قرر المجلس الأعلى للاستثمار في سوريا، في اجتماع ترأسه رئيس الوزراء حسين عرنوس، أمس الخميس، منح تصاريح الاستثمار لمشروعات صناعية بسوريا، في حين شكك خبراء اقتصاديون في هذه الاتفاقات، بدعوى أنها ستكون حبر على ورق.

إجازات بنحو تريليون ليرة

شمل القرار الذي أقرته حكومة دمشق، منح تراخيص استثمارية لتصنيع الخيوط البلاستيكية والنسيج في حلب، فضلا عن مشروعين لإنشاء مختبرات لاختبار معدات الطاقة البديلة، كما قرر المجلس زيادة الحد الأدنى لقيمة الأصول الثابتة المطلوبة لإنشاء معامل لاختبار معدات الطاقة البديلة من 5 مليارات ليرة إلى 10 مليارات ليرة، لضمان معايير جودة وكفاءة المعدات.

وأجرى المجلس الأعلى للاستثمار، متابعة لمراحل تنفيذ المشاريع الاستثمارية الحاصلة على ترخيص استثماري، وكذلك الطلبات المقدمة للحصول على رخصة استثمار وفق أحكام القانون 18 لسنة 2021، حيث بلغ عدد المشروعات التي حصلت على رخصة استثمار بموجب هذا القانون 16 مشروعا بتكلفة تقديرية بنحو تريليون ليرة سورية، على أن تؤمن 1201 فرصة عمل، من بينها عدد من الوظائف للنساء.

وبيّن المجلس، مراحل إنجاز الخريطة الاستثمارية للهيئة السورية للاستثمار لعام 2022، والتي تم إعدادها وفق قانون الاستثمار الجديد، مشددا على إيلاء اهتمام خاص لتطوير الخريطة وتوفير البيانات والمؤشرات التي تدعم قرار المستثمر بالاستثمار. 

من جهته، أكد عرنوس على توجه حصر الاستثمار في المدن والمناطق الصناعية مع تزويد المستثمرين بكافة التسهيلات اللازمة، مؤكدا على ضرورة المتابعة المستمرة للمشاريع التي تم منحها تراخيص الاستثمار والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة للإسراع بوضعها في الخدمة.

للقراءة أو الاستماع: أديب ميالة إلى جانب عائلة قاطرجي.. ما علاقة “قيصر” و”داعش”؟

تأثير تطبيع العلاقات التجارية مع دمشق

يستبعد الخبير في الشؤون الاقتصادية، ماجد الحمصي، أي تأثير للاتفاقيات التي تعقدها الحكومة السورية مع المستثمرين الأجانب في سوريا. إذ تستند الزيادة المقدرة في التجارة خلال السنوات الأربع القادمة إلى نموذج الجاذبية للتجارة بين سوريا والدول العربية. وبيانات التجارة الحكومية السورية لعام 2020، ووتيرة عملية التطبيع التي لوحظت بين عام 2018 و2021.

وقدر الحمصي، أن نمط توزيع الزيادة في التجارة بين التابعين لحكومة دمشق والتجار الصغار والمتوسطين بناء على توزيع تراخيص الاستيراد والتصدير الرسمية، بين التجار في مناطق سيطرة الحكومة، أنها تتم على أساس غير رسمي. إذ إن التجار الصغار والمتوسطين يدفعون حوالي 25 بالمئة من قيمهم التجارية كرشاوي لكيانات حكومية مختلفة.

وتظهر التوقعات، أن تزيد التجارة السورية الإجمالية بنحو 1.2 مليار دولار أميركي في عام 2024 فقط. وذلك بالاستناد على الزيادة المقدرة في العجز التجاري السنوي بحلول نهاية عام 2024 إلى الهيكل التجاري الحالي في سوريا. الذي يبين أن حوالي 80 بالمئة من الواردات و20 بالمئة من الصادرات.

للقراءة أو الاستماع: هل تستطيع السياحة السورية النهوض من جديد؟

عقود شكلية وغير رسمية

أدى الصراع في سوريا على مدى السنوات العشر الماضية إلى تغيير الاقتصاد السياسي في البلاد. في حين أن منطق المحسوبية السياسية لا يزال المحرك المهيمن لتعزيز السلطة. ففي أيلول/سبتمبر الماضي، أصدرت الحكومة السورية دعوة لتقديم عروض طرح 38 مصنعا مدمرا أو متضررا للاستثمار من قبل “شركات وأفراد من القطاع الخاص والدول الصديقة”. 

وكانت معظم المصانع المتضررة مملوكة للدولة في السابق، مثل المؤسسة العامة للإسمنت والشرق للمنتجات الغذائية. مع ذلك، كان البعض الآخر تحت ملكية مشتركة بين القطاعين العام والخاص. وبحسب الحكومة حينها، سيُطلب من المستثمرين إعادة تأهيل المرافق التي قالت إنها لا تزال مهمة للاقتصاد الوطني. 

وطبقا لحديث الحمصي، فإنه وفي ظل الظروف الحالية، يعتبر الاستثمار الصناعي في سوريا مقامرة على مستقبل غير مؤكد، وليس خطة عمل سليمة. فإن التغييرات الناجمة عن الحرب على هيكل شبكات المحسوبية تعمق التأثيرات على المدى الطويل. 

حيث أنه وبعد عشر سنوات من الصراع، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في سوريا بأكثر من 65 بالمئة. كما تم توثيق الأثر الأعمق للحرب على التضخم والعمالة والفقر ورأس المال البشري، وتراكم الأصول على نطاق واسع. 

ونظرا لتقلبات الأسواق، تقلصت حصة الصناعة والتعدين والزراعة. بل وحتى التجارة في السلع الأساسية وغير الأساسية، في الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد. 

وعليه وبحسب المراقبين، فمن غير المرجح أن يؤدي الاستقرار السياسي التي تتفاخر به الحكومة في سوريا إلى النهوض بالاقتصاد في البلاد. وما يتم إعلانه مجرد حيلة دعائية، على غرار المشروعات الأخرى الأخيرة التي فشلت. مثل حملة “عام القمح” لإعادة سوريا إلى الاكتفاء الغذائي.

للقراءة أو الاستماع: سوريون يتحولون من شراء الذهب إلى الألماس

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.