ملف عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، شغل مساحة واسعة من الإعلام العربي، كما شغل الشارع السوري، بعدما بدأ كل من الحزب الحاكم في تركيا، والأحزاب المعارضة إثارته، فيما يبدو أنه يهدف إلى خلق منافسة انتخابية لتقديم أوراق إضافية للشارع التركي تزامنا مع اقتراب الانتخابات.

مفترق طرق

ما حدث الثلاثاء قد يعتبر مفترق طرق، في كشف الأهداف التركية من وراء إطلاق تصريحات حول ملف عودة علاقاتها مع دمشق، لا سيما بعد شنها لغارات جوية استهدفت مواقع للجيش الحكومي شمالي سوريا.

وأفادت مصادر محلية أمس، بأن طائرات حربية تركية، هاجمت عبر ثلاث غارات مواقع للجيش السوري، في قرية حدودية قرب مدينة كوباني، شمالي سوريا، ما أسفر عن مقتل 11 شخصا وإصابة آخرين بجروح.

ويعتبر الهجوم التركي، أكبر تصعيد بين الطرفين منذ إطلاق أنقرة في العام 2020 عملية عسكرية محدودة ضد القوات السورية في محافظة إدلب شمال غربي البلاد.

الباحث السياسي، صدام الجاسر، يرى أن الغارات التركية على مواقع للقوات السورية، تؤكد أنه لا سبيل لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، فيما يستثنى من ذلك التواصل الاستخباراتي الموجود بين كافة الدول.

قد يهمك: ترحيل محامي سوري.. الخطر الأخلاقي والقانوني يلاحق السوريين في تركيا

ورقة انتخابية

ويقول الجاسر، في حديث خاص مع “الحل نت”: “عودة العلاقات بين أنقرة، ودمشق باستثناء التواصل الاستخباراتي، يدخل في باب المزايدات الانتخابية، حيث يسعى الحزب الحاكم لقطع الطريق على المعارضة باستعمال هذه الورقة، لاحظنا تشدد في مجال تعامل السلطات مع اللاجئين السوريين لنفس السبب”.

ويعتقد الجاسر، أن إطلاق الحكومة التركية لهذه التصريحات، جاء بسبب أحزاب المعارضة التركية التي حاولت تقديم أوراق انتخابية، للرأي العام التركي، فاستعملت ورقة اللاجئين عبر إعادة العلاقات مع دمشق.

وحول ذلك يضيف: “لا يوجد عودة للعلاقات، كلام وزارة الخارجية الأميركية واضح بهذا الشأن، أن أي إعادة علاقات لأي دولة مع النظام السوري سيعرضها لعقوبات، وبالتالي تركيا لا ترغب بزيادة سوء الوضع الاقتصادي لديها”.

ويعلق الجاسر، على عمليات القصف الحاصلة أمس قائلا: “أنقرة من خلال القصف على النقاط السورية، أظهرت دليل أنه لا يمكن أن تعود العلاقات بين الجانبين، التصريحات السياسية لا أهمية لها، المهم ما يحصل على الأرض”.

وسائل إعلام تركية تحدثت أمس الثلاثاء، عن نية شخصيات في أحزاب المعارضة التركية، زيارة دمشق خلال الأيام القادمة، وذلك للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، ووزراء من حكومة دمشق.

ويختم الجاسر، حديثه بالتعليق على هذه الأنباء ويقول: “زيارة الشخصيات من الأحزاب التركية إلى دمشق، الأجواء بالنسبة لهذه الشخصيات، تحاول الاستثمار في ورقة اللاجئين، وتقديمه للرأي العام في تركيا.. في النهاية هذه الشخصيات الحزبية، هي شخصيات ليس لها أي قرار في السلطة، لذلك هذه الزيارات هي زيارات شكلية من أجل الانتخابات”.

كثيرة هي التساؤلات التي تدور حول تبعات تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إزاء إعلانه رغبة تركيا بإجراء اتفاق، أو مصالحة بين حكومة دمشق والمعارضة السورية، لا سيما إمكانات تنفيذ الرؤية التركية حيال عقد المصالحة المفترضة بين دمشق ومعارضيها، إضافة إلى احتمالات عودة العلاقات السياسية والدبلوماسية المباشرة، والمعلنة بين أنقرة ودمشق، فكيف ستكون ردة فعل دمشق، وهل ستتعاطى بشكل إيجابي مع الطروحات التركية.

موقف دمشق

الكاتبة السياسية السورية، ميس كريدي، أكدت أن إعادة العلاقة بين دمشق وأنقرة أمر طبيعي، لا سيما وأنهما تملكان حدود مشتركة واسعة، لكنها تعتقد أن عودة العلاقات يجب أن تبنى، بدون إعطاء الحق لتركيا بالتدخل بالشأن السوري.

وقالت كريدي، التي تتحدث من دمشق في حديث سابق لـ“الحل نت”: “في وقت من الأوقات، حتما سيكون هناك حوار بين أنقرة ودمشق، لكن هذا الحوار إن حصل، فسيكون مبني على حماية الأمن الوطني لكلا الدولتين، وبالتالي لا يكون هناك أي حق لتركيا بالتدخل بالشأن الداخلي السوري”.

ورفضت كريدي، أن تفرض تركيا على الحكومة السورية، الحوار مع فصائل المعارضة، معتبرة أن ذلك تدخلا في الشأن الداخلي لسوريا، ولن تقبل به دمشق، وبالتالي دعوة أنقرة للحوار بين المعارضة، والحكومة السورية هي دعوة مرفوضة بطبيعة الحال، حسب تعبيرها.

وحول ذلك أضافت: “لا يمكن لتركيا أن تفرض أجندة سياسية أو تفرض أشخاص على الدولة السورية، هذا الموضوع لن يحصل. الكلام عن فرض تركيا لأي مصالحة مع المعارضة، يُقرأ في سياق التدخل في الشأن الداخلي السوري”.

قد يهمك: هل تتجه فرنسا لمحاسبة دمشق على “مجزرة التضامن“؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة