في الوقت الذي يواصل فيه مناصرو مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي وزعيم التيار الصدري، اعتصاماتهم بالعاصمة العراقية بغداد، احتجاجا على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة العراقية من قبل قوى الإطار التنسيقي، وللمطالبة بحل البرلمان وإجراء الانتخابات المبكرة، شهدت محافظات إقليم كردستان العراق، المتمتع بحكم ذاتي، هي الأخرى تظاهرات المعارضة الكردية، المناهضة للحزبين الرئيسيين في الإقليم: الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.

وفي السادس من آب/أغسطس الجاري، خرجت احتجاجات في بعض مناطق ومحافظات الإقليم، بدعوة من شاسوار عبد الواحد، زعيم “حراك الجيل الجديد” المعارض، للمطالبة “بوقف الفساد وتحسين الظروف المعيشية والخدمية المتردية”، وإجراء الانتخابات محلية في موعدها المقرر. لكن تلك الاحتجاجات تعرضت للتفريق بالقوة، باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. فضلا عن اعتقالات طالت نواب وقيادات في “حراك الجيل الجديد”، وخصوصا في مدينة السليمانية، إذ تم اعتقال ستة نواب عن الإقليم، ونائب في البرلمان العراقي، قبل أن يتم إطلاق سراحهم.

منظمات حقوقية اتهمت الحزبين الرئيسين، “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني، و”الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني، بقمع تظاهرات المعارضة الكردية. وسط استنكار قوى ومنظمات محلية، فضلا عن بيانات إدانة، صدرت عن البعثة الأممية، والسفارة الأميركية، وعدد من بعثات الدول الأوروبية.

وعبّرت السفارة الأميركية في بغداد، عن “قلقها إزاء لجوء قوات الأمن إلى العنف”، وحثت “سلطات إقليم كردستان العراق على مراجعة هذه الإجراءات، وإعادة التأكيد على الأدوار الحيوية، التي تلعبها الصحافة الحرة والتجمع السلمي وسيادة القانون في العملية الديمقراطية”.

“تظاهرات المعارضة الكردية ستعود بقوة”

دياري أنور، عضو “حراك الجيل الجديد”، أشار إلى أن “تظاهرات المعارضة الكردية ستعود بصورة أوسع وأقوى”.

مبيّنا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “القمع الكبير، الذي واجهت به السلطة في كردستان وأحزابها الحاكمة التظاهرات، لن يزيدنا إلا قوة وإصرارا على التغيير، وإنهاء الفساد في مدن الإقليم”.

ونوّه إلى أن “أوضاع إقليم كردستان سيئة من حيث الخدمات، والفساد يسيطر على مفاصل الحكم، وقريبا ستعود تظاهرات المعارضة الكردية بشكل أكبر. كما أوصلنا أصواتنا للمنظمات الدولية والأمم المتحدة، وكتبنا تقارير عن حالة القمع الكبيرة”.

وخلال السنوات الأخيرة، وجهت منظمات غير حكومية، بينها “هيومن رايتش ووتش”، اتهامات للسلطات المحلية في كردستان، بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان والصحافة والأقليات.

وتطالب الأحزاب المعارضة في إقليم كردستان بإجراء انتخابات الإقليم بموعدها المقرر، على أن يتم تعديل قانون الانتخابات، ليكون مشابها لقانون انتخابات البرلمان العراقي، وذلك بطريقة الدوائر المتعددة، فيما يرفض الحزب الديمقراطي الكردستاني هذا التعديل، ويصرّ على أن تجرى الانتخابات بنظام الدوائر المغلقة.

الحزب الديمقراطي ينفي اتهامات المعارضة الكردية

وفي المقابل يرى الحزب الديمقراطي الكردستاني أن “تظاهرات المعارضة الكردية، واحتجاجات حراك الجيل الجديد، جاءت بدافع شعبوي، وتشابهت مع الاحتجاجات الجارية في بغداد، على الرغم من أنها كانت محصورة بنطاق ضيق”.

ويؤكد عبد السلام برواري، النائب السابق في برلمان إقليم كردستان عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن “الحزبين الرئيسين في اقليم كردستان لا يقمعان الاحتجاجات، فقد كانا الفاعلين الرئيسيين في إصدار قانون حق التظاهر، وهو مكفول دستوريا”.

وينفي برواري، في حديثه لموقع “الحل نت”، ما يوجّه من اتهامات للسلطة بقمعها لحرية التعبير. قائلا: “لننظر إلى التعددية في الإقليم، كل حزب يمتلك وسائل إعلام حرة، فالجهة الداعية للاحتجاج تمتلك قناة تلفزيونية، وغالبا ما تستغل حرية التعبير للتحريض، وتضخيم المشكلات البسيطة، ثم يأتي أنصارها ويتهمون السلطة بقمعهم”. حسب تعبيره.

يُذكر أن “حراك الجيل الجديد” تأسس عام 2017، وحصل على تسعة مقاعد في البرلمان العراقي، خلال الانتخابات البرلمانية، التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

وتتمحور معظم مطالب تظاهرات المعارضة الكردية حول معالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية، والتصدي لسوء الإدارة، في حين تؤكد أحزاب السلطة على أنها حققت إنجازات ومكاسب، خلال فترة تعتبر قياسية.

مفوضية انتخابات كردستان ومطالب تظاهرات المعارضة

وتعتبر انتخابات برلمان إقليم كردستان، التي من المقرر أن تجري في الأول من تشرين الأول/أكتوبر من العام الحالي، إحدى أهم دوافع مظاهرات المعارضة الكردية. فقد أعلنت “المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان” عدم قدرتها على إدارة العملية الانتخابية، حتى مع اتفاق الجهات السياسية في الإقليم على إعادة تفعيل المفوضية.

المتحدث باسم المفوضية شيروان زرار قال، في حديثه لموقع “الحل نت”، إن “المفوضية أخبرت الجهات السياسية بحاجتها إلى ستة أشهر من التحضيرات، بعد تعديل قانون الانتخابات وليس قبله، لإدارة العملية الانتخابية”.

 مشيرا إلى أنه “من الممكن أن تحدد الأطراف السياسية موعد الانتخابات، لكن تعديل قانونها يحتاج إلى شهرين من الزمن، ومن الخطأ احتساب هذه المدة على الستة أشهر التي تحتاجها المفوضية”.

الاتحاد الوطني وعقدة الانتخابات

ووسط تظاهرات المعارضة الكردية، يبدو أن الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو ثاني أكبر الأحزاب الكردية، لديه خلافات كبيرة بدوره مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لا تنحصر بمنصب رئاسة الجمهورية العراقية فقط.

صالح فقي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، يجزم بأن “حزبه لن يقبل بإقامة انتخابات برلمان الإقليم بوضعها الحالي”.

لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أنه “في حال لم يتم تعديل قانون الانتخابات، وانتخاب مفوضية جديدة، تشرف على إدارة عمليات الاقتراع، فلن نقبل بإقامة الانتخابات، لأن المستفيد منها هو الحزب الديمقراطي الكردستاني فقط”.

وأوضح أن “الاتحاد الوطني يريد إقامة الانتخابات وفقا لنظام الدوائر المتعددة، كما هو معمول به في الانتخابات العراقية. ونريد تنظيف سجلات الناخبين من المزورين، قبل إقامة انتخابات كردستان”.

ويعاني إقليم كردستان من أوضاع اقتصادية سيئة، تتمثل بتأخّر صرف رواتب الموظفين، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود، ومعدلات الفقر والبطالة، وذلك نتيجة الخلاف حول الملف النفطي مع بغداد، وأيضا عدم الاتفاق على حصة إقليم كردستان من الموازنة العراقية.

وتشهد السليمانية بين فترة وأخرى تظاهرات المعارضة الكردية، احتجاجا على تأخر صرف الرواتب، وسوء الخدمات المقدمة من قبل الحكومة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.