عام يقترب على إجراء الانتخابات المبكرة، ولا نهاية متوقعة للأزمة السياسية الحادة في العراق، غير أن البعض يطرح تخريجة لحل الأزمة، عبر حكومة مستقلين، فهل تنجح التخريجة تلك؟ وكيف السبيل لها؟

الأزمة السياسية طرفاها “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر الرافض لتشكيل حكومة جديدة ويطالب بانتخابات مبكرة جديدة، و”الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، الذي يصر على تشكيل حكومة تدير الانتخابات.

أمام العناد الإطاري والتياري، طرح أكاديميون وساسة تخريحة لإنهاء الأزمة، عبر تشكيل حكومة مستقلين، تدير الفترة الراهنة، تمهيدا للانتخابات المبكرة المقبلة، لكن السؤال من هي تلك الحكومة وكيف يمكنها النجاح وهل ستمنح الفرصة؟

طريق النجاح

المحلل السياسي نزار حيدر، يقول إن طرح حكومة مستقلين هو الأنسب لحل الأزمة المستعصية، ولكن مع رسم خطوط عريضة وواضحة حول تلك الحكومة، وعدم تركها ضبابية، على حد تعبيره.

حيدر يردف في حديث مع “الحل نت”، أن حكومة المستقلين، يجب أن تتشكل من الكفاءات، أي من شخصيات كفوءة ومستقلة، لا تنتمي لأي جهة سياسية، خصوصا “الإطار” و”التيار”.

نجاح تلك الحكومة، يتوقف على أن تكون كل شخصيات الكابينة الوزارية غير مشتركة بالعملية السياسية العراقية منذ عام 2003، وعلى رأسها رئيس الوزراء، وفق المحلل السياسي العراقي، نزار حيدر.

ويضيف حيدر، أن الحكومة لكي تكون قوية، يجب أن تتعهد كل القوى السياسية بدعمها وعدم الوقوف بوجهها واعتراض حركتها وعرقلتها، وذلك عبر توقيع القوى السياسية على ميثاق يضمن لها ابتعاد القوى عن طريقها.

حكومة المستقلين، إن تشكلت فسيمتد عمرها من عام ونصف إلى عامين، تأخذ على عاتقها تعديل قانون الانتخابات وتغيير أعضاء مفوضية الانتخابات، والأهم هو تعديل المواد الدستورية التي تتسبب بالانسداد السياسي بعد كل انتخابات، بحسب نزار حيدر.

ويتابع، أن أهم مواد الدستور التي يجب تعديلها، هو اعتماد الكتلة الأكبر الفائزة في الانتخابات وليس بعدها، ومنع التحالفات بعد إعلان نتائج الانتخابات، وإلزام حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، بأغلبية النصف + واحد من نواب البرلمان، وليس بأغلبية الثلثين.

مخاوف الصدر

حيدر يوضح، أن حكومة المستقلين هي الوحيدة القادرة على إخراج البلاد من الأزمة الراهنة؛ لأن أي حكومة إطارية لا يمكن لها أن تتشكل، والسبب أن مقتدى الصدر لا يسمح لها بذلك عبر ورقة الشارع الذي يملكه.

قادة “الإطار التنسيقي”

ويلفت المحلل السياسي العراقي، إلى أن زعيم “التيار الصدري”، سيتنازل عن مطلبه بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، إن وافق “الإطار” على مقترح حكومة المستقلين؛ لأنه لا مانع لديه من أي حكومة غير توافقية.

أما ما يجعل الصدر يصر على عدم تشكيل حكومة جديدة؛ لأنه يرى أن “الإطار” يريد تشكيل حكومة محاصصاتية تمهد لتعديل قانون انتخابي وفق مقاسه، ويعين أعضاء بمفوضية الانتخابات من مواليه، ما يضمن له الفوز في الانتخابات المقبلة بعد خسارته المدوية في الانتخابات الأخيرة، كما يقول حيدر.

ويختتم حيدر، أنه لا حل بغير حكومة مستقلين، وإن رفض “الإطار” ذلك، فإن البلاد ستبقى دون حكومة وببرلمان معطل؛ لأن “التيار الصدري” سيخرج للشارع مجددا ومعه فئة واسعة من بقية الأطياف،، وخاصة “تشرين”، وحينها ربما تنزلق الأمور للعنف كما حصل في أحداث المنطقة الخضراء الأخيرة.

اشتداد الأزمة

في 30 تموز/ يوليو الماضي، اشتدّت الأزمة السياسية العراقية، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

شهدت العاصمة العراقية بغداد، في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

من تظاهرات “التيار الصدري” في المنطقة الخضراء

تأتي الأزمة السياسية العراقية، نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

فشل مشروع الصدر

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن”، بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.