مخرجات اجتماع الرئاسات العراقية، بدت واضحة بأنها ضد التصعيد الصدري بقيادة زعيم “الكتلة الصدرية” مقتدى الصدر، ومع اعتماد الحوار الفاعل لإنهاء الأزمة السياسية العصية في البلاد، فما هي التفاصيل الدقيقة للاجتماع؟

رئيس الجمهورية برهم صالح، استضاف اليوم الأربعاء، في “قصر السلام” ببغداد، اجتماعا ضمه هو ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس “مجلس القضاء الأعلى”، فائق زيدان، لتدارس التطورات الأخيرة في العراق والتداعيات المترتبة عليها.

الاجتماع أكد، أن استمرار حالة الاضطراب السياسي تؤثر سلبا على الجهود الوطنية الرامية لترسيخ الأمن والاستقرار وحفظ امن وسلامة المواطنين، ويستدعي ذلك موقفا فاعلا وجادا من الجميع لمنع التصعيد واعتماد “الحوار الوطني” كطريق وحيد لحل الأزمات.

وأشار الاجتماع، إلى ضرورة اتخاذ كل الخطوات لاستئناف الحوار الفاعل الملتزم بأسس المصلحة الوطنية العليا وحماية السلم الأهلي والاجتماعي وطمأنة المواطنين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتدارك الأزمة الراهنة.

نبذ التصعيد

الرئاسات العراقية، أكدت في الاجتماع، ضرورة حماية مؤسسات الدولة كافة والحفاظ على هيبتها واستقلالها وفق السياقات القانونية والدستورية.

ولفت الاجتماع، إلى أن التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستوريا، مع ضرورة الالتزام بالضوابط والقوانين وحفظ الأمن العام والممتلكات العامة، وأن يكون التعامل مع المطالب وفق الأطر القانونية والدستورية.

كما شدّد اجتماع الرئاسات، على ضرورة عدم زج القوات الأمنية في الخلافات السياسية تحت أي ظرف؛ “فهي الضمانة لحماية الوطن والمواطنين، وأن مسؤولية الدولة ومؤسساتها الدستورية هو حفظ أمن وحقوق العراقيين”.

وأشار الاجتماع، إلى أن استمرار الأزمات السياسية يؤثر على دور العراق في المجتمع الدولي، كما قد يؤثر على تعطيل التعاون والتفاهمات والاتفاقات المبرمة في مختلف المجالات، وخصوصا التي تمس احتياجات المواطنين المعيشية والخدمية.

وأكد المجتمعون، على ضرورة تضافر جهود كل السلطات والقوى السياسية والفعاليات الاجتماعية، لرص الصفوف ومنع التصعيد، واتخاذ مواقف موحدة وجادة وحاسمة لتدارك الأزمة، وفقا للمسار السلمي والديمقراطي الدستوري.

اعتصام صدري وقتي

اجتماع الرئاسات، جاء بعد أن توجه أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، أمس الثلاثاء، صوب “مجلس القضاء الأعلى” بمنطقة الحارثية عند مدخل المنطقة الخضراء في بغداد، وأقاموا اعتصاما وقتيا أمامه، قبل أن ينسحبوا لاحقا.

خطوة أنصار الصدر، أتت للضغط على القضاء العراقي لإصدار قرار ولائي، يحكم بموجبه بحل البرلمان العراقي الحالي، وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، في وقت يؤكد القضاء أنه لا مسوغ دستوري يمنحه اتخاذ مثل ذلك القرار.

هذا واشتدّت الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

انسداد مستمر

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.