في مشهد معقد وشائك، أثار إعلان زعيم “التيار الصدري” رجل الدين الشيعي القوي مقتدى الصدر، اعتزاله العمل السياسي نهائيا موجه من التوترات الأمنية في العراق، نتيجة لتجمع أنصاره أمام مبنى القصر الجمهوري واستخدام القوات الأمنية لخراطيم المياه بمحاولة لتفريقهم، إضافة إلى استمرار توافد الصدريين إلى المنطقة الخضراء – شديدة التحصين ومعقل الحكومة والمقار الدبلوماسية.

وأعلن مقتدى الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا وإغلاق المؤسسات التابعة له، وذلك بعد يومين من تقديمه مقترحا بتخلي جميع الأحزاب عن المناصب الحكومية، لحل الأزمة السياسية في العراق.

وقال مقتدى الصدر في بيان نشره على حسابه الرسمي بموقع “تويتر”، وتابعه “الحل نت“: “يظن الكثيرون بما فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم، مبينًا “كلا، إن ذلك بفضل ربي أولًا ومن فيوضات السيد الوالد الذي لم يتخل عن العراق وشعبه“.

وأضاف الصدر: “وعلى الرغم من استقالته، فإن النجف هي المقر الأكبر للمرجعية كما هو الحال دومًا.. وإنني لم أدع يوما العصمة أو الاجتهاد ولا حتى (القيادة) وإنما أنا آمر بالمعروف وناه عن المنكر، ولله عاقبة الأمور، وما أردت إلا أن اقوم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية وما أردت إلا أن أقربهم إلى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته عسى أن يكونوا بابا لرضا الله عنهم“.

واعتبر الصدر أن “اعتزال الحائري لم يكن من محض إرادته وما صدر من بيان عنه كذلك أيضا، مبينا “إلا أنني كنت قد قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريفة وهيئة تراث آل الصدر الكرام، والكل في حل مني، وإن مت أو قتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء“.

اقرأ/ي أيضا: الصدر يمهل 72 ساعة لتصفير العملية السياسية العراقية.. ماذا بعدها؟

إغلاق نوافذ الصدر

بعد ذلك مباشرة، أغلق صالح محمد العراقي المعروف بـ “وزير الصدر“، حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الاعتزال عن التدخل بالشؤون السياسية وإغلاق المؤسسات التابعة له كافة.

والعراقي شخصية غير معروفة، مقربة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وحساباته تمثل توجهات التيار، وأحيانا تكون ناطقة باسم الصدر.

وفي السياق، أعلنت اللجنة المركزية المنظمة لاعتصامات “التيار الصدري” في المنطقة الخضراء، الامتثال لقرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بتعليق عمل اللجنة، وذكرت في بيان: “بعد انتهاء التكليف المبارك نعتذر إن كان لدينا تقصير في الأيام السابقة وقد حافظنا على السلمية طيلة الفترة الماضية.. الآن نمتثل لقرار سماحة السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) بتعليق عمل اللجنة والله خير حافظ ومعين“.

من جهته، المكتب الخاص لزعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، أصدر تعليمات مشددة إثر إعلان اعتزال زعيم التيار، وقال في بيان، “يمنع منعا باتا التدخل في جميع الأمور السياسية والحكومية والإعلامية ورفع الشعارات والأعلام والهتافات السياسية واستخدام أي وسيلة إعلامية بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي باسم التيار الصدري“.

في إطار ذلك، توجه أنصار “التيار الصدري” المعتصمين داخل المنطقة الخضراء منذ أكثر من أربع أسابيع، إلى القصر الجمهوري والتجمع المئات منهم بالقرب من القصر ما أثار حالة من القلق الأمني.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. مقتدى الصدر يتراجع خطوة للوراء

أنصار الصدر يقتحمون القصر الحكومي

متظاهري التيار تمكنوا من إسقاط الكتل الخرسانية التي كانت القوات الأمنية قد وضعتها بمحاولة لإعاقة تقدم المتظاهرين صوب قلب المنطقة الخضراء والقصر الجمهوري واقتحام المنطقة القصر الحكومي، في حين دعت قيادة العمليات المشتركة المتظاهرين الغاضبين للانسحاب من داخل المنطقة الخضراء.

وذكرت قيادة العمليات في بيان، “تدعو القوات الأمنية المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء، وتؤكد أنها التزمت أعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي“.

وأضاف البيان، “تؤكد القوات الأمنية مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والأملاك العامة والخاصة“، كما شدد البيان، أن “التعاطي مع التظاهرات السلمية يتم من خلال الدستور والقوانين، وستقوم القوات الأمنية بواجبها في حماية الأمن والاستقرار“.

بالمقابل، أغلقت القوات المكلفة بحماية المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، جميع المداخل المؤدية للمنطقة، وقالت مصادر مطلعة أن “الإغلاق يشمل حتى أصحاب بطاقات الدخول في الوقت الحالي“.

العراق يستنفر.. وتعزيزات عسكرية

كما أغلقت القوات الأمنية، الجسر الجمهورية المؤدي من ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد وإلى المنطقة الخضراء في جانب الكرخ، فضلا عن انتشار الفرقة الخاصة لتأمين المنطقة.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو اطلع عليها موقع “الحل نت“، استمرار التعزيزات العسكرية داخل المنطقة الخضراء وتدفق الأرتال العسكرية باتجاه الخضراء، والانتشار المكثف على بوابات المنطقة.

وفي آخر التطورات، أعلنت قيادة العمليات المشتركة حظر التجول الشامل في العاصمة بغداد، وبينت في بيان تلقاه موقع “الحل نت“، أن “الحظر يشمل العجلات والمواطنين كافة اعتبارا من الساعة الثالثة والنصف من ظهر هذا اليوم الاثنين“.

من جهته، وجه رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، بتعليق مجلس الوزراء لجلساته إلى إشعار آخر؛ وذلك بسبب دخول مجموعة من المتظاهرين لمقر مجلس الوزراء المتمثل بالقصر الحكومي.

تعطيل مجلس الوزراء، يأتي بعد أن عطل مجلس النواب العراقي قبل أكثر من أربعة أسابيع نشاطاته نتيجة لاقتحامه من قبل أنصار “التيار الصدري” وإعلان اعتصام مفتوح منه، بالتالي أن السلطة التنفيذية في البلاد قد خرجت أيضا عن الخدمة.

اقرأ/ي أيضا: تقرير أميركي يقيّم فرص نجاح الصدر والإطار بكسب الصراع السياسي 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.