مع استمرار توتر المشهد السياسي في العراق، وفي ظل إصرار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، في الوقت الذي ما تزال فيه جماهير التيار معتصما داخل المنطقة الخضراء معقل الحكومة وبمحيطات البرلمان وتعطيله منذ أربعة أسابيع، حددت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية) موعدا لجلسة لمناقشة دعوى حل المجلس.

المحكمة الاتحادية حددت يوم 30 آب/أغسطس الجاري، موعدا لعقد جلسة مناقشة حل مجلس النواب العراقي في دورته الخامسة، وقالت أمس الخميس في بيان تلقاه موقع “الحل نت”، المحكمة ستناقش دعوى حل البرلمان.

وكانت الدعوى المرقمة بـ 188/اتحادية/2022، نصّت على “الحكم بحل مجلس النواب لدورته الخامسة، وإلزام رئيس الجمهورية بتحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية وفقا لأحكام المادة 64/ثانيًا من الدستور”.

وجلسة المحكمة تأتي لمناقشة الدعوى التي رفعها أمين عام الكتلة الصدرية، نصار زغير الربيعي”، كما يرافق الدعوى عدة دعاوى أخرى من قبل أشخاص رفعوها على رئاسات الوزراء والبرلمان والجمهورية، لمطالبتهم بحل مجلس النواب، بحسب البيان.

وقرار المحكمة جاء بعد أن كان من المقرر أن تناقش المحكمة في السابع عشر من الشهر الجاري، الدعوى المقدمة من “التيار الصدري” بحل البرلمان، وذلك بعد أن رد مجلس القضاء الأعلى على طلب رئيس “التيار الصدري” بحل البرلمان، قائلا: “إنه لا يمتلك هذه الصلاحية”، مشيرا إلى أن مهامه “ليس من بينها صلاحية ‏تجيز التدخل في أمور السلطتين التشريعية والتنفيذية، تطبيقاً ‏لمبدأ الفصل بين السلطات”.

اقرأ/ي أيضا: من البرلمان العراقي لمجلس القضاء.. أنصار الصدر يوسعون رقعة الاعتصام

هل تمتلك المحكمة صلاحيات حل البرلمان؟

للوقف على مدى قانونية إصدار المحكمة الاتحادية قرار بحل البرلمان من عدمه، تحدث موقع “الحل نت”، للخبير القانوني أحمد العبادي وقال إنه “من حيث المبدأ لا يوجد في الدستور أو النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا نص يجوز للمحكمة إصدار قرار بحل البرلمان العراقي، وهذا حتى على مستوى نظام المحكمة”.

لكن العبادي لفت إلى أن “قرارات المحكمة الاتحادية وفق النظام والقانون هي باتة وملزمة لجميع، بالتالي إذا ما أردت اتخاذ قرار بحل البرلمان فسيكون ملزما، وسيبقى القرار بيد القضاة”، مؤكدا أن “هناك إمكانية للاجتهاد في اتخاذ القرارات من قبل المحكمة، بالتالي لا أحد يعلم ماذا سيكون موقف المحكمة إلى حين موعد الجلسة”.

يأتي ذلك في الوقت الذي تحول فيه الصراع من الأطراف السياسية إلى مواجهة أنصار “التيار الصدري” لمجلس القضاء الأعلى العراقي، ما تسبب بتوتر المشهد السياسي في البلاد بشكل غير مسبوق.

التوتر سببه محاولة متظاهري التيار نقل اعتصاماتهم من محيطات البرلمان إلى أمام مجلس القضاء الأعلى، يوم الثلاثاء الماضي، بمحاولة للضغط على المحكمة لإصدار قرار بحل البرلمان، ما دفع القضاء إلى تعليق نشاطاته كافة والمحكمة الاتحادية واتهام أشخاص بالتيار الصدري بتهديد المحكمة الاتحادية من خلال الهاتف، ليوجه زعيم التيار أنصاره بالانسحاب بعد ساعات.

ويعتقد زعيم التيار الصدري وأنصاره، أن القضاء العراقي والمحكمة الاتحادية طرفا رئيسا في المعادلة بالانحياز إلى طرف الثاني من الأزمة المتمثل بتحالف “الإطار التنسيقي”، من خلال إصدار قرارات تخدم مصالح الإطار، وهي من ساهمت في فشل مشروع التيار وحلفائه بتشكيل حكومة “أغلبية وطنية”.

اقرأ/ي أيضا: تراجع صدري والقضاء العراقي ينهي تعليق أعماله

أسباب التصعيد الصدري؟

هذا التصعيد الصدري في الموقف، جاء بعد أن أمهل مقتدى الصدر، القضاء العراقي، في نهاية الأسبوع الأول من هذا الشهر، مهلة حتى 18 آب/ أغسطس الجاري، لأصدار حكم قضائي بحل البرلمان الحالي، غير أن القضاء رد بأنه لا يملك أي صلاحية دستورية أو قانونية لإصدار مثل ذلك القرار.

واشتدّت الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن”، بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

سبب الفشل وعلاقة المحكمة به؟

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا”، التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية، البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: الرئاسات العراقية ضد التصعيد الصدري

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.