مع تصاعد الحديث عن قرب عودة أعمال البرلمان العراقي الذي كان قد تعطل في الربع الأخير من شهر تموز/يوليو الماضي، بعد اقتحامه من قبل أنصار “التيار الصدري“، وإعلان اعتصام مفتوح منه. نفى مقرر البرلمان غريب عسكر، اليوم الاثنين، إمكانية انعقاد جلسة نيابية في الوقت الحالي ما لم يحسم الوفد الثلاثي زيارته إلى زعيم “التيار” مقتدى الصدر.

عسكر، قال في تصريح صحفي لوكالة “بغداد اليوم” وتابعه موقع “الحل نت“، إن “البرلمان لن يعقد أي جلسة له اعتيادية أو تخص انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء ما لم يحسم الوفد الثلاثي لقائه بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الاسبوع الحالي أو المقبل في لقاء مرتقب سيجمع تلك الأطراف في الحنانة“.

أما عن أنباء تقديم استمارة موقعة إلى هيئة رئاسة البرلمان لعقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، أوضح مقرر المجلس، أن “هيئة الرئاسة استلمت تواقيع النواب لعقد جلسة اعتيادية وليس عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية“، مشيرا إلى أن “الأسبوع الحالي لن يشهد عقدها حيث سيتوجه العامري والبارزاني والحلبوسي للقاء الصدر هذا الأسبوع أو المقبل“.

عسكر بين أيضا، إلى أنه “بعد اللقاء سيتم الاتفاق على تشكيل الحكومة واختيار برنامج حكومي يلبي طموح أبناء الشعب العراقي“، معتبرا أن “المرحلة المقبلة مهمة للوصول إلى تفاهمات بشأن إنهاء الانسداد السياسي والاسراع بتشكيل الحكومة المقبلة“.

حديث عسكر يتفق معه، النائب محمد قتيبة البياتي، الذي أكد في وقت سابق إنه” لغاية الآن لم تصل أي مسودة تحمل تواقيع نواب لإعادة جلسات مجلس النواب إلى رئاسة المجلس، كما لا يوجد اتفاق أو دعوة رسمية بهذا المسار وفق المعلومات“.

اقرأ/ي أيضا: انتعاش خط السياحة من العراق إلى لبنان

لا يوجد موعد محدد لعودة أعمال البرلمان

البياتي قال إنه “من الصعب التكهن بموعد عقد أولى جلسات مجلس النواب بالوقت الراهن بعد الأحداث الأخيرة“، مستدركا قوله “لكن كل المؤشرات تدلل بأنه يحتاج بعض الوقت من أجل الوصول إلى مرحلة التوافق على هذه الخطوة“، مؤكدا أن “الحديث عن احتمالية إعادة الجلسات نهاية الشهر الحالي أو بعده، هو حديث سابق لأوانة“.

يأتي ذلك بعد التطورات التي شهدتها الأزمة السياسية في العراق، بعد أن اشتدت في الـ30 تموز/يوليو الماضي، على إثر اقتحام جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات، قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

بعد ذلك عاد المشهد ليتطور في 29 آب/أغسطس الماضي، شهدت بغداد تصعيدا صدريا، على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره للمنطقة الخضراء، والقصر الجمهوري (الحكومي)، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الصراع جاء بعد أن هاجمت القوات الحكومية مع فصائل تابعة لـ “الحشد الشعبي“، وموالية لـ “الإطار“، أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، ما دفع “سرايا السلام“، الجناح المسلح التابع للصدر للتدخل للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء، انتهت عندما دعا الصدر، في اليوم التالي من خلال مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري، بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

تلك التطورات جاءت نتيجة لصراع سياسي، دام لأكثر من 10 أشهر، منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز كتلة الصدر فيها أولا، وخسارة قوى “الإطار“، الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

سياق التطورات وصولا لتعطيل البرلمان 

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن” أصر بـ 180 مقعدا نيابيا، على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية“، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي“، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية“، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة “الأغلبية“، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية – البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور، وهو ما لم يتمكن “إنقاذ وطن” من تحشيده.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار“، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار“، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي، محمد شياع السوداني، في الـ25 من تموز الماضي، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: ضجة عراقية بسبب وفاة زعيم قبلي بعد اعتقاله من “الحشد الشعبي”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.