يبدو أن “التيار الصدري” يأبى غلق باب تسريبات خصمه نوري المالكي، رغم مرور نحو شهرين عليها، وبعد أن خفّت حدتها، عاد “التيار” ليفتح الموضوع مجددا، ولكن هذه المرة من بوابة القضاء.

في التفاصيل، رفع الأمين العام لـ “الكتلة الصدرية” نصار الربيعي، اليوم الأربعاء، دعوى قضائية ضد زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، تتعلق بالتسريبات الصوتية للأخير.

التهم التي أرفقها الربيعي في الدعوى التي رفعها ضد المالكي، تتعلق بحسب ما تابعه “الحل نت”، الإعداد لهجوم مسلح على الكوفة والنجف والمرجعية من قبل المالكي، عبر مجاميع مسلحة يقوم بتشكيلها، وتهديد حياة مقتدى الصدر.

من التهم التي وردت في الدعوى أيضا، شتم الشيعة والتعدي عليهم لفظيا “الشيعة أراذل”، والإساءة إلى “التيار الصدري”، ووصف “الحشد الشعبي” من قبل المالكي بـ “أمة الجبناء”.

تفاصيل تسريبات المالكي

التهم تضمنت أيضا، التهجم على الجيش والشرطة ووصفهم بما لا يليق بهم، وتهديد السلم الأهلي والأمن الوطني وخلق اقتتال بين مكونات الوطن، وإثارة النعرات الطائفية في العراق.

في منتصف تموز/ يوليو المنصرم، وعلى نحو غير متوقع، انتشر التسريب الصوتي الكامل الذي نسب إلى رئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي، والذي كان قد كشف عنه الإعلامي والناشط العراقي المقيم في الولايات المتحدة الأميركية علي فاضل.

حيث بلغ طول التسريب الصوتي 48 دقيقة، سبق وأن نشر علي فاضل منها 6 أجزاء تراوحت مدتها بين دقيقتين و3 دقائق، بهدف إدامة الزخم حول الموضوع، وكي لا يتم نسيانه بسرعة مع الأيام في حال نشره على دفعة واحدة.

التسجيل الصوتي للمالكي سُرب من اجتماع بينه وبين قادة لميليشيا تدعى بـ “أئمة البقيع”، التي تسيطر على مواقع حيوية بمحافظة ديالى شرق العاصمة العراقية بغداد.

كشف التسريب عن نية المالكي بتسليح نحو 15 جماعة مسلحة وبتعداد يصل لـ 20 ألف مقاتل، استعداداً لـ “مرحلة اقتتال طاحن في العراق” بحسب وصفه.

إذ عرض المالكي على الحاضرين معه، أن يربطهم بـ “الحرس الثوري الإيراني”، وذلك في محاولة لتوفير الدعم لهم من إيران التي تدعم جماعات مسلحة أخرى، مثل كتائب “سيد الشهداء” و “عصائب أهل الحق” الجناح المسلح لكتلة “صادقون” النيابية بقيادة قيس الخزعلي، و “منظمة بدر” الجناح المسلح لكتلة “بدر” النيابية بقيادة هادي العامري.

نفي وتأكيد

التسريب تخلله تجاوزات وإساءات كبيرة من قبل المالكي تجاه زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، واتهمه بابتلاع الحكومة العراقية، ومن ثم تسليمها إلى السنة والكرد، ضمن مشروع إسرائيلي-بريطاني، كما وجه المالكي للصدر، اتهامات بمحاولة لإبادة شيعة العراق، ناهيك عن وصفه للصدر بـ “الجاهل والجبان”.

كما وصف المالكي خلال التسريب، قادة “الحشد الشعبي” بالمتخاذلين والباحثين عن المال والسلطة مقابل عمالتهم لرئيس البرلمان ورئيس حزب “تقدم” محمد الحلبوسي، مدعيا أن الأخير قام بإغراء عدد كبير من قادة “الحشد” وشرائهم.

كذلك أنهال المالكي، على أطراف العملية السياسية من الحلبوسي وزعيم تحالف “السيادة” خميس الخنجر، وزعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، مسعود بارزاني، بالإساءة والاتهامات بأنهم يحاولون اختراق الصف الشيعي من خلال مقتدى الصدر، وهذا ما لا يمكن أن يحدث حتى لو كلف ذلك الاقتتال مع الصدر “الصهيوني”، على حد تعبيره.

المالكي كرر مرارا نفيه لتلك التسجيلات، وادعى أنها مفبركة عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل.

لكن فريقا فنيا عراقيا يطلق عليه اسم “فريق التقنية من أجل السلام”،أكد صحة التسجيلات المنسوبة إلى المالكي، حيث قال الفريق إنه “في جميع التسجيلات المتداولة كان الانتقال بين الجُمل متناسقا جدا وطبيعيا، ولم يلاحظ وجود انتقالات مختلفة وغير متناسقة أو وجود قطع كدلالة على دمج مقاطع صوتية مختلفة”.

قطيعة مستمرة

بعد التسريبات، طلب مقتدى الصدر من المالكي، تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية، كما دعا عشيرته والقوى المتحالفة معه إلى التبرؤ من حديثه من أجل ما وصفه بـ ”إطفاء الفتنة”، مضيفا أنه يجب أيضا استنكار “تحريضه على الفتنة والاقتتال الشيعي-الشيعي”.

وينحدر الصدر والمالكي من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.

وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.

ومنذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.