مع استمرار الأزمة المائية في العراق وعدم التوصل لحل لتجاوزها، طالبت محافظة ميسان، اليوم الأحد، الحكومة الاتحادية بتخصيص حصة مياه خاصة لأهوار المحافظة، بعيدا عن الحصة المخصصة لميسان والبصرة، بينما حذرت من تغير ديموغرافي فيها.

محافظ ميسان، علي دواي، قال في تصريح لصحيفة “الصباح“ المحلية، وتابعه موقع “الحل نت“، إن “الحفاظ على مناسيب مياه ثابتة في مناطق الأهــوار المختلفة، يشكل أهمية قصوى للحفاظ على بقاء القاطنين فيها من مربي الجواميس، وصيادي الأسماك وغيرهم، وعدم هجرتهم إلى مناطق أخرى، فضلا عــن الـحـفـاظ على عـالـم الأهــوار الخلاب بما يضمه من تنوع بيئي وحيواني يتفرد به“.

وأضاف، أن “المطالبة بحصص مائية إضافية لأهـوار المحافظة، بعيدا عن حصتي ميسان والبصرة، مرتبطة أيضا بالإيفاء بمتطلبات إبقاء الأهوار ضمن لائحة اليونسكو، للتراث العالمي بما تفرضه من معايير دولية خاصة، والتزامات اتجاه هذا الأمر الذي تم خلال العام 2017، بما يضمن الحفاظ على التنوع البيئي والأحيائي فيها“.

دواي، حـذر من “استمرار شح الحصص المائية الواصلة للأهوار، إذ بات يهدد بحصول هجرة جماعية منها، بعد أن هلكت ماشيتهم، وانعدمت متطلبات المعيشة فيها لاسيما للثروة السمكية، إلـى مناطق أخــرى، وما سيسببه ذلك من ضغوطات على الخدمات العامة وإربـاك اجتماعي واقتصادي فيها“، معبرا عن “تخوفه من حصول تغير ديموغرافي فـي تلك المناطق على خلفية تركهم لها، واستقرارهم بمناطق أخـرى يجدون فيها مصادر للرزق“.

وفي وقت سابق، أكد وزير البيئة جاسم الفلاحي، أن الجفاف يهدد أمن العراق، حيث وضعته تقارير الأمم المتحدة ضمن خمس دول هي الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية، لجهة الارتفاع الهائل في درجات الحرارة، والتناقص غير المسبوق في الإيرادات المائية، من دول المنبع.

اقرأ/ي أيضا: الجفاف يضرب العراق وبحيراته ممرات للسيارات

عوامل الجفاف

الفلاحي، قال في تصريح صحفي، إن “انخفاض معدلات التساقط المطري، وغيرها من العوامل، أدت إلى زيادة التصحر، وفقدان الكثير من الأراضي الزراعية، وازدياد معدلات العواصف الغبارية والرملية“، مشيرا إلى أن “الجفاف واحد من أهم مهددات الأمن الوطني، خاصة أن أكثر من 33 بالمئة، من سكان العراق يعيشون في مناطق الأرياف“.

وأضاف، أن “هؤلاء السكان يعتمدون على الزراعة، وتربية الحيوانات، وفي حال فقدان موطنهم الزراعي، بسبب غياب الكميات الكافية من المياه، فسيفقدون مصدر معيشتهم الرئيسي، وبالنتيجة النهائية، سيكون الجفاف واحدا من أسباب النزوح الداخلي، وحتى الخارجي“.

وبحسب الفلاحي، فإن “الحكومة العراقية واعية جدا لمشكلة الجفاف، حيث اتخذت وزارة البيئة منذ سنوات خطوات جريئة جدا، بالتعاون مع دول العالم والإقليم، لمواجهة التأثيرات الحتمية للتغيرات المناخية، وأبرز تلك الخطوات، انضمام العراق لاتفاقية باريس، وصدور القانون الخاص بذلك“.

وكشف وزير البيئة عن خطة العراق لمواجهة الجفاف قائلا: “خطة العراق تقوم على قسمين، بعد أن صوّت عليها مجلس الوزراء، وأُرسلت إلى سكرتارية المناخ العالمية، قبل المشاركة في مؤتمر غلاسكو، نهاية العام الماضي، حيث بدأت الخطة في قسمها الأول والذي يبدأ من 2020 – 2025”.

الخطة “ركزت على خفض الانبعاثات الكربونية، خصوصا في قطّاعي النفط والغاز، مع التركيز على ضرورة رفع الوعي الوطني، تجاه التغيرات المناخية“.

وأضاف: “الاتجاه الآخر الذي يبدأ، من 2025 إلى 2030 سيركز بشكل أساسي على قطاعين مهمين، وهو نقل التكنولوجيا الحديثة، في مجال السقي والإرواء، والإدارة الرشيدة للموارد المائية، حيث نعاني مشاكل جدّية في هذا الجانب، بسبب تقادم، أو عدم دخول الأساليب الحديثة في الإرواء، وهو ما يسبب هدرا للمياه“.

اقرأ/ي أيضا: الجفاف في العراق: هل سيختفي الماء قريباً في “بلاد الرافدين”؟

إجراءات وتحذيرات

كما أشار، إلى أن “إحدى المبادرات المهمة، المبادة الوطنية لتعزيز الطاقة وترشيد الاستهلاك“، حيث حققت نتائج جيدة، لجهة نصب عدّادات وإلزام المؤسسات الحكومية بالترشيد“.

ولفت، إلى “وجود 540 فريقا يعمل بشكل متواصل لإنجاز تلك المبادرة، التي حظيت بموافقة أمانة مجلس الوزراء، كما أطلقت الحكومة العراقية مبادرة التشجير، بمشاركة عدة لجان، متخصصة، لاختيار الأماكن، وأخرى لتحديد نوعية المواد والأشجار، التي تصلح لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية، وتناسب البيئة العراقية“.

وتابع الفلاحي: “توجه العراق الآن نحو استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، لإنشاء مصدّات للرياح، حول المدن وخارجها، ونركز بشكل أساسي، على البيئة الحضرية، لأننا مهتمون بموضوع الاستدامة“.

الجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق، ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، سامي ديماس، إن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات، بنسب وصلت إلى 73بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة، في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة“.

يشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد “أليسو”، قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهر، وروافد تنبع من إيران، مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.

تأثيرات أزمة المياه

كما أن الرئيس العراقي، برهم صالح، كان قد أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن “العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحّ المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات“.

ما يمكن الإشارة له أيضا، أن انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، تتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

 كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه، وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

 كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران، إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى، وواسط، والبصرة.

 ودفع قطع المياه عن العراق، من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شحّ المياه في البلاد.

 ومما يجدر الإشارة له أيضا، أن مساحة الأراضي المتصحرة في العراق، بلغت ما يقارب 27 مليون دونم، أي ما يعادل 15 بالمئة تقريبا من مساحة البلد، وفقا لإحصائية أوردتها وزارة الزراعة في مطلع تموز/يوليو المنصرم.

اقرأ/ي أيضا: تداعيات الجفاف.. موت 20 نهرا بمحافظة عراقية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.