فيما يتصل بتقلبات الأسعار، والافتقار إلى الضمانات، والسرعة التي تتضرر بها هذه المدخرات، فإن العديد من المواطنين في سوريا يشتكون من الفوضى المحيطة بالبطاريات وألواح الطاقة الشمسية، وغير ذلك من متطلبات نظام الطاقة البديلة. ويصدق هذا بشكل خاص إذا ما علمنا أن 30 بالمئة من البطاريات تعرضت للضرر بعد بضعة أشهر فقط من الاستخدام، في حين بات يتراوح سعر بطارية 200 أمبير بين 700 ألف إلى 9 مليون ليرة.

“كلها صيني”

بالنظر إلى أن 90 بالمئة من البطاريات المستخدمة في نظم الطاقة البديلة هندية، فقد قدر أحد المهندسين المشاركين في تركيب نظم الطاقة البديلة أن 30 بالمئة من المدخرات (البطاريات) المتاحة في السوق تتلف بعد بضعة أشهر من الاستخدام. وكلها صينية الصنع، حتى وإن تم تسويقها بعدة ماركات (كورية ومغربية وتونسية وغيرها).

وقد ذكر المهندس في تقرير نشر على صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين، أن هناك فارقا كبيرا في الأسعار بسبب سعة البطارية والمكان الذي صنعت فيه. على سبيل المثال، البطارية ذات السعة 200 أمبير (الوطنية) التي تباع من قبل شركة محلية تكلف حوالي 700 ألف ليرة سورية، ولكن نفس السعة من الصناعة الهندية تكلف أكثر من ضعفيها، أي مما يصل إلى 1.4 مليون ليرة، وقد تصل تكلفة بطاريات الليثيوم إلى 9 ملايين ليرة.

وعن تلف البطاريات بسبب حالات سوء الاستخدام قدر أنها بحدود 10 بالمئة، لكنه في مبيع اللواقط الشمسية (الألواح) اعتبر أن نسبة التلاعب وحجم المهرب منها أكبر بكثير من المدخرات وبناء عليه يختلف سعر مبيع اللوح من منطقة إلى أخرى.

من جهته، أوضح عبد العزيز المعقالي، رئيس جمعية حماية المستهلك، أن الجمعية تلقت العديد من الشكاوى حول مستوى الغش الذي يتعرض له المستهلك عند شرائه مكونات الطاقة البديلة. كما لاحظ أن السوق في حالة فوضى ولا أحد يلتزم بأي توجيهات تتعلق بالالتزام بصحة بيع البطاريات واللوحات الشمسية.

ألواح مجهولة المواصفات

نظام الطاقة البديلة يخضع حاليا إلى إعادة النظر، وفق ما قال مصدر في مركز بحوث الطاقة التابع لوزارة الكهرباء، والذي يتيح الحصول على نتائج أكثر دقة عند اختبار مكونات نظام الطاقة البديلة المجهزة. ونتيجة لذلك، أوقفت بعض المختبرات المرخصة عملياتها مؤقتا ومن الواضح أن الآلية الجديدة ستسمح بنتائج أكثر دقة عند اختبار مكونات نظام الطاقة البديلة المزود.

وأوضح مركز “بحوث الطاقة”، أن العديد من لوحات الطاقة وأجهزة الادخار تباع في السوق بمواصفات غير واضحة وتم استيرادها إلى داخل البلاد من دون علمهم، وذلك على عكس الآلية التي أنشئت مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والتي تمنع منح أي تصاريح استيراد أجزاء الطاقة البديلة إلا بعد عرضها على المركز للتأكد من مواصفاتها الفنية.

ونتيجة لذلك، فإن هذه اللواقط إما إنها تدخل بطرق غير شرعية أو من خلال إجازة استيراد لكنها لم تعرض على مركز بحوث الطاقة وفي المحصلة لا يمكن الحكم على هذه المكونات بأنها مغشوشة أو مخالفة أو ذات مواصفات جيدة، لأن ذلك يحتاج إلى إجراء اختبارات.

أرباح خيالية

في ظل التدهور الذي يشهده قطاع الكهرباء في سوريا، بات اللجوء إلى استخدام الطاقة البديلة خيارا لمعظم السوريين؛ إن سمحت لهم القدرة المالية، حيث يتم استخدام ألواح الطاقة الشمسية ومستلزماتها منزليا وحتى في المنشآت، وهذا ما جعل أسعار هذه المستلزمات أشبه بالبورصة نظرا للإقبال عليها، وأصبحت مصدرا مدرا لأرباح خيالية على التجار الذين يستوردونها.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أخضعت في بداية آب/أغسطس الفائت، نسب الأرباح المسموح بها لبيع مستلزمات الطاقة البديلة للقرار /1201/ لعام 2021، ليكون بموجبه هامش الربح لهذه المستلزمات 15 بالمئة للمستورد وتاجر الجملة، و15 بالمئة لبائع المفرق.

وفيما يبدو أن القرارات الحكومية عاجزة عن ضبط أسواق مستلزمات ألواح الطاقة البديلة في سوريا، اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك، عبدالعزيز المعقالي، أن معظم الباعة في السوق لا يلتزمون بهوامش الأرباح التي تحددها وزارة التجارة الداخلية ومديرياتها في المحافظات، مقدرا هوامش الربح التي يتقاضاها باعة مستلزمات الطاقات البديلة (ألواح – بطاريات- انفرترات) بأنها تصل لـ100 بالمئة ولابد من التشدد في التعامل معهم وتكثيف الرقابة على بيع هذه المستلزمات التي ارتفع الطلب عليها كثيرا أمام تراجع توافر الكهرباء وارتفاع ساعات التقنين.

من الجدير بالذكر أن فوضى السوق السورية لا تقتصر فقط على الطاقة البديلة ومستلزماتها، بل تشمل كل المواد، ولا تزال الحكومة عاجزة حتى الآن عن إيجاد حلول لضبط الأسعار ولضبط الجودة في ظل الفساد والغش الذي يطال كل شيء.

واقع سيئ للكهرباء

التحول نحو الطاقة البديلة يأتي مع استمرار التدهور الذي يعاني منه قطاع الكهرباء في سوريا، واستمرار التقنين الطويل الذي يصل إلى 20 ساعة يوميا، وعدم تنفيذ الوعود العديدة التي أطلقتها الحكومة حول تحسين واقع الكهرباء، فضلا عن أسعار الفواتير المرتفعة، فكان لا بد من إيجاد بدائل للأجهزة الكهربائية الضرورية.

وأما بالنسبة لأسعار الكهرباء، فقد أظهرت فواتير استهلاك الكهرباء مؤخرا، الارتفاع الكبير الذي طرأ على فواتيرها، فقد وصلت فواتير الكهرباء الصادرة في الدورتين الأخيرتين، إلى مبالغ تجاوزت 20 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت لا تتجاوز مبلغ 3 آلاف ليرة سورية في الدورات الصادرة.

كما أن بعض الفواتير وصلت إلى مبالغ كبيرة جدا، تراوحت بين 50 و70 ألف ليرة سورية للاشتراك المنزلي،فيما لم يحصل المشتركون على أي نتيجة من تقديم اعتراضات لمؤسسة الكهرباء، وأن المؤسسة اكتفت بتقسيم الفاتورة على أشهر تحت بند “الشرائح”.

وفي نيسان/أبريل الفائت، صدرت فواتير كهرباء بتسعيرة جديدة، على الرغم من التقنين لساعات تكون معها الكهرباء نادرة معظم الأحيان، وبينت هذه الفواتير أن معظم المستهلكين الذين استهلكوا 1500 كيلو واط، وصلت قيم فواتيرهم بعد التعرفة الجديدة لحدود 16 ألف ليرة بدل من 6100 حسب التعرفة السابقة، في حين أن من استهلك 2000 كيلو واط بلغت قيمة فاتورته 77500 ليرة بدلا من 12 ألف حسب التعرفة السابقة، في حين وصلت قيمة الفاتورة ذات الاستهلاك 2500 كيلو واط إلى 130 ألف ليرة بدلا من 18 ألف ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.