المتوسط”.

سياسة “تضيع الوقت”

في إطار خطورة فشل المقترحات، أضاف النعيمي، “لا أرى أنه وفقا للمنظور الحالي، يمكن أن تنجح أية تفاهمات في ظل الانتهاكات الإيرانية، لكن في حال الفشل وهو السيناريو الأخطر، فما زال الجانب الإسرائيلي يهدد وعلى لسان مسؤوليه بأنهم سيعملون منفردين في حال لم ينجح مسار الملف التفاوضي، واستمرار إيران في عبثيتها المستمرة ومماطلتها في الانصياع إلى تحقيق الالتزامات المبرمة معها، لما يخص البرنامج النووي إضافة إلى الباليستي وصولا إلى ملف المسيرات، الذي بات يرهق المنطقة بشكل كبير”.

وأشار النعيمي، إلى أن ذلك ربما قد يهدد خطوط الملاحة البحرية في المضائق البحرية، وذلك نظرا لما تتمتع به طهران من قدرة وسرعة على المناورة البحرية من خلال ذراعها “الحرس الثوري”.

ووفق مراقبين، فإن الملف النووي الإيراني يراوح مكانه بسبب عدة أزمات ووجود قضايا ما تزال عالقة ومرتبطة بالجانبين السياسي والإقليمي، إضافة إلى الجوانب الفنية داخل الملف النووي الإيراني، لكن، محاولة أوروبية الآن لإيجاد بوابة آمنة للخروج من تلك الأزمة والعبور من الانسداد، وربما مسودة بوريل والمعروفة بـ”مسودة التفاهم”، هي محاولة ضمن محاولات عديدة، لإنهاء صيغة مرضية بشأن إحياء خطة العمل المشتركة، وهذا ما تم رفضه من الجانب الإيراني حاليا.

لكن، ثمة مخاوف عديدة من أن يؤدي تصاعد العمليات الاستخبارية بين إسرائيل وإيران إلى توتير الأوضاع، خاصة أن طهران عاجزة عن الرد حتى الآن وتواصل أنشطتها التوسعية إقليميا، كما هو الحال، وبالتالي هناك ضرورة سياسية لوضع حد لهذا التّفلت، وإنهاء إحياء اتفاق 2015.

ووفق الخبراء الذين تحدثوا في وقت سابق لموقع “الحل نت”، فإن إيران “تلجأ في الظروف الضاغطة لها عادة إلى استخدام سياسة الخداع والتّستر لكسب الوقت. وبالفعل فقد سرّبت مؤخرا أنباء عن استعداد طهران للتراجع عن مطالبتها بسحب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، ولكن، فإن الهدف وراء كل هذا هو محاولة الالتفاف على هذه الموجة بالإيحاء، بأن إيران مستعدة لتقديم تنازلات، حيث تم استخدام نفس السياسة عدة مرات بسبب سياسة التهدئة والاسترضاء المتّبعة من جانب الغرب”.

في غضون ذلك، صرح رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أن “طهران لديها القدرة الفنية على صنع قنبلة ذرية لكن مثل هذا البرنامج ليس على جدول الأعمال”، وقال “الاتهامات وتعكير الأجواء تثار لخداع الرأي العام، لكن إيران وجدت طريقها وتمضي قدما في خططها”.

قد يهمك: مقترحات جديدة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.. هل تنجح؟

عودة المفاوضات إلى فيينا

في المقابل، ذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية، يوم الاثنين الفائت، نقلا عن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أن طهران لن تشغل كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أزالتها في حزيران/يونيو حتى يتم إحياء الاتفاق.

وأبلغت طهران، الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها أزالت معدات تابعة لها، من بينها 27 كاميرا تم تركيبها بموجب الاتفاق، بعد أن مررت الوكالة قرارا ينتقد طهران في حزيران/يونيو.

على جانب آخر، تحذر قوى غربية من أن إيران تقترب من صنع قنبلة نووية بينما تنفي إيران رغبتها في ذلك، وتعثرت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، بشأن إحياء اتفاق 2015 منذ آذار/مارس الماضي.

ولم يتوصل لقاء الشهر الماضي بين باقري كني وروبرت مالي الذي عقد بشكل غير مباشر وبوساطة إنريكي مورا في الدوحة عاصمة قطر إلى أي نتائج.

لكن في ظل وضع لا يوجد فيه احتمال واضح لاستمرار المفاوضات، أعلن عضو في البرلمان الإيراني، عن إمكانية إجراء هذه المفاوضات في الأيام المقبلة.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، يعقوب رضا زاده، لوكالة أنباء “إسنا” الإيرانية، إن أعضاء هذه اللجنة عقدوا اجتماعات مع باقري كني في الأيام الأخيرة واستنادا إلى المناقشات، “من المحتمل أن تعقد جولة جديدة من المفاوضات في الأيام المقبلة”.

وأضاف رضا زاده للوكالة الإيرانية، أن طهران اقترحت إجراء المفاوضات في إيران، لكن “من المحتمل أن تعقد المفاوضات مجددا في فيينا”.

قد يهمك: بعد أولى جولات “المفاوضات النووية الإيرانية” في قطر.. ما الجديد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.