يبدو إذن، لا خيار أمام العراق قبل أن يستوفي من كل تداعيات أزمة المياه في البلاد، فبعد أن عصف الجفاف بالزراعة وخرجت ملايين الدونمات عن الخدمة، تمتد اليوم الآثار إلى أحد أهم أعصاب الحياة، ليصبح المواطنون أمام خطر صعوبة تأمين مياه الشرب والسقي.. فما القصة؟

القصة أن، وزارة الموارد المائية العراقية، حذرت اليوم الجمعة، من صعوبة تأمين مياه الشرب والسقي في الموسم المقبل حال ارتفاع مستوى الجفاف إلى ما وصفته بـ “الحد الثالث”.

في حين إذا ما اتم الاعتماد على الحزين المتاح إضافة إلى الإيرادات التي تصل، فأن الإطلاقات المائية من السدود مخططة للموسم الشتوي والموسم الصيفي الحالي، بحسب مدير المركز الوطني العراقي لإدارة الموارد المائية في الوزارة، حاتم حميد.

حمد قال في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”، وتابعه موقع “الحل نت”، إنه “تم تخطيط الإطلاقات بشكل يضمن العدالة لجميع المحافظات لتأمين أولوية للشرب ومياه سقي البساتين الزراعية بنسبة 50 بالمئة”.

وأضاف أنه “إضافة إلى الإطلاقات باتجاه الأهوار لتأمين مياه الشرب والسقي”، لافتا إلى أن “المياه المطلقة من نهر دجلة تجاه هور الحويزة لا تكفي سوى لسد مياه الشرب للسكان الذين يسكنون الأهوار، كما أن المياه محدودة في الخزانات ولا يمكن إطلاقها كلها، بالتالي من الضرورة استدامة المياه بالخزانات للموسم الشتوي المقبل”.

اقرأ/ي أيضا: الجفاف في العراق: هل سيختفي الماء قريباً في “بلاد الرافدين”؟

العراق والحد الثالث

مدير المركز الوطني العراقي لإدارة الموارد المائية أشار أيضا، إلى أن “الموسم الحالي هو الثالث الذي نعاني فيه من الشح المائي، حيث إن الإطلاقات المائية أكثر من الإيرادات”، مبينا أن “هناك خطة إستراتيجية لإدارة الجفاف”.

حميد أرف بالقول: “نحن حاليا في الحد الثاني من الجفاف وفي الموسم المقبل، من الممكن أن يصل الانخفاض إلى الحد الثالث وهو شحّ قاسٍ جدا وسوف نواجه صعوبة كبيرة في تأمين مياه الشرب وسقي البساتين”.

وأكد على “الحاجة إلى تعاون المواطنين والحكومات المحلية وعدم التجاوز على الحصص المائية حتى نستطيع تأمين مياه الشرب ومياه السقي للسنة المقبلة”.

في أثناء ذلك، قللت سوريا إطلاقاتها المائية التي كانت تطلقها بكمية أكبر من حصة العراق بهدف المساعدة في حل مشاكل الشح المائي داخليا، إلا أنها حاليا انخفضت إلى أقل من 50 بالمئة، بسبب قيام تركيا بخفض الإطلاقات المائية لنهر الفرات الوارد إلى سوريا والعراق، وفقا لحميد.

وبين أن “الإطلاقات المائية لنهر دجلة من قبل تركيا أقل من الحصة المقررة نتيجة الشح المائي، وإن وضع السدود التركية جيد ومن الممكن زيادة الإطلاقات باتجاه العراق لتجاوز الشح”، مؤكدا أن “الجانب التركي وعدنا بزيادة الإطلاقات لكنها لغاية الآن ليست بالمستوى المطلوب”.

اقرأ/ي أيضا: الجفاف يضرب العراق وبحيراته ممرات للسيارات

أزمة المياه في العراق

الجدير بالذكر، أن الأمم المتحدة حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي ديماس أن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات، بنسب وصلت إلى 73 بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة“.

يشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد أليسو قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهر، وروافد تنبع من إيران مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.

كما أن الرئيس العراقي برهم صالح، كان قد أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن “العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحّ المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات“.

ما يمكن الإشارة له أيضا، أن انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، تتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

خسارات العراق من أزمة المياه

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه، وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

ودفع قطع المياه عن العراق من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شحّ المياه في البلاد.

ومما يجدر الإشارة له أيضا، أن مساحة الأراضي المتصحرة في العراق بلغت ما يقارب 27 مليون دونم أي ما يعادل 15 بالمئة تقريبا من مساحة البلد، وفقا لإحصائية أوردتها وزارة الزراعة في مطلع تموز/يوليو المنصرم.

اقرأ/ي أيضا: 23 سدا مائيا للسيطرة على الجفاف في كردستان العراق 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.