عدم مقدرة العراق على إقرار موازنة مالية لهذا العام، وربما العام المقبل، لعدم وجود حكومة رسمية منذ إجراء الانتخابات المبكرة في الأشهر الأخيرة من العام المنصرم، يدفع للتفكير بحل مفاده إعداد موازنة مالية متعددة السنوات، فهل يمكن ذلك؟

المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الحكومة العراقية، مظهر محمد صالح، قال، الأربعاء، إن “قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 المعدل يشير إلى إقرار الموازنة العامة بشكل سنوي، إذ يتم عرض مسودة القانون المرسلة من قبل السلطة التنفيذية، في مجلس النواب لتشريع القانون، ويسمى قانون الموازنة العامة الاتحادية، والتطبيقات العالمية للموازنة العامة تكون سنوية في الغالب”.

وأردف صالح في تصريح لوكالة الأنباء العراقية “واع”، أن االعراق يعتمد ستراتيجية للموازنة العامة، تمتد لـ 3 سنوات مقبلة وتتماشى مع مؤشرات خطة التنمية الاقتصادية للبلاد، إلا أنها تكون قابلة للتعديل سنويا، وهذا دليل استرشادي يتم الاعتماد عليه عند وضع مسودة قانون الموازنة العامة السنوية.

صالح أوضح، أن “مقترح أن تكون الموازنة العامة لأكثر من سنة مالية يتطلب تعديل قانون الإدارة المالية النافذ، والتخلي عن سنوية الموازنة وإحلال أنماط من الموازنات تقر لعدد من السنوات”.

لافتا إلى أن “هذا النوع من الموازنات سيمنح السلطات المالية بشكل خاص والسلطة التنفيذية بشكل عام، مرونة عالية في التعديل والاستجابة للمستجدات والظروف الاقتصادية والمفاجآت المالية الطارئة عند تشريع موازنة عامة تمتد لأكثر من سنة مالية”.

واختتم صالح بالقول، إن “المقترح لم يعمل به في تجارب العالم المالية، لذا لا بد من أن يدرس الموضوع مع واحدة من المنظمات المالية الدولية المتعددة الأطراف، والتي يحظى العراق بعضويتها، من أجل دراسة الفكرة على وفق النظم المعتمدة في المالية العامة وتطبيقاتها العالمية”.

تفاصيل المقترح

مؤخرا، قدم اقتصاديون عراقيون مقترحا لإقرار موازنة لأكثر من عام لتجاوز الإشكالات التي تحصل في تصويت مجلس النواب ونظام عمل وزارة المالية المتأخر والبالي، على حد وصفهم.

المقترح الذي قدم يسعى لمعالجة الاختلالات التي يتسبب بها تأخر إقرار الموازنة المالية العامة والتي تساهم في تفاقم معاناة المواطنين والبلاد، فضلا عما تساهم به بتأخر تنفيذ العشرات من المشاريع الاستثمارية والتلكؤ والتوقف في عمل القطاع الخاص، الذي يرتبط انتعاشه بشكل وثيق بحجم المشاريع الاستثمارية المنفذة، ومما تؤدي به من زيادة في معدلات الفقر والبطالة.

وبحسب الخبير الاقتصادي موسى الموسوي، فإن تأخر إقرار الموازنة يمثل عقبة حقيقية أمام تشريع العديد من القوانين المهمة، ويؤدي إٕلى توقف شبه تام للمشاريع العمرانية والاقتصادية والعلمية والتعليمية.

الموسوي اقترح لتجاوز تلك المشكلات التي يتسبب بها تأخر إقرار الموازنة، في حديث لصحيفة “الصباح” المملوكة للحكومة العراقية، تحديث سياقات وزارة المالية البالية والروتينية وإيجاد حل للاختناقات التي تعاني منها الموازنة، كجعلها خمسية أو عقدية لمدة 10 سنوات أو لمدة سنتين أو 3 سنوات مع وضع آلية للمتغيرات التي تطرأ خلال فترة الموازنة، على حد قوله.

عام بلا موازنة؟

الجمود السياسي الذي يعاني منه العراق نتيجة التدافع السياسي بين القوى السياسية، تسبب في تأخير إقرار الموازنة المالية، رغم أن البلاد تعاني العديد من المشاكل الاقتصادية، لعدم وجود حكومة جديدة، والحكومة الحالية بمثابة المستقيلة.

وتحدد الموازنة المالية، بنود مصروفات الدولة خلال عام، خاصة المخصصة للرواتب والدعم وسداد أعباء الديون، كما تحدد المستهدف من إيرادات الدولة.

ورغم نجاح الحكومة في الحصول على نحو 18 مليار دولار ضمن قانون “الدعم الطارئ” الذي أقره البرلمان أخيرا؛ لتأمين استيراد الطاقة وتمويل المشاريع الخدمية المهمة وتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية، إلا أن مسؤولين يؤكدون استمرار حاجة البلاد للموازنة التي أعدت مسودتها بوقت سابق عند قرابة 90 مليار دولار.

لكن مع استمرار تعطل تشكيل الحكومة العراقية، وفي ظل استمرار عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات للخروج من الأزمة الراهنة، لا يبدو واضحا أنه بإمكان حكومة تصريف الأعمال الحالية، تقديم مشروع قانون الموازنة للعام الحالي، ما يعني أنه قد ينتهي العام من دون موازنة.

إذ أن “المحكمة الاتحادية العليا” جردت حكومة مصطفى الكاظمي الحالية، من كافة الصلاحيات، باعتبارها حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، ولا يحق لها اقتراح مشاريع القوانين المهمة مع إبطال كافة أوامر التعيين بالدرجات العليا التي صدرت خلال فترة تصريف الأعمال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.