نقص الأمطار وحفر الآبار العشوائية على مدى السنوات السابقة أدى إلى جفاف عدد كبير من ينابيع المياه والآبار في ريف محافظة درعا الغربي خلال السنوات القليلة الماضية، ما يشير إلى أن كارثة مائية قد تؤدي إلى انهيار القطاع الزراعي الذي يدعم معظم سكان المحافظة، في حين قد يؤدي الجفاف إلى نقص في مياه الشرب وزيادة في العطش.

مياه الشرب بالصهاريج

في جنوب سوريا تشتهر محافظة درعا بوجود عدة ينابيع زودت الناس بمياه الشرب منذ فترة طويلة، لكن منسوب المياه انخفض إلى مستوى غير عادي، ونضب بعض الينابيع، واضطر السكان إلى العيش في حالة من العطش الشديد.

يضطر سكان منطقة درعا وتحديدا في منطقة زيزون السياحية، إلى شراء صهاريج المياه للتعويض عن النقص الحاد في مياه الشرب رغم وجود البحيرة في منطقتهم، مرجعين ذلك إلى الآبار المخالفة التي ألحقت الضرر بمواقع التغذية وغيرت مسار الخطوط.

وبحسب ما نقله موقع “سناك سوري” المحلي، أمس الجمعة، فإنه نظرا للظروف المعيشية الحالية، باتت تكلفة الصهاريج تتجاوز قدرة السكان على البقاء في هذا الوضع، وإذا استمرت أعمال الحفر إلى أعماق أبعد، هنالك مخاوف من أن تجف الينابيع الأخرى.

ويرى المواطن محمود الحافظ، من أهالي بلدة المزيريب، أن حفر الآبار العشوائية هو المسؤول عن شح المياه وانخفاضها في ينابيع عين الساخنة، وزيزون، والمزيريب، مشيرا إلى أن حفر الآبار العشوائية تجاوز عمقها من 25 مترا، إلى أكثر من 200 متر، ويعتقد أن هذا العمق يكفي لتدمير ناقلات الطاقة في الينابيع.

وفي ريف درعا الشرقي، يدفع خالد الزعبي، في بلدة المسيفرة، حوالي ألفي ليرة مقابل برميل ماء سعة 200 لتر، ولأنه يحتاج إلى كميات هائلة من الماء كل يوم، فإن ذلك كبّده مصاريف جديدة وعبئا ماليا كبيرا عليه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن سكان البلدة بأسرها يعانون من نقص إمدادات المياه.

أشهر 10 ينابيع جفّت

في درعا، جفّت أكثر من عشرة ينابيع، أشهرها نبعة “بحيرة المزيريب، وزيزون، والأشعري، وعيون العبد، والساخنة الكبرى، والساخنة الصغرى، وينابيع الهرير، ودير لبو، والصافوقية، وغزالة” وغيرها، بعضها جف بشكل تام وبعضها أصبح موسميا، جاف صيفا ورطب في شتاء.

ووفقا للمدير العام لمؤسسة المياه في المحافظة، محمد المسالمة،” أهم المناطق التي تراجعت فيها غزارة المياه حاليا هي “نبع الأشعري، محطة الوادي علما من 800 م3 بالساعة إلى صفر، ومحطة الوادي النعيمة، وكحيل، ومعربة التي تغذي مدينة درعا، وطفس، وعتمان واليادودة، والمعلمة، وصيدا، والطيبة، وأم المياذن، ونصيب، والسهوة، وكحيل، وغصم، وبصرى، والغارية الغربية، والشرقية، والكرك، حيث انخفضت الغزارة من 1700 إلى 1200 م3 بالساعة”.

كما “توقف نبع المزيريب، الذي كان يغذي العديد من المناطق بعدما كانت غزارته 1600 م3 بالساعة، وتراجعت غزارة عين الساخنة من 200 م3 الى 30 م3 بالساعة. وتوقف نبع زيزون، بسبب الجفاف بعدما كانت غزارته 100 م3 بالساعة، وأيضا محطة نبع عين ذكر، من 250 م3 بالساعة إلى 80 م3. ومحطة الحارة، من 100 م3 إلى 10 م3 بالساعة، ومحطة ضخ غصم، من 75 م3 إلى 25 م3 بالساعة”.

حفر عشوائي للآبار

مدير عام شركة المياه في المحافظة، قال إن انخفاض كمية الأمطار خلال العقود الماضية كان له تأثير كبير على مستوى المياه الجوفية، وعدد الينابيع التي أثرت على مياه الري، وأدت إلى نقص في مياه الشرب.

وأضاف المسالمة، في هذا الصيف توقفت وفرة ينابيع عيون العبد، والساخنة الكبرى، والصغرى، ونبع المزيريب، وزيزون. وهي التي تستخدم بشكل رئيس لسدّ احتياجات مياه الشرب في مناطق مختلفة من المحافظة، وبقيت حالياً من تلك الينابيع فقط ينابيع وادي الهرير.

كما أوضح المسالمة، أن حفر الآبار ضمن التنظيمات السكنية للقرى والبلدات في درعا، انعكس بشكل سلبي على الانخفاض السنوي في منسوب المياه الجوفية، وجفاف الينابيع.

الجدير ذكره، أن عدد الآبار المخالفة وفق إحصاء عام 2001 بلغ حدود 192 بئرا، وقد ازدادت حتى وصلت في عام 2010 إلى 605 بئر، وذلك بالتوازي مع ازدياد عدد الآبار التي تم ترخيصها بشكل أصولي، والتي بلغ عددها وفق تصنيف التشريع المائي حتى منتصف هذا العام إلى 4029 بئرا لأغراض مختلفة معظمها للزراعة، بينما قُدّر عدد الآبار المخالفة التي تم توثيقها بـ2805 بئرا، بالإضافة إلى الكثير التي لم يتم إحصاؤها بعد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.