قبل بدء العام الدراسي الجديد في سوريا، تزدحم المكتبات والأسواق التي تبيع اللوازم المدرسية والقرطاسية، وكذلك محال الملابس والخياطين، لكن شكوى السوريين تزداد كل عام من الأسعار غير المنطقية، والتي تكون أعلى من العام الذي يسبقه، ومما يسمونه ابتزازا واضحا من قبل التجار مع تغاضي الحكومة السورية عن ذلك أو حتى تقديم الدعم للمواطنين.

في ظل ارتفاع أسعار القرطاسية بمعدلات تراوحت بين 50-75 بالمئة عن العام الماضي، خاصة في المحلات والمكتبات. لجأ الكثير من السوريين إلى الشراء من الأكشاك والبسطات في الأسواق الشعبية، كونها أرخص وأنسب لجيوبهم ورواتبهم الهزيلة.

مليون ليرة تكلفة القرطاسية

أسعار المكتبات والمحال للطبقة الغنية، والبسطات في الأسواق الشعبية وصالات “السورية للتجارة” للناس العامة من الموظفين والعاملين العاديين، هكذا وصف العديد من مواطني محافظة حماة، حالهم في توفير المستلزمات المدرسية لأبنائهم استعدادا للعام الدراسي الجديد، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء.

فأسعار القرطاسية والألبسة المدرسية بالمحال التجارية “خيالية”، ولا قدرة للعديد من السوريين عليه، تقول رهف، وهي أم لأربعة أولاد للصحيفة المحلية، مضيفة “لذلك اتجهت للبسطات فهي أرخص وأوفر”، على حدّ تعبيرها.

وأوضحت رهف، أنها تحتاج إلى مليون ليرة لتتمكن من شراء مستلزمات المدارس لأولادها، فالأول بالصف التاسع، والثاني بالسادس، والثالث بالخامس، والرابع بالأول، وجميعهم في هذا العام بحاجة لألبسة جديدة بعدما انتهى عمر القديمة التي دوَّرتها من الكبير للصغير وهكذا.

بدوره، قال سهيل وهو موظف حكومي، أنه توجه إلى مجمع “أبي الفداء” الاستهلاكي، لشراء مستلزمات العام الدراسي لأولاده بالتقسيط بعدما أنجز المعاملة اللازمة لذلك، وأوضح أن المواد بالمجمع ذات نوعية مقبولة، وأرخص من نظيرتها بالمكتبات ومحال بيع الألبسة المدرسية.

ولفت سهيل، إلى أنه اتخذ هذا القرار بعد جولة طويلة بالأسواق، واطلاعه على الأسعار حيث سعر قميص الابتدائي 18 ألف ليرة سورية، والإعدادي 25 ألف ليرة، والثانوي 35 ألف ليرة، والحقيبة من 25 – 100 ألف ليرة.

كما وأوضحت سهاد من جانبها، وهي مهندسة وأم لولدين الأول بالبكالوريا، والثاني طالبة بالحادي عشر، أن كلفة المستلزمات المدرسية لكل ولد ما بين 150 – 300 ألف ليرة، إذا كانت تلك المستلزمات من النوع الأول، وفق الصحيفة المحلية.

قد يهمك: لا تعليم مجاني في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

ارتفاع بنسبة 75-50 بالمئة

في المقابل، كشف عدد من الباعة للصحيفة المحلية أنه يوجد بالأسواق مواد ومستلزمات مدرسية متنوعة وعديدة، ومنها الرخيص ومنها الغالي، فالسعر حسب النوعية والجودة.

في حين بيّن بعضهم الآخر أن أسعار هذا العام ارتفعت بالنسبة لهم أيضاً، وهي من المصدر، عن مثيلتها بموسم المدارس الماضي بنحو 50 – 75 بالمئة، وعزوا ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والتصنيع بالمعامل والشركات، وأجور النقل بين المحافظات.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي سائر الحاج حامد، أن ضعف القدرة الشرائية للمواطنين والحالة الاقتصادية الصعبة للأسرة السورية، جعلا أصحاب المطابع، ومعامل الألبسة والقرطاسية يصنِّعون مواد شعبية ليست ذات جودة، بهدف ضغط النفقات والتكاليف والبيع بأسعار تناسب ذوي الدخل المحدود.

وأشار حامد، إلى أن هذه المنتجات تشكل ظاهرة خطيرة ظهرت بشكل حاد في المجتمع السوري في السنوات الأخيرة، لمواكبة الظروف المعيشية للناس، ولكن على حساب الجودة.

ولفت، إلى أن خطوة “السورية للتجارة” بتوفير المستلزمات المدرسية للأسرة السورية بمجمعاتها وصالاتها بالتقسيط المريح، قد تكون حلا للموظفين والعاملين بالدولة، ولكن ماذا عن غير الموظفين، على حد تعبيره.

حلول غير مجدية

في إطار الدعم الحكومي، قال مدير فرع السورية للتجارة بحماة، حيدر اليوسف للصحيفة المحلية، أنه منذ أيام قد افتُتحَ معرضٌ للقرطاسية واللوازم المدرسية في مجمع “أبي الفداء” بمدينة حماة، ويضم تشكيلة سلعية واسعة ومتنوعة، وذات نوعية ممتازة، وبأسعار تقل عن السوق ما بين 20 – 40 بالمئة.

لكن كلام اليوسف يتناقض مع ما قاله كثير من المواطنين من أن نوعية وجودة المستلزمات، والقرطاسية في المجمعات الحكومية وقاعات “التجارة السورية”، ليست بجودة ممتازة، بل تعتبر مقبولة، وأن الأهالي مضطرين للشراء من الصالات الحكومية، بسبب الأسعار المرتفعة بشكل كبير في المحال التجارية، والمكتبات والتي تفوق قدرة نسبة كبيرة من السوريين.

لا تعليم مجاني

قبل بدء الفصل الدراسي الجديد في سوريا والذي يبدأ في أيلول/سبتمبر المقبل، مؤسسة المطبوعات باغتت السوريين بأسعار كاوية جديدة، حيث وصل سعر نسخة الكتب لطلاب البكالوريا مثلا للعام الدراسي 2022-2023 إلى نحو 50 ألف ليرة، أي ما يعادل نصف راتب شهري للكثير من العاملين في الدولة.

“أنزوي في زاوية الغرفة، وأذرف دموعي دون أن أسمع أولادي، وأناجي الله، بكلمة فرجك يارب”، تجسد هذه الكلمة حالة محمد عرابي النازح من ريف حلب إلى دمشق، حيث يعمل في مطعم لبيع المأكولات الجاهزة، وراتبه لا يتجاوز 250 ألف ليرة شهريا، يقسمها بين مأكل أولاده الأربعة وإيجار بيته، ودواء لزوجته التي تعاني من مرض مزمن في الجهاز التنفسي.

معاناة السوريين داخل البلاد خاصة من ذوي الدخل المحدود، تزداد مع اقتراب العام الدراسي الجديد، فارتفاع الأسعار الكبير شمل المستلزمات المدرسية كالقرطاسية والحقائب وغيرها، فبحسب ما رصده “الحل نت”، فإن سعر الحقيبة المدرسية يتراوح بين 50 و60 ألف ليرة، والقميص من نوع نايلون 25 ألف ليرة بسعر الجملة، ومن النوع الأفضل بـ 40 ألف ليرة، كما بلغ سعر دزينة دفاتر سلك 70 طبق 20 ألف ليرة، ودزينة أقلام رصاص ماركة عادية 5000 ليرة، ودزينة ألوان خشبية 10500 ليرة سورية، ومقلمة قياس وسط 5700 ليرة، ومطرة مياه 10 آلاف ليرة.

وبعملية حسابية سريعة، يحتاج الطفل في الصف الأول، إلى حوالي 130 ألف ليرة سورية، كمعدات لوجستية لدخول المدرسة الحكومية التي لا تتقاضى أجورا شهرية على تعليم الأطفال، ولكن تشوبها الكثير من المشاكل من نوعية وجودة التعليم، والاهتمام بالأطفال، وتوافر الكوادر التعليمية.

وقال محمد، لـ”الحل نت” في وقت سابق، مع قرار وزارة التربية توزيع الأقساط وفق النقاط للمدارس، ورياض الأطفال الخاصة، دخل الناس في دوامة الأسعار غير المفهومة، واختيار المدرسة وفق السّمعة وعلى التجريب، والكثير من الطلاب تحولوا من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية.

أقساط المدارس الخاصة التي يسعى الناس لتسجيل أطفالهم بها طمعا في أن يتلقوا تعليما صحيحا، وصلت إلى 5 مليون ليرة سورية هذا العام، حيث ارتفاع قسط التعليم في المدارس الخاصة، من 2 إلى 5 ملايين ليرة وسطيا، وقسط رياض الأطفال من 600 ألف إلى أكثر من 1.5 مليون ليرة، في حين أن فاتورة شراء مستلزمات المدرسة تبدأ من 500 ألف ليرة سورية.

يشار إلى أن نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في سوريا باتت أكثر من 90 بالمئة، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، حيث أن دخل المواطن العادي لا يتعدى في أحسن الأحوال 300 ألف ليرة سورية (ما يعادل 60 دولار أميركي)، بينما الحد الأدنى يتراوح بنحو 38 ألف ليرة في الشهر (ما يعادل 8 دولار أميركي)، وفي الحالتين لا يكفي هذا المبلغ لشراء الاحتياجات الأساسية للمنزل.

قد يهمك: قروض للمستلزمات المدرسية في سوريا.. ما قصتها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.