في الوقت الذي يشهد فيه التدافع السياسي بين أطراف العملية السياسية في العراق توتر غير مسبوق، سلط تقرير أميركي نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الضوء على فرص “التيار الصدري” بزعامة رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، وخصومه في تحالف “الإطار التنسيقي” في تحقيق كلا منهم أهدافه من هذا الصراع.

التقرير اعتمد في سرديته على نتائج استطلاع قيم تقبل الشارع العراقي للطرفين ومدى مقبوليتهما، موضحا ذلك من خلال الأرقام التي استند عليها في تقيم مشهد الصراع بشكل كامل بين الطرفين ومدى فرص كل طرف تحقيق نجاحه في قلب المعادلة.

التقرير الذي نقلته وكالة “ناس نيوز” المحلية، من الإنجليزية إلى العربية، وتابعه موقع “الحل نت”، بين أن موقف الجمهور العراقي الذي يبدي تردده في دعم “التيار الصدري”، بالمقابل بالتأكيد هو ضد “الإطار التنسيقي” أيضا.

لكنه مع ذلك، إلا أن “التيار الصدري” كان في طريقه لكسب معركة التأييد الشعبي، على الأقل كان ذلك واردا حتى لخطة استغلال قوى “الإطار التنسيقي” تداعيات محاولة الصدريين تعطيل مجلس القضاء الأعلى.

وتحدث التقرير عن يوم حاسم في هذا الصراع، قائلا إنه “يوم 24 آب/أغسطس كان يوما محوريا في الصراع بين الصدر وخصومه في الإطار التنسيقي من أجل مستقبل الحكومة العراقية، حيث اتخذ التيار الصدري خطوة غير متوقعة في تطويق مبنى مجلس القضاء الأعلى، مما أدى إلى توقف عمل القضاء”.

اقرأ/ي أيضا: المحكمة الاتحادية تحدد جلسة لمناقشة حل البرلمان العراقي.. ما فرص نجاحها؟

الصدر ومحاولات الانقلاب

إذ أدت “خطوة التيار هذه تجاه القضاء إلى نتائج غير مقصودة، مع قلق المراقبين من احتمال حدوث انقلاب كامل في العراق، خاصة بعد أن عرقل الصدريين مجلس النواب العراقي سابقا”.

نتيجة ذلك، “أدرك الصدريون بسرعة أن أنصارهم بحاجة إلى الانسحاب من أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى، بعد أن أشارت مجموعة متنوعة من القوى المحلية والأجنبية إلى أنها ليست داعمة لهذه الخطوة”.

أثارت هذه الخطوة الجديدة تساؤلا حول ما إذا كان انسحاب الصدريين يشير إلى خسارة إستراتيجية في صراعهم المستمر منذ عشرة أشهر مع قوى “الإطار التنسيقي”، أشار التقرير، وأوضح أنه، عند فحص نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات لكلا الجانبين، يمكننا أن نرى أن كل جانب لديه نقاط قوة مختلفة.

حيث يمتلك الصدريون قاعدة شعبية شديدة الولاء ومنظمة تنظيما جيدا تعمل على توسيع قدراتهم بشكل كبير، ولطالما حظيت انتقاداتهم لنظام المحاصصة والفساد والاعتماد على إيران بترحيب الجمهور العراقي، كما يعكس خطابهم عن كثب “الخطاب الذي تنتجه المرجعية الدينية الشيعية في النجف”، وفق ما جاء في التقرير.

مع ذلك، لكن أكثر ما يعيق الصدر في مشروعه هو “المشاركة في الحكومتين السابقة والحالية، إضافة إلى خلافه مع شباب “ثورة تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعد أشهر قليلة من انطلاقها، بالتالي أن هناك جزء صامت من الشارع العراقي بدأ فيما بعد يشكك في نوايا الصدريين”.

اقرأ/ي أيضا: الإطار التنسيقي يقدم حلاً للأزمة السياسية العراقية.. ما طبيعته؟

موقف “الإطار” مقابل الصدر 

ذلك عنما يتعلق بموقف “التيار الصدري”، أما “الإطار التنسيقي الشيعي” من جهته، وبحسب التقرير، فقد “حظي بدعم شبكة من الائتلافات المالية والتسليح، والتي ألمح إليها وزير المالية علي علاوي في خطاب استقالته الأخير، حيث نجح هذا التحالف في تطبيق نهج “الحافز والعقاب” للسيطرة على الدولة العميقة واكتسب قوة إضافية بعد انسحاب الصدريين من مجلس النواب”.

بالتالي أن “انسحاب الصدر من العملية السياسية وأعضاء كتلته نت البرلمان سمح باستبدال هذه المقاعد بممثلين متعاطفين عززوا الشرعية البرلمانية للإطار التنسيقي، ومثلما ينطبق أيضا على الصدريين، فإن نقطة ضعف الإطار الرئيسية هي الجمهور العراقي، الذي يبدو متشككا وحتى غاضبا من أداء الإطار، لا سيما فساده خلال العشرين عاما الماضية واعتماده الكامل على إيران”.

ومن هذا المنطلق، فأن “الجمهور العراقي إذا كان مترددا في دعم التيار الصدري، فهو بالتأكيد ضد قوى الإطار التنسيقي”، لكن لدى الصدريين فرصة الصدريين لتحقيق هدفهم المعلن من خلال التغيير السلمي للنظام والثورة الشعبية، وذلك بحسب أشار أحدث استطلاع للرأي أجرته مجموعة المستقلة للأبحاث “IIACSS”، بحسب التقرير.

  هذا الاستطلاع أجري بعد دخول الصدريين المنطقة الخضراء ولكن قبل اعتصامهم أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى، ووجد الاستطلاع أن 55 بالمئة من العراقيين أيدوا دخول الصدريين إلى المنطقة الخضراء، والتي قفزت إلى 61 بالمئة في جنوب العراق، حيث توجد القواعد الشعبية للتيار الصدري والإطار التنسيقي.

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أشار في تقريره إلى أن “الخبر السار للصدريين كان هو أن أكثر من 50 بالمئة من المستطلعين في الجنوب يعتقدون أن تمرد الصدريين يهدف إلى إصلاح النظام، بينما شعر 19 في المائة فقط أن الصدريين يريدون الاستيلاء على السلطة”.

أرقام تحليلية

في حين، اعتقدت النسبة نفسها أن السبب الحقيقي وراء تصرفات “التيار الصدري” هو خصامهم مع “الإطار التنسيقي” أو رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وفقا للتقرير.

وبعبارة أخرى، قبل تطويق مبنى مجلس القضاء الأعلى، كان الصدريون يكتسبون شرعية لدى الجمهور العراقي، وكان من الممكن أن يكون هذا بمثابة رافعة سياسية كبيرة للتيار الصدري، لا سيما بالنظر إلى أن نفس الاستطلاع وجد أنه لم تكن هناك ثقة كبيرة في العملية السياسية ككل.

التقرير لفت أيضا، إلى أن “12 بالمئة فقط من المستجيبين قالوا إنهم يثقون في مجلس النواب، والتي انخفضت إلى 8بالمئة في الجنوب – وهو أدنى مستوى للثقة في أي برلمان عراقي منذ 2005”.

إذ أن، 25 بالمئة فقط من العراقيين فقط يثقون في الحكومة و17 بالمئة فقط يعتقدون أن العراق يسير في الاتجاه الصحيح، لذلك من الواضح أن الصدريين كانوا في طريقهم لكسب المعركة على التأييد الشعبي – على الأقل إلى أن استغلت قوى “الإطار التنسيقي” تداعيات محاولة الصدريين وقف القضاء.

اقرأ/ي أيضا: من البرلمان العراقي لمجلس القضاء.. أنصار الصدر يوسعون رقعة الاعتصام

الصدر واستفزاز القوى الداخلية والخارجية

محاولة أثارت مخاوف على المستويين المحلي والعالمي بشأن ما يمكن أن يحدث إذا انتصر الصدريون، وسرعان ما استفادت قوى الإطار من تعليق السلطة القضائية – على الرغم من أن هذه الهيئة تعاني أيضا من تراجع ثقة الجمهور بنسبة 38 بالمئة – لإحياء المخاوف من أن الصدريين قد يحتكرون السلطة ويعززون التطرف إذا فازوا، كما جاء في التقرير.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أنه، مع ذلك فقوى الإطار بالغت في استخدام يدها، وارتكبت نفس الخطأ الذي ارتكبته عندما انسحب الصدريون من مجلس النواب.

اقرأ/ي أيضا: استطلاع دولي.. ثقة العراقيين بالحكومة والبرلمان في أدنى مستوياتها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.