الخطف في درعا مستمر.. لماذا تتهم العشائر السورية “أفرع الأمن” بخطف أبنائها؟ 

عقدت عشائر ووجهاء حوران في بلدة ناحتة جنوب سوريا يوم السبت الماضي اجتماعاً لمواجهة حالات الخطف المتنامية في محافظة درعا السورية، والتي أثارت قلقاً متزايداً في صفوف الأهالي مؤخراً. سيما بعد عدّة حوادث خطف حصلت مؤخراً في بلدات وقرى مختلفة في درعا جنوب سوريا، آخرها خطف الطفل رامي المفعلاني (15 عام)، في منطقة اللجاة شمال شرقي درعا. 

وتوصّل المجتمعون إلى اتفاق يقضي بتشكيل قوة خاصة أساسها “اللواء الثامن” المقرّب من روسيا مع مجموعات مسلحة محلية أخرى للتّصدي لحالات الخطف المستمرة.

وذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، أن عشيرة الطفل “المفعلاني” قامت باحتجاز أكثر من 14 شاباً من أبناء المنطقة كردّ فعلٍ على خطف الطفل، مانحة الخاطفينَ مهلة 24 ساعة لإطلاق سراحه قبل أن تتصاعد الأمور وتستردّ الطفل بالقوة. هذا الضغط أدى إلى إطلاق سراح الطفل رامي بعد ساعات قليلة من تحذير العشائر. 

“الأمن العسكري” وراء عمليات الخطف؟

أعلن نشطاء من مدينة درعا في 11 فبراير/شباط الماضي، عن خطف طفل يدعى رامي المفعلاني (15 عام) من منطقة اللجاة بريف درعا. وقع الحادث أثناء تواجده مع والده على الطريق بين قريتي جدل وجرين في منطقة اللجاة، حيث اعترضت طريقهما عصابة خطف، فقامت بسلب كل ما بحوزتهم من ممتلكات شخصية بما في ذلك المبالغ المالية والهواتف، قبل أن تقدم على اختطاف رامي وترك والده. لاحقاً طالبت العصابة بفدية قدرها 75 ألف دولار لإطلاق سراحه.

حركات مسلحة في دارفور بمدرعات ومركبات (رويترز)
حركات مسلحة في دارفور بمدرعات ومركبات (رويترز)

وفي حادثة منفصلة وقعت في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، اختطفت مجموعة مسلحة الشابَين محمد علوش ومحمد فيصل الجادوري في منطقة اللجاة بالقرب من مدينة ازرع. وبحسب مصدر مقرّب من الشابين، كشف أن الخاطفين طالبوا بفدية مالية تبلغ 80 ألف دولار مقابل إطلاق سراحهم. بيد أن علوش والجادوري تمكّنا من الفِرار من قبضة خاطفيهم والعودة من منطقة احتجازهما في اللجاة.

مصدر مطلع في منطقة اللجاة أفاد لـ”موقع الحل”، بأن عدداً من أبناء المنطقة متورّطون بشكل مباشر في عمليات الخطف التي تشهدها محافظة درعا، مشيراً إلى ارتباطهم بشكل مباشر بأجهزة الأمن التابعة للحكومة السورية وميليشيا “حزب الله” اللبناني. كما كشف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه أن هناك أسماءً لعدد من أفراد العصابات المسؤولة عن هذا الخطف، وهم من أبناء اللجاة: صبحي النعيمي وصالح الخلاوي، اللذين يرتبطان بفرع الأمن العسكري في مدينة الصنمين متّهمين بتدبير عملية استدراج محمد أحمد علوش ومحمد فيصل الجادوري من مدينة الصنمين. إلى جانبهم، يُذكر أيضاً اسم علي البطمة من قرية إيب وهاشم رائف البيدر وصقر رائف البيدر وضياف عليوي من قرية الدرخاوي، وجميعهم يعملون تحت إشراف عمار رئيف القاسم، المعروف بـ”أبو جعفر”، المسؤول في الأمن العسكري.

وكشف عامر الحوراني، الناطق باسم تجمع “أحرار حوران”، عن نشاط عصابة خطف في ريف درعا الشرقي، والتي تعمل بتنسيق مع ضباط من النظام السوري لتنفيذ عمليات الخطف. العصابة، التي يتألف أعضاؤها من فراس الديري، وفادي الفروخ، وبشار الفروخ، متهمة باختطاف عمر حسان العلي السويدان، شاب يبلغ من العمر 18 عاماً من أهالي بلدة الجيزة. تم الإفراج عن السويدان في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بعد حوالي أسبوعين من اختطافه على الطريق السريع بين دمشق ودرعا، في المنطقة الممتدة بين بلدتي خربة غزالة والغارية الغربية بعد دفع مبلغ مالي كبير كفدية لخاطفيه. 

126 حالة خطف

وكان مكتب توثيق الانتهاكات في تجمّع “أحرار حوران” قد سجّل خلال العام الماضي وقوع 126 حالة خطف في محافظة درعا، شملت هذه الحالات 4 أشخاص من خارج المحافظة. من بين المختطفين، كان هناك 105 مختطفين بالغين، 14 مختطف غير بالغ، 4 مختطفات بالغات، و 3 مختطفات غير بالغات.

وذكر ذات المصدر في تصريح خاص أنه تم الإفراج عن 91 من المخطوفينَ، بما في ذلك 13 مختطف غير بالغ، 3 مختطفات غير بالغات، و 4 مختطفات بالغات، من بينهم أربعة أطباء ومهندس. وأكد المصدر مقتل 29 مختطفًا، من ضمنهم مختطف غير بالغ واحد، بينما لا يزال مصير 6 مختطفين مجهولاً حتى اللحظة.

وأضاف أن مجموعات مدعومة من قبل أجهزة النظام السوري الأمنية وأخرى تنشط في تهريب المخدرات كانت وراء خطف ما لا يقل عن 45 شخصًا من العدد الإجمالي للمخطوفين. أيضًا، خلال العام نفسه، تم الإفراج عن 3 أشخاص خطفوا في عام 2022، وتم العثور على جثتي شخصين خُطفا العام الماضي، بينما ما زال مصير 3 أشخاص من أبناء محافظة درعا مجهولًا، إلى جانب الطفلة سلام حسن الخلف (9 سنوات)، المختطفة منذ 10 آذار/مارس 2020 والتي لا يزال مصيرها مجهولًا حتى الآن. وأشار مكتب توثيق الانتهاكات، إلى أنه في شهر كانون الثاني/يناير من العام الماضي، تم خطف ما لا يقل عن 9 أشخاص في درعا. تم الإفراج عن اثنين وقُتل ثلاثة، في حين لا يزال مصير الأربعة الآخرين مجهولًا حتى هذه اللحظة.

الجيش الأردني والمهربين 

في سياق متصل، أعلن الجيش الأردني فجر الأحد اشتباكه مع مجموعة من المهرّبين خلال محاولتهم تهريب كميات كبيرة من المخدرات من سوريا، مما أسفر عن مقتل 5 مهرّبين وإصابة 4 آخرين. وفقًا لمصدر عسكري في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، قال إن تلك العملية جاءت في إطار التنسيق المشترك بين الجيش والأجهزة الأمنية، بما في ذلك إدارة مكافحة المخدرات، لصدّ محاولات التسلل والتهريب من الأراضي السورية.

وأعلن الجيش الأردني عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات كانت قادمة من جنوب سوريا، وفي بيان صادر عن القوات المسلحة، أعلنت أنها تمكّنت من ضبط أكثر من 60 مليون حبة من مخدر “الكبتاغون”، وأكثر من 41 ألف كف من “الحشيش”، بالإضافة إلى 735 كيلوغراماً و13 كيساً من مادة “الحشيش”، منذ عام 2021 وحتى 19 كانون الأول/ ديسمبر. كما تم ضبط أكثر من 100 ألف حبة و86 شريطاً من مادة “الترامادول”، و 589 ألف حبة من مخدر “لكسيس”، في إطار جهودها المتواصلة لمكافحة تهريب المخدرات والحفاظ على أمن الحدود.

تأتي هذه العملية في أعقاب اجتماع ضمّ وزراء الداخلية من الأردن وسوريا والعراق ولبنان لتعزيز التعاون في مجال مكافحة تهريب المخدرات عبر حدود تلك الدول المشتركة. وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، وفي تصريحات صحفية، أعلن عن تشكيل خلية اتصال مشتركة لتبادل المعلومات والخبرات في هذا الشأن، مؤكّداً على ضرورة الجهد التنسيقي المشترك للتصدي للمخدرات.

وتعلن السلطات الأردنية بشكل دوري عن نجاحها في إحباط محاولات تهريب المخدرات عبر حدودها الشمالية مع سوريا. هذا الإعلان يأتي في أعقاب تغير السيطرة على محافظة درعا، حيث انتقلت من فصائل المعارضة إلى الحكومة السورية وحلفائها في تموز/يوليو 2018. منذ ذلك الحين، شهدت الحدود تغييرات في توزيع قوات الاشتباك، مع الملاحظة أن الفترة السابقة لعام 2018 لم تشهد الأردن تسجيل أي محاولات تهريب مماثلة على طول هذه الحدود. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات