يبدو أنها معركة كسر إرادات يريدها زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، مع خصمه زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، لكن بعض الأطراف ضمن “الإطار التنسيقي” الذي ينضوي به المالكي، ترفض لغة الأخير، وحذّرت من استمراره.

في التفاصيل، خرج رئيس الحكومة العراقية الأسبق، نوري المالكي، البارحة، بتغريدة عبر “تويتر”، وصفت بالحادة، يريد منها نسف مطالب الصدر، بقوله إنه لا حديث بعد الآن عن أي حل للبرلمان.

قول المالكي جاء بعد اتفاق حلفاء الصدر -حتى الأمس- وهما “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني، و”السيادة” بقيادة خميس الخنجر، ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، على تشكيل حكومة جديدة، واستمرار عمل البرلمان لحين إجراء انتخابات مبكرة جديدة.

العبادي بوجه المالكي

المالكي قال، إن “القضاء حكم بعدم جواز حل البرلمان، وهذا يعني لا انتخابات مبكرة إلا بعد استئناف مجلس النواب لعقد جلساته، وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحية”.

وتابع زعيم “حزب الدعوة”: “لقد أبدت القوى السياسية موقفها الداعم لقرار القضاء، وأعلنت رفض حل البرلمان والانتخابات المبكرة المقترحة (…) لذلك لا داعي بعد للحديث في هذا الموضوع المحسوم دستوريا وقضائيا وسياسيا”.

وشدّد المالكي، على أنه يجب مغادرة موضوع حل البرلمان، وتكريس الكلام والجهود والمقترحات على كيفية تفعيل البرلمان، وكيفية الإسراع بتشكيل حكومة ائتلافية لتحقيق أفضل الخدمات والاستقرار السياسي والأمني، بحسبه.

حديث المالكي، قوبل برد رافض له من قبل القيادي الآخر في “الإطار”، حيدر العبادي، عبر تغريدة بموقع “تويتر”، قال فيها، إن أي مسار يقوم على كسر الإرادة، سيكون وبالا على الشعب والدولة.

العبادي، وهو رئيس الحكومة العراقية الأسبق، دعا إلى اتفاق سياسي يفضي لاعتبار المرحلة الراهنة انتقالية، تبدأ بتشكيل حكومة وتنتهي بحل البرلمان وإجراءات انتخابات مبكرة، قائلا إن “مصالح الشعب واستقرار الدولة أعلى وأغلى من أي مصلحة حزبية أو فئوية”.

مساء اليوم الاثنين، عبّرت قوى “الإطار التنسيقي”، في بيان لها، عن “تقديرها لموقف تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما وعدت بضمان مشاركة جميع القوى بالعملية السياسية المقبلة”.

وأكدت على “استمرارها في الحوار مع جميع الأطراف لتنفيذ الاستحقاقات الدستورية وعودة المؤسسات إلى أداء مهامها وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، حرصا منها على تجنيب البلاد مزيدا من الأزمات”.

موقف “السيادة”

بعد بيان “الإطار”، أكد “تحالف السيادة”، بزعامة خميس الخنجر، اليوم الاثنين، دعمه إجراء إنتخابات مبكرة في ظل حكومة قوية ومقبولة، وأن أولويته بهذه المرحلة، صياغة حوار وطني شامل، ورؤية يتفق عليها الجميع من دون غلبة طرف على آخر أو كسر إرادات.

في 30 تموز/ يوليو الماضي، اشتدّت الأزمة السياسية العراقية، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

وشهدت العاصمة العراقية بغداد، في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

استمرار الأزمة

تأتي الأزمة السياسية العراقية، نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.