يبدو أن التوترات السياسية التي يشهدها العراق، قد أثّرت على المواطنين وبدأت تشعرهم بالقلق من نتائجها المجهولة، ومنها إمكانية المواجهة المباشرة بين “التيار” و”الإطار”، فاختاروا ترك العاصمة العراقية بغداد، هذه الفترة.

المدير العام لمركز تنسيق الأزمات في إقليم كردستان العراق، حسين كلاري، كشف اليوم الثلاثاء، عن لجوء مواطنين من بغداد إلى اقليم كردستان، هربا من توترات الوضع السياسي الحالي في العراق.

وذكر كلاري في تصريح صحفي: “لدينا معلومات عن لجوء الناس من بغداد إلى اقليم كردستان بسبب تعقيد الوضع السياسي الحالي في البلاد (…) خاصة في العاصمة بغداد، كونها مقر الحكومة والبرلمان.

وأكد كلاري، أن حركة المرور في مطار أربيل الدولي ومطار السليمانية الدولي والخط البري بين إقليم كردستان العراق والعاصمة بغداد مزدحمة جدا منذ مطلع هذا الأسبوع، بعد تظاهرات أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، السبت المنصرم.

اعتصام مفتوح

جمهور “التيار الصدري”، اقتحم المنطقة الخضراء، السبت المنصرم، وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.

الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، الأربعاء الماضي، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، السبت المنصرم، وهو ما حدث فعلا.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.

ويتخوف العراقيون من تأزم الوضع السياسي وانجراره إلى مرحلة المواجهة المسلّحة بين “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، وبالتالي نشوب حرب أهلية شيعية-شيعية، يكون وقودها الشعب نفسه.

عقم سياسي

العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحاللف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.