الظروف التي مر بها السوريون خلال السنوات الأخيرة من ضغوط أمنية واقتصادية، ساهمت إلى حد كبير بارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية في سوريا، إلى معدلات غير مسبوقة، تزامنا مع غياب الخدمات الطبية في هذا الاختصاص، فضلا عن غلاء الأسعار إلى حدّ يفوق قدرة المواطن الشرائية الذي يفضل توجيه تلك القدرة إلى “الأساسيات” كالغذاء.

انهيار وشيك؟

الطبيبة والمعالجة النفسية، رندا رزق الله، حذرت من انهيار قطاع الطب النفسي في سوريا، مشيرة إلى أن: “بعض الحالات قد تدفع بالمريض إلى إنهاء حياته، وهي ظاهرة لها جذران الأول بيولوجي نفسي عصبي والثاني بيئي اجتماعي، واضطرابات المزاج كالاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب والهوس، وكذلك حالات الإدمان على المهلوسات والمخدرات“.

وأضافت رزق الله، في تصريحات نقلها موقع “أثر برس“: “في سوريا اليوم يتراجع العلاج الدعم النفسي، نتيجة هجرة الأطباء والمعالجين وندرة الأدوية الفعالة، وغلائها الفاحش مما يجعل المريض النفسي يعاني أشد حالات الألم دون أي مساعدة أو علاج“.

تأثير الوضع الاقتصادي

وحول معاناة السوريين على الصعيد النفسي، اعتبرت رزق الله، أن فساد البنية الاقتصادية التي كانت تؤمن أساسيات الحياة المناسبة للإنسان من غذاء ومتطلبات معيشية ملحّة، نتج عن غيابها صعوبة في العيش، وإحساس بالتفاهة واللا جدوى وانعدام القيمة الإنسانية للحياة.

وحول ذلك أضافت:” بالإضافة إلى فقدان الإحساس بالقيمة في العمل نتيجة الفساد المستشري في معظم الوظائف العامة والخاصة، فالشباب السوري اليوم من خريجي الجامعات يمكثون سنوات طوال ريثما يجدون فرصة عمل، وعندما يجدون هذه الفرصة لا يكفي راتب الوظيفة أجرة مواصلاتهم“.

بدوره أوضح رئيس الرابطة السورية للأمراض النفسية، مازن خليل، أنه: “في ظل النقص الحاد لأطباء الصحة النفسية في سوريا، فإن أجوز زيارة الطبيب النفسي في سوريا، تصل حتى 50 ألف ليرة سورية”.

قد يهمك: خطوط كهرباء ذهبية في سوريا.. ماذا وراءها؟

أضف لذلك أن سوريا تعاني من نقص في كوادر الطب النفسي، فيوجد في سوريا فقط 70 طبيب اختصاص أمراض نفسية يعمل ضمن العيادات والمشافي بشكل فعلي، وفقاً لرئيس رابطة الرابطة السورية للأمراض النفسية، الدكتور مازن خليل في تصريح لـ “أثر برس” وتصل أجور زيارة طبيب نفسي (كشفية) حتى 50 ألف ليرة سوريا.

وفي سوريا، لا توجد إحصائية دقيقة حول انتشار الاضطرابات النفسية، وذلك لأن الجهات المعنية ليست مهتمة في الوقت الحالي بإجراء تلك الإحصائيات.

ويقابل هذه الأوضاع تخوفا من البوح أو الاعتراف بالتعب النفسي بسبب نظرة المجتمع، للأمراض النفسية.

ندرة في الأخصائيين

مدير مشفى ابن سينا للأمراض العقلية في دمشق، أيمن دعبول، كشف في وقت سابق عن قلة الأخصائيين النفسيين في سوريا، حيث أكد أن عدد الأطباء في سوريا حاليا يبلغ 45 طبيبا في كافة أنحاء البلاد. ولفت دعبول، في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم”، إلى أن حاجة البلاد إلى الأخصائيين النفسيين، “تصل إلى 10000 طبيب نفسي بالحد الأدنى، وذلك بالنظر إلى عدد السكان“.

وتسببت الضغوط النفسية في سوريا، بارتفاع نسبة إصابة الشباب باﻻحتشاء القلبي في سوريا، بنحو 15 بالمئة.

وأرجع أستاذ أمراض القلب في كلية الطب بجامعة “تشرين“، الدكتور إياس الخيّر، ارتفاع نسبة الإصابة بهذا المرض إلى “الضغط النفسي الشديد والوضع المادي السيئ، وما قد يرافقه من عزوف عن تناول الأدوية اللازمة والضرورية“، معتبرا، أن ما سبق “أسباب تلعب دورا كبيرا في زيادة حدوث مثل هذه الاحتشاءات وبأعمار صغيرة، بسبب ما يرافقها من إفراز هرمونات الشدة، والتقبض الوعائي الشديد“.

اقرأ أيضا: ترحيل محامي سوري.. الخطر الأخلاقي والقانوني يلاحق السوريين في تركيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.