يبدو أن التفاهمات من خلف الستار بين الأطراف السياسية العراقية، تبشر بانتهاء الأزمة السياسية بالبلاد وخروجه من التعطيل الدستوري الذي دخله منذ 10 أشهر، ما يؤشر إمكانية عودة أعمال البرلمان العراقي الذي تم تعطيل نشاطاته منذ أكثر من شهر على خلفية احتدام الأزمة واقتحامه من قبل أنصار “التيار الصدري”، لاسيما في ظل حراك السياسية إيجابي تشهد الساحة السياسية.

إذ تشهد الساحة السياسة العراقية مؤخرا حراك يشي باحتمالية عودة نشاطات البرلمان، لا سيما بعد أن أعلن اليوم الأحد، حلفاء الصدر، زعيم الحزب “الديمقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني، ورئيس البرلمان وتحالف القوى السنية محمد الحلبوسي، تأكيدهم على ضرورة عودة البرلمان إلى عمله.

جاء ذلك على خلفية اجتماع الطرفين، وبحث إجراء الانتخابات المبكرة، والأوضاع السياسي في البلاد وتداعياته السلبية على البلاد وضرورة اعتماد لغة الحوار البناء لتجاوز الخلافات والوصول إلى حلول تصب في مصلحة الشعب العراقي واتباع الأساليب الدستورية والقانونية في تجاوز تداعيات المرحلة الراهنة، بحسب بيان مشترك تلقاه موقع “الحل نت”.

البيان نقل عن الجانبين، ضرورة “إجراء انتخابات مبكرة بعد تهيئة المتطلبات القانونية ومستلزماتها وفق الآليات الدستورية، يسبقها تشكيل حكومة تتمتع بكامل الصلاحية وتحظى بثقة واطمئنان الجميع ببرنامج حكومي متفق عليه، مع التأكيد على ضرورة استمرار مجلس النواب بعمله لحين موعد الانتخابات”.

الجانبان أبديا استعدادهما أيضا، “للمساهمة البناءة في تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف، وتبني اية خطوة تخدم المصلحة الوطنية وتساهم في السلم المجتمعي والحفاظ على أمن المواطنين ومصالحهم”.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه القيادي في الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، جعفر أيمينكي، اليوم الأحد توصل “الديمقراطي”، وحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، إلى تفاهمات مشتركة حول مرشح رئاسة الجمهورية، بعد أن مثل اختلاف القطبين الكرديين حول منصب رئاسة العراق أحد أبرز تعطل العملية السياسية على مدى 11 شهرا.

اقرأ/ي أيضا:  بعد قرار المحكمة الاتحادية.. ما الخيارات المتبقية لحل البرلمان العراقي؟

“الإطار التنسيقي” وعودة البرلمان العراقي

إشارات عززها، النائب عن طرف الأزمة الرئيسي تحالف “الإطار التنسيقي”، محمد الشمري، الذي كشف اليوم الأحد، عن خطوة جديدة تمثلت بجمع “نواب الإطار وعدد من نواب الكتل السياسية، أكثر من 180 توقيعا لعقد جلسة بعد الزيارة الأربعينية”، مؤكدا في حديث لموقع “الترا عراق” تقديم “التواقيع بطلب رسمي إلى رئاسة مجلس النواب”.

الشمري قال، إن “عقد الجلسة بات مسألة وقت لا أكثر، وهي ستكون مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة الجديدة”.

في حين “لم تحدد رئاسة البرلمان بعد استلامها التواقيع موعدا لعقد الجلسة”، بحسب الشمري، مبينا أنه “على الرئاسة تحمل مسؤوليتها أمام الشعب والمضي بعقد الجلسة لحسم الاستحقاقات الدستورية التي عطلت الكثير من مصالح الشعب، وأبرزها الموازنة المالية العامة لسنة 2022 والكثير من القوانين المعطلة منذ الدورة الماضية”.

الشمري أشار أيضا، إلى أن “البرلمان عندما يستأنف عمله ويكمل الاستحقاقات سيسهل الكثير من الأزمات العالقة الآن في الاجتماعات السياسية”، مشيرا إلى أن “أي خلافات حصلت وستحصل ستحل داخل قبة البرلمان لكونه من يمثل الشعب”.

من جهته، يقول المحلل السياسي علاء مصطفى في حديث لموقع “الحل نت”، إن “علامات الانفراج السياسي تبينت منذ أن أبدى السيد الصدر حزنه اتجاه أعمال العنف، واعتزاله السياسية بإشارة إلى زهده بالمناصب والسلطة، إضافة إلى رميه للكرة بملعب حلفائه الذي أعلنوا اليوم بكل وضوح ضرورة عودة البرلمان لعمله”.

مصطفى أشار إلى أن “حديث الكرد والسنة عن أهمية عودة البرلمان وإيجاد مخرجا دستوري للأزمة بعد صمت طويل وخاصة هم حلفاء للصدر، هذا يعني أن هناك ضوء أخضر، مما يضع حديثهم في محل رسائل إلى القوى وبالتحديد غرماء الصدر في تحالف “الإطار”.

https://twitter.com/llyy220022/status/1568984309486481409?s=21&t=239XXjZOcZJSTBCPN9my5g

اقرأ/ي أيضا: تخبطات حول البرلمان العراقي.. بين الصدريين والمالكي؟

البرلمان العراقي وإعادة ترتيب قواعد الاشتباك

كما بين أن “تنازل الصدر بهذه السهولة هو أمر بعيد المنال، وعودة البرلمان لعمله لا يمثل الحل الكلي للأزمة، لكنه في أقل تقدير يعني عودة قواعد الاشتباك إلى سابق عهدها داخل البرلمان وعلى طاولة الحوار على العكس مما شهدناه في المرحلة الأخيرة من تطوره إلى صدام مسلح”.

مصطفى لفت إلى أن “الصدر كان واضحا بمطالبه في إجراء انتخابات مبكرة جديدة، وحل البرلمان، وهو أمام التزام جماهيري ملتزم معه في كل ما يقوله بالتالي لا يمكنه خذلانهم، لذا أن عودة البرلمان ربما لن تكون أكثر من مرحلة ترتيبات إلى ما بعد فيما يتعلق بإجراء الانتخابات”.

يأتي ذلك في الوقت الذي ما يزال زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر، يطالب فيه بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، داعيا في أخر مبادرة قدمها الخميس الماضي، الحزب الديمقراطي، والقوى السنية باعتبارهم حلفائه إلى الانسحاب من البرلمان، بهدف اسقاط شرعيته.

وكانت الأزمة السياسية العراقية، قد اشتدت منذ الـ30 تموز/يوليو الماضي، بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات، قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

وعاد المشهد ليتطور في 29 آب/ أغسطس الماضي، بعد أن شهدت بغداد تصعيدا صدريا، على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره للمنطقة الخضراء، والقصر الجمهوري – الحكومي، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الصراع جاء بعد أن هاجمت القوات الحكومة مع فصائل تابعة لـ “لحشد الشعبي”، وموالية لـ “الإطار” أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام”، التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري، بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

امتداد الأزمة وصولا لتعطل البرلمان العراقي

تأتي الأزمة السياسية العراقية، نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر، منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر، فيها وخسارة “الإطار”، الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن“، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا، على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية”، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي”، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية”، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار”، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار”، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: القضاء العراقي يرد دعوى حل البرلمان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة