خطاب بدا فيه رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، في أعلى درجات الانزعاج جراء الأحداث الأخيرة التي شهدتها بغداد، يضاف لها الهجوم المتكرر من قبل “الإطار التنسيقي” على شخصه، وخرج بتهديد مفاجئ.

الكاظمي قال، البارحة، إن ما جرى في المنطقة الخضراء، طوال ليلة الاثنين، من صراع مسلح، كان مخزيا، وهو أمر غير مقبول، وحمّل القوى السياسية نتيجة صراعها على مغانم السلطة، عن كل ما جرى.

الأهم واللافت في خطاب الكاظمي هو رده على قوى “الإطار التنسيقي” التي تهاجمه دائما وتتهمه بالعمالة لواشنطن، وأنه جزء أساس في الأزمة السياسية؛ لأنه يحلم بالتجديد له لولاية ثانية، بأنه قد يعلن خلو المنصب، في حال استمر التجاوز عليه وازدياد الاحتقان السياسي.

جانب من اجتماع للكاظمي مع وزراء حكومته

في حال نفذ الكاظمي تهديده بخلو المنصب، فإن رئاسة الحكومة ستصبح بيد رئيس الجمهورية برهم صالح، بحسب الدستور العراقي، وبالتالي سيفقد الشيعة منصبهم، وهنا يكمن تهديد الكاظمي، فهل سيفعلها ويترك المنصب؟

اقرأ/ي أيضا: وزير الصدر برسالة سياسية جديدة.. “على إيران كبح جماح بعيرها في العراق”

يقول الأكاديمي والباحث السياسي علاء مصطفى، إن الكاظمي لن يفعلها إطلاقا؛ لأن عامل الزمن فوّت عليه هذا “الموقف الشجاع”، حيث أن هلال الحكومة الشرعية الجديدة تثبت رؤيته قريبا.

ضعف موقف حكومة الكاظمي

وفق العرف السياسي لعراق ما بعد 2003، فإن رئاسة الحكومة من نصيب الشيعة، في تقسيم طائفي يمنح رئاسة الجمهورية للكرد، ويعطي رئاسة البرلمان إلى السنة.

مصطفى يردف في حديث مع “الحل نت”، أنه لو فعلها الكاظمي أيام الأزمات السابقة التي اعترضت حكومته واعترضته شخصيا، لكان من الممكن أن يصيب خصمه بمقتل، أما الآن فهي “مشورة ساذجة” من فريقه الاستشاري.

مصطفى يشير، إلى أن الأزمة الأخيرة أشّرت ضعف الموقف الحكومي في التعاطي مع أحداث المنطقة الخضراء، ولم يتمكن من تنفيذ حظر التجوال فعليا، وكادت بغداد تحترق لولا أن الصدر صبّ الماء على النار.

وشهدت بغداد أول أمس الاثنين، ومعها محافظات الجنوب العراقي تصعيدا صدريا على إثر إعلان مقتدى الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

اقرأ/ي أيضا: الأزمة السياسية العراقية.. البداية من البرلمان والنهاية بالقصر الجمهوري

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

“يجره لخصومات أكبر”

جراء العنف المسلح، سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

يختتم الأكاديمي العراقي، أنه لو نفّذ الكاظمي تهديده بخلو المنصب، فإن ذلك قد يجر عليه خصومات أكبر مع “الإطار التنسيقي” وتعكر صفوه، وهم الذين يملكون الكتلة البرلمانية الاكبر حاليا.

عجانب من تطاهرات أنصار الصدر عند المنطقة الخضراء

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

لا مناص من الانسداد

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

اقرأ/ي أيضا: الانهيار التدريجي للنظام السياسي في العراق؟

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.