في الوقت الذي يجري الحديث فيه عن التوصل إلى اتفاق عراقي – تركي لحل الأزمة المائية، حذرت وزارة الموارد المائية العراقية من تنفيذ تركيا لمشروع مائي سيتسبب بخفض مناسيب مياه نهر دجلة إلى 56 بالمئة.

الوزارة قالت إن تشيد تركيا لسد “الجزرة” سيقلل من واردات نهر دجلة إلى البلاد بنسبة 56 بالمئة، بينما حذر خبير من تحول العراق خلال الـ 28 عاما المقبلة إلى جزء من صحراء البادية الغربية، لكونه سيخسر واردات نهري دجلة والفرات بالكامل.

المتحدث الرسمي باسم الموارد المائية حاتم حميد، أكد في تصريح لصحيفة “الصباح” المملوكة للحكومة العراقية، ومقرها بغداد، وتابعه موقع “الحل نت” اليوم الاثنين، أن “سد الجزرة الذي تعمل تركيا على تشيده سيؤثر على الواردات المائية الواصلة إلى نهر دجلة“.

كما بيّن أن “ما يصل منها إلى دجلة سيكون بنوعية رديئة“، مشيرة إلى أنه “برغم الرفض العراقي الرسمي لتشييد السد خلال الأعوام العشرة الماضية وحتى الآن، إلا أن تركيا ترفض الانصياع لمطالبه ومستمرة بتشييده“.

حميد أوضح أيضا، أن “عام 2014 أعدت الوزارة دراسة إستراتيجية لموارد المياه والأراضي من قبل اسـتـشـاري إيطالي ووضعت حلولا لمعالجة نقص الإيرادات المائية“.

اقرأ/ي أيضا: إجراءات عراقية لإنقاذ دجلة والفرات.. هل تنجح؟

محاور الدراسة وخطر الجفاف

أهم ما ورد بتلك الدراسة “هو التعاون مع تركيا وإيران للاتفاق على إطلاق حصص عادلة ومنصفة للعراق، وإيجاد مشاريع تنفذها الوزارات القطاعية لكونها المستهلك الأكبر بنسبة 75 إلى 85 بالمئة، وكذلك ترشيد الاستهلاك بنسبة 30 بالمئة، إلى جانب تبني تقانات الري الحديثة.، بحسب حميد.

وسد “الجزرة” يقع شمال مدينة الجزرة التركية قرب الحدود السورية، ويهدف لإنتاج الطاقة الكهربائية وإحياء 500 ألف دونم من الأراضي الزراعية، بتحويل ما يقرب من 60 بالمئة من مياه نهر دجلة، إلى أراضيه قبل عبورها الحدود التركية – العراقية.

وفي السياق ذاته، حذر الخبير بشؤون المياه قيس البياتي لـ“الصباح” من أن العراق مقبل على كارثة بيئية وإنسانية خطيرة، إذ سيتحول خلال الـ 28 عاما المقبلة إلى جزء من أراضي البادية الغربية، لكونه سيخسر واردات نهر دجلة والفرات بالكامل قبل حلول العام 2050، ما لم يتم التحرك إزاء دول الجوار قبل هذا التاريخ، لضمان حقوقه المائية.

وأشار إلى أن “تناقصا حادا سيحصل بالحصص الواصلة ضمن نهر الفرات، لتصل إلى 32 مليارا و140 مليون متر مكعب في الثانية، بحلول العام 2050 مقابل احتياجات العراق وحده التي ستبلغ حينها 23 مليارا، بينما ستصل حاجة سوريا وتركيا معا إلى 30 مليارا، ما يعني أن العراق سيخسر موارد النهر بالكامل“.

اقرأ/ي أيضا: هل يعود العراق “لاتفاقية الجزائر” لإنقاذ نهري دجلة والفرات؟

ماذا عن نهر دجلة؟

أما بشأن نهر دجلة، فتوقع البياتي جفافه بالكامل بحلول العام 2050، إذ سيفقد النهر في حال إتمام قائمة السدود التي تعتزم تركيا تشييدها على حوضه ضمن مشروعها كامل حصته المائية، إلا في حال تمكن العراق من إتمام اتفاقات دولية تضمن حصصه المائية بشكل كامل، أما عكس ذلك، فإنه مقبل على كارثة حقيقية.

الجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي ديماس أن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات، بنسب وصلت إلى 73 بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة“.

يشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد أليسو قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهار، وروافد تنبع من إيران مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.

تحذيرات من عجز مائي

كما أن الرئيس العراقي برهم صالح، كان قد أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن “العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحّ المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات“.

ما يمكن الإشارة له أيضا، أن انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، تتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه، وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

ودفع قطع المياه عن العراق من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شحّ المياه في البلاد.

اقرأ/ي أيضا: الفاتيكان يُصدر ميدالية تحتوي نهري “دجلة والفرات” (صورة)

تأثير الأزمة المائية

ما يجدر الإشارة له أيضا، أن مساحة الأراضي المتصحرة في العراق بلغت ما يقارب 27 مليون دونم أي ما يعادل 15 بالمئة تقريبا من مساحة البلد، وفقا لإحصائية أوردتها وزارة الزراعة في مطلع تموز/يوليو المنصرم.

اللافت أنه في منتصف تموز/يوليو الماضي، أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية، اليوم السبت، استعداد تركيا لزيادة الاطلاقات المائية خلال الأيام القليلة المقبلة.

الوزارة وفي بيان لها، تلقى موقع “الحل نت” نسخة منه، ذكرت أن “وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني، عقد مع المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي لشؤون المياه صباح هذا اليوم اجتماعا افتراضيا مع مبعوث الرئيس التركي لشؤون المياه فيسيل أوروغلو“.

الاجتماع “ناقش وضع الواردات المائية لنهري دجلة والفرات الداخلة للعراق، وضمن ذلك طلب الوزير الحمداني من الجانب التركي إعادة النظر بخطة الإطلاقات المائية بما يؤمن حاجة العراق لتجاوز ظروف الشحة المائية الحالية“، وفقا للبيان.

فيما أشار إلى أن “المبعوث الخاص للرئيس التركي لشؤون المياه أبدى استعداده للتعاون مع العراق بالإيعاز لمؤسسة المياه والسدود التركية لزيادة الإطلاقات المائية خلال الأيام القليلة القادمة وحسب الخزين المتوفر لديهم“.

ولفت إلى أنه “خلال الاجتماع الافتراضي تم الاتفاق بين الجانبين على إرسال وفد فني عراقي للاطلاع موقعيا على واقع الخزين المائي في السدود التركية، ومناقشة الخطط التشغيلية لتلك السدود وفقا للخزين المتاح لتجاوز أزمة شح المياه الحالية التي يمر بها العراق“.

اقرأ/ي أيضا: أول جسر مشاة على نهر دجلة في بغداد: متى سيكتمل؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة