لا حلول بالأفق تؤشر لإمكانية انتهاء الأزمة السياسية العراقية التي باتت على مقربة حلول عام عليها دون أن تنتهي، لكن المحاولات لحل الانسداد المستعصي تستمر دون كلل أو ملل، فما الجديد؟

في الجديد تشكل تحالف سياسي يضم 6 تكتلات، بعضها تشرينية ولم تشارك في أي عملية سياسية سابقة، وسمي بتحالف “الموقف العراقي”، طرح 9 بنود لحل الأزمة السياسية العراقية.

التحالف تكون من “حركة كفى، حزب الأمة العراقية، حركة واثقون، المجلس العراقي الديمقراطي الموحد، الجبهة الفيلية، حركة وعي الوطنية”، وقال إنه تشكل نتيجة “الظروف العصيبة والأزمة المتراكمة وصراع الإرادات والأجندات والدخول في مرحلة الانهيار”.

بيان لللتحالف، ذكر أنه “يسعى بكل جهده لإعادة بناء الدولة وتأسيس معادلة حكم جديدة رشيدة، بعيدة عن معادلة الفشل والفساد التي فرضتها قوى السلطة والسلاح الحاكمة اليوم، للانطلاق في مشرع عراقي قح، غير خاضع ولا تابع”.

ودعا تحالف “الموقف العراقي”، القوى الوطنية المستقلة إلى تنظيم صفوفها وتنسيق مواقفها وتشكيل جبهاتها في مواجهة القوى التقليدية وإزاحتها، مردفا آن يده ستكون ممدودة لجميع القوى الراغبة في التغيير.

فيما يخص الأزمة السياسية الراهنة، طرح التحالف خارطة حل عبر 9 بنود، أولها: اعتبار الفترة الحالية، فترة انتقالية وتحديد مدتها بما لا يزيد عن سنة واحدة.

أبرز البنود

البند الثاني، هو تشكيل حكومة جديدة مصغرة من الكفاءات الوطنية البعيدة عن أطراف الصراع والنزاع، تآخذ على عاتقها إدارة المرحلة الانتقالية.

في البند الثالث، دعا التحالف “المحكمة الاتحادية العليا” لممارسة دور إيجابي بناء، والفصل في القضية المرفوعة أمامها منذ الشهر الخامس غدا الأربعاء، والإيعاز لمجلس النواب بإصدار قرار برلماني يدعو البرلمان لحل نفسه وفقا للمادة 64 من الدستور العراقي.

البند الرابع، هو اعتماد الحوار كأسلوب لحل الأزمات السياسية والابتعاد عن لغة التخوين والتخويف والتسقيط والترهيب، مع ضرورة إشراك القوى الجديدة والفعاليات المجتمعية المؤثرة من منظمات وغيرها. “ليس من المعقول أن نطلب حلا من أطراف الآزمة ذاتها”.

خامس البنود، هو تعديل قانون الانتخابات بما يضمن اشتراط التحالفات الوطنية المسبقة، واعتماد الكتلة الفائزة بآكثرية المقاعد فور إعلان النتائج، ومنع تنقل النواب بين الكتل وتحديد عتبة الانفاق الحكومي الانتخابي، بما يضمن تكافؤ الفرص وإعادة هندسة الدوائر الانتخابية، بإشراف آممي واسع.

البند السادس، هو “حظر الأحزاب المسلحة من المشاركة في الانتخابات المقبلة”، فيما تمثل البند السابع، بتشكيل فريق من ذوي الاختصاصات، “فقهاء القانون والقضاء الدستوريين ونقابة المحاميين ومنظمات المجتمع المدني” وغيرهم، يتولى مهمة تعديل الدستور النافذ ويتم عرض النتائج على الاستفتاء الشعبي العام في الانتخابات المقبلة.

البند الثامن، دعا فيه التحالف، القضاء العراقي المستقل لفتح ملفات “قتلة المتظاهرين السلميين السابقين والحاليين (تشرينيين وثورة عاشوراء)، ملفات فساد وإهدار المال العام، وملف التسريبات الصوتية، ومحاسبة ومعاقبة من تسبب بضياع الدولة وإهدار مواردها”.

من مؤتمر “الموقف العراقي”

تاسع البنود وآخرها، ثمّن “الجهود الكبيرة والانضباط العالي للقوات الأمنية والعسكرية”، ودعا إلى عدم زجها في صراعات سياسية.

اشتداد الأزمة

ما يجدر ذكره،، أن الأزمة السياسية العراقية اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

وشهدت العاصمة العراقية بغداد، في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

وتأتي الأزمة السياسية العراقية، نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

إخفاق “إنقاذ وطن”

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

زعماء تحالف “إنقاذ وطن”، الصدر وبارزاني والحلبوسي

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.