مهنة حساسي البحر أو مستكشفي البحر تحولت في سوريا من مهنة موسمية لصيد الأسماك إلى تجارة رابحة لنقل المهاجرين إلى قبرص. حيث أصبح هؤلاء الحسّاسين يتقاضون ما بين 100 و200 يورو مقابل كل شخص ينقل عبر قوارب الموت إلى أولى محطات القارة الأوروبية القريبة من البلاد.

وزير الداخلية القبرصي، كونستانتينوس يوانو، حذر أمس الخميس، من تزايد أعداد المهاجرين السوريين إلى جزر البلاد، تزامنا مع وصول 120 سوريا خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية. وقال الوزير في بيان له “هناك تغييرات حديثة في أساليب نقل المهاجرين، مما أثر على عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون عن طريق البحر”.

الوزير أشار إلى أن هناك زيادة في أعداد المواطنين السوريين الذين يصلون إلى قبرص، وأن هذه الزيادة ترجع إلى عدة أسباب، منها الحرب في سوريا، والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السوريون، وسهولة الوصول إلى قبرص عبر البحر. لكن ما هي خفايا التجارة الجديدة الرابحة والتي قد تقلب الأوضاع في قبرص رأسا على عقب!

طرق الهجرة تنتقل إلى داخل سوريا

على شواطئ سوريا، تتوالد الأحداث بأسرار غامضة حول إعلان قبرص حالة الطوارئ، بسبب مهنة حساسي البحر كانت تُعدّ في السابق لرواد البحار الباحثين عن ثروة الأسماك في فصل الصيف، ولكنها تحولت من مهنة رائجة إلى تجارة رابحة وغامضة في الوقت ذاته.

مهنة حساسي البحر واحدة من أخطر المهن في سوريا - إنترنت
مهنة حساسي البحر واحدة من أخطر المهن في سوريا – إنترنت

بحسب ما كشفه “الحل نت”، فإن أمواج السواحل السورية والممرات البحرية الخفية تحولت إلى ساحة لتجارة لا تخطر على بال أحد، وبات الحساسين هم نقلة خطيرون للمهاجرين الذين يبحثون عن حياة أفضل في رحلات غير شرعية.

ففي تطور غير مسبوق، أصبحت قوارب الصيد السورية التي توقفت بسبب أزمة المحروقات وارتفاع أسعار مواد تشغيلها وسيلة تحمل المهاجرين عبر الأمواج المتلاطمة، مشكلة في ذات الوقت صفقة مربحة لحساسي البحر الذين يتقاضون مئات اليوروهات لنقل كل شخص إلى الشواطئ الآمنة في قبرص.

علي النحلوس، أحد الحساسين في شواطئ اللاذقية، صرح لـ”الحل نت”، أن مهنته تحولت إلى استكشاف الأمل للمهاجرين السوريين خصوصا بعد الأزمات الإنسانية التي ضربت المنطقة بلا رحمة، كان آخرها حملة السلطات التركية لإعادة اللاجئين إلى شمال سوريا، وأيضا ممارسة الحكومة اللبنانية سياسة التضييق على السوريين هناك.

لا يخفي النحلوس أن مهنة حساسي البحر واحدة من أخطر المهن في سوريا، حيث تتعرض هذه القوارب للغرق في كثير من الأحيان، كما يتعرض الحسّاسون للاعتقال أو الموت في البحر، لكن رغم المخاطر، يلجأ العديد من السوريين إلى هذه المهنة لكسب لقمة العيش، حيث لا يجدون أي عمل آخر في البلاد.

الجوازات السورية السبب!

وزارة الداخلية القبرصية صرحت أنها رصدت تغيرات في طريقة عمل المهربين، مما يغير ميزان الوافدين عبر الطريق البحري، ففيما يتعلق بتكوين الوافدين، هناك تزايد بنسبة المواطنين السوريين.

وفقا لإعلان ذي صلة صادر عن وزارة الداخلية، تبذل سلطات جمهورية قبرص جهودا، على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وكذلك على المستوى التكنوقراطي والتشغيلي، لإدارة ظاهرة المهاجرين المتزايدة، ولا سيما من سوريا، حيث بلغ عدد طلبات اللجوء لشهر حزيران/يونيو الفائت، 735 طلبا.

بالعودة إلى النحلوس، فإن أحد الأسباب التي حولته إلى مستكشف ينقل المهاجرين إلى الشواطئ القبرصية، هي الحملة التي شنتها السلطات الليبية والتونسية على شواطئها ضد المهاجرين غير الشرعيين، حيث علق الآلاف من السوريين هناك منذ أشهر.

تزايد أعداد المهاجرين السوريين إلى قبرص - إنترنت
تزايد أعداد المهاجرين السوريين إلى قبرص – إنترنت

علاوة على ذلك، فإن السبب المباشر لتوجه السوريين نحو قوارب الصيد المحلية، هو توقف وزارة الداخلية السورية بشكل مفاجئ بالتزامن مع الحملة الدولية ضد الهجرة غير الشرعية، من إصدار جوازات سفر للمواطنين داخل البلاد، خصوصا للمتخرجين حديثا من الجامعات والذين يخشون الالتحاق بالخدمة الإلزامية.

مهربون يتعاملون مع أشخاص متنفذين

يوم الأربعاء الفائت، وعلى وجه التحديد في حوالي الساعة 7 مساء، شوهد قارب خشبي على متنه 95 مهاجرا على بعد 23 ميلا بحريا جنوب شرق كابو جريكو، بينما بعد ذلك بقليل تم رصد قارب آخر على بعد 16 ميلا بحريا، وعلى متنه 18 مهاجرا، حيث تم نقل القاربين إلى ميناء لارنكا وعلى متنهما ما مجموعه 113 مهاجرا، من بينهم 78 رجلا وتسع نساء و26 طفلا.

مهنة حساسي البحر تحولت إلى تجارة رابحة - إنترنت
مهنة حساسي البحر تحولت إلى تجارة رابحة – إنترنت

رغم غرق قوارب الموت المنتشرة في أصقاع البحر الأبيض المتوسط، وآخرها القارب الذي كان يحمل 750 مهاجرا أغلبهم من سوريا، إلا أنه على مدى الأشهر الماضية كانت عمليات تهريب البشر قد تصاعدت من محافظتي طرطوس واللاذقية إلى قبرص عبر البحر المتوسط.

ما يؤكده النحلوس لـ”الحل نت”، أن جميع قوارب الصيد لا تعمل بشكل فردي، إنما تتبع لشبكات مهربين يتعاملون مع أشخاص متنفذين في الأجهزة الأمنية والجيش السوري، مقابل مبالغ مالية وصلت إلى 3 آلاف دولار للشخص الواحد.

بحسب ما تشير إليه السلطات القبرصية، فإن حظر الحوار الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على دمشق لا يسمح لجمهورية قبرص بالتواصل مباشرة مع السلطات السورية بشأن هذه القضية التي تكتسب زخما مؤخرا. لكن قبرص على اتصال بالسلطات اللبنانية التي أبرمت معها اتفاقية عودة.

عدم تفعيل دمشق لحلول الأزمات التي تضرب المواطنين في البلاد، حول مهنة الحساسين إلى واحدة من الظواهر المأساوية التي تعكس حجم المعاناة التي يعاني منها الشعب السوري، ويبدو أن الشواطئ السورية ستتحول إلى نقطة جديدة لفرار العديد من المواطنين نحو الموانئ القبرصية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
5 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات