على عكس عدد كبير من المراقبين للعملية السياسية العراقية، خرج نائب عراقي بوصفه لدعوة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر الأخيرة، بأنها ليست تصعيدية، وأن الزعيم الشيعي تراجع إلى الوراء بتصعيده في العراق، فمن هو وما هي التفاصيل؟

النائب العراقي المستقل والمقرب من “الإطار”، باسم خشان، اعتبر دعوة مقتدى الصدر، أمس السبت، إلى الأطراف السياسية للتوقيع على “اتفاقية التنازل عن السلطة”، خطوة واسعة إلى الوراء.

وقال خشان في تدوينة عبر “فيسبوك”، إنه على أتم الاستعداد للتوقيع على اتفاقية مقتدى الصدر، داعيا كل أحزاب الشيعة والكرد والسنة والأقليات، وكذلك المستقلين والأحزاب الناشئة إلى التوقيع عليها.

ما بديل التراجع؟

خشان أردف، أن الصدر ليس ساذجا لكي يعد الدقائق والساعات في انتظار أن تهرع الأحزاب والكتل السياسية إلى الحنانة استجابة لدعوته، متسائلا: “لماذا يدعو الأحزاب إلى ما يعرف أنها لن تستجيب له؟”.

وتابع بالقول، “الحقيقة الواضحة هي أنّ تغريدة صالح محمد العراقي ليست دعوة للأحزاب لكي تحل نفسها وتمتنع من تلقاء نفسها عن المشاركة في العملية السياسية، وإنما هي خطوة واسعة إلى الوراء، وتمهيد لتراجعه عن كل مطالبه التي أدرك أنها لن تتحقق إلاّ بثمن باهض جدا يدفعه الشعب قبل الأحزاب”.

خشان ختم تدوينته بالقول: “تراجع مقتدى الصدر متأخرا خير من إطالة أمد الفوضى، وأنا أقدر حرص السيد الصدر على سلامة الناس، وأقدر تمسكه بالسلمية حق قدره؛ لأن البديل عن التراجع هو الضياع”.

تدوينة خشان، تأتي بعد تغريدة نشرها صالح محمد العراقي، الذي يعرف بوزير الصدر، أمس عبر “تويتر”، قال فيها إن هناك ما هو أهم من حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وهو عدم اشتراك جميع الأحزاب والشخصيات التي شاركت بالعملية السياسية منذ عام 2003 وإلى اليوم بكل تفاصيلها، “قيادات ووزراء وموظفين ودرجات خاصة تابعة للأحزاب”، بما فيهم “التيار الصدري”.

العراقي، أوضح أن دعوة الصدر هي بدل كل المبادرات التي يسعى لها البعض بما فيهم الأمم المتحدة لحل الانسداد السياسي، وأنه على استعداد وخلال مدة أقصاها 72 ساعة لتوقيع اتفاقية تتضمن تحقيق دعوته. “لا أن يقال إن تحقيق ذلك بعد الانتخابات المقبلة ولا أن يتحقق بطريقة دموية”.

وختم وزير الصدر بقوله: “إذا لم يتحقق ذلك فلا مجال للإصلاح، وبالتالي فلا داعي لتدخلي بما يجري مستقبلا بتغريدة ولا بأي شيء آخر”، في تصويب منه نحو تظاهرات واعتصام آنصاره في المنطقة الخضراء قبالة البرلمان العراقي.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

استمرار الانغلاق

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.