بالتوازي مع استمرار التهديدات الصينية باتجاه تايوان، بدأت بعض المبادرات الشعبية لتدريب الأهالي على أعمال الدفاع المدني وتقديم الإسعافات الأولية، تزامنا مع استعداد الجيش التايواني لمواجهة أي هجوم صيني محتمل.

تدريبات مدنية

صحيفة “التايمز” البريطانية، تحدثت في تقرير عن اجتماع نحو 60 شخصا من نساء ورجال بشكل إسبوعي، في إحدى قاعات الكنائس في العاصمة، تاييبه، للتدرب على الإسعافات الأولية والإنقاذ بإشراف أشخاص متخصصين في هذا المجال.

ويقول معلم يدعى، وانغ جوين، ويشارك في تلك التدريبات: إن “احتمال الغزو يتزايد، ومن المحتمل أن يجري ذلك في حياتي، وإذا حدث ذلك فأريد أن ألعب دورا في مقاومته، وهذه الدورة جعلتني أدرك أنني أستطيع ذلك“.

أما الضابط السابق في القوات الخاصة، إينوك وو، والذي تشرف منظمته “التحالف قدما” على تلك التدريبات، فيوضح: “نحن ندرك جميعا أن نظامنا الديمقراطي السلمي هش للغاية.. ولا يتطلب الأمر أكثر من نزوة ديكتاتور لإسقاطها“.

ولفت وو، إلى أن منظمته تعلّم المتطوعين عمليات البحث والإنقاذ البسيطة، وبعض طرق إخراج الناس من تحت أنقاض المباني التي قد تسقط جراء القصف، أو بسبب حدوث زلزال.

وشدد على أن بلاده تواجه أكبر تحد للأمن القومي في تاريخها، وأن ذلك يتطلب أن تنخرط جميع فئات المجتمع في المقاومة.

وزاد بالقول: “المواطنون على أتم الاستعداد لأنه بدونهم سوف يغدو الدفاع عن البلاد مستحيلا“.

قد يهمك: نجاحات أوكرانية متجددة.. هل ينتهي الغزو الروسي قريباً؟

من جانبه يرى، ألثي جونغ، الذي ينتمي إلى نفس المنظمة أنهم كانوا يعتقدون في البداية أن الصين، لن تغامر بغزو بلادهم لخشية بكين أن يتأثر ازدهارها الاقتصادي بذلك الأمر، موضحا: “ولكن تجربة القمع التي حدثت في هونغ كونغ (عقب ضمها للصين) أثبتت خطأ اعتقادنا“.

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد أكد لبرنامج “60 دقيقة” الذي تبثه قناة “سي بي إس”، أن القوات الأميركية ستدافع عن جزيرة تايوان “إذا كان هناك في الواقع هجوم غير مسبوق“.

لكن بايدن، شدد على أن “تايوان تصدر أحكامها الخاصة بشأن استقلالها“، مضيفا “نحن لا نشجعهم على أن يكونوا مستقلين، هذا قرارهم“.

وبعد المقابلة، قال مسؤول في البيت الأبيض إن سياسة الولايات المتحدة بشأن تايوان لم تتغير.

وفي الشهر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن بيع معدات عسكرية بقيمة 1.1 مليار دولار للحكومة في الجزيرة.

مصير كارثي للصين

تقرير سابق لـ“الحل نت“، أشار إلى أن الصين لن تشن هجوما على تايوان، لمجرد أن الصين لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة، لأنها ستواجه أيضا عقوبات أميركية وغربية مثلما فُرضت على روسيا أثناء غزوها لأوكرانيا، حسبما أوضح الكاتب والمحلل السياسي ميّار شحادة، خلال حديثه لـ“الحل نت“.

وبحسب تقدير شحادة، فإن الصين ستواجه مصيرا كارثيا في حال غزت تايوان، لا سيما أن الصين لديها استثمارات بقيمة تريليونات الدولارات في أميركا، وبالتالي إذا عوقبت الصين، مثلما عوقبت روسيا، فإنه من الممكن إعادة الصين إلى فترة ما قبل السبعينيات، لذا تدرس الصين التاريخ جيدا، خاصة فترة الاتحاد السوفيتي الذي كان يهدد سابقا بنقل الصواريخ إلى كوبا، قبالة الساحل الأميركي، وتحديدا فلوريدا، ومن ثم هددت بنقل الأسلحة النووية إلى بحر الصين الجنوبي، حيث كان هناك العديد من الإشكاليات حينذاك، ولكن في النهاية انهار الاتحاد السوفيتي، وانتصرت الولايات المتحدة، الآن الصين تقرأ كل هذا، ووفق اعتقاد شحادة، أنه لن يكون للصين رد فعل غوغائي أو عسكري، فهي الآن بحسب تقديره تدرس خطواتها بعناية، وتعلم أن أدواتها ليست قوية أو قادرة على مواجهة الولايات المتحدة.

وعليه، فإن هناك شرطا لاحتمالية أن تغزو الصين تايوان، والذي يتمثل بسحب التمويل والاستثمارات الصينية في أميركا، وقد لا يحدث هذا في الفترة المتوقعة لأنها تقدر بالتريليونات، فضلا عن وجود تداخلات استثمارية بين الصين وأوروبا، وبالتالي فإن الصين تعلم جيدا أنه إذا ما سحبت استثماراتها، فسوف يسحب الغرب استثماراته تبعا، ومن هنا يمكن القول إن الصين ستكون منهكة اقتصاديا إذا ما غزت تايوان، وبالتالي لا يمكن للصين أن تتحدى الولايات المتحدة، وفق تعبير شحادة.

وأيضا كان الرئيس جو بايدن، أكد التزام واشنطن تجاه تايوان في مطلع العام الحالي، وفي أيار/مايو الماضي اعتبر الرئيس الأميركي أن الصين، “تلعب بالنار” في مسألة تايوان، وتعهد بالتدخل عسكريا لحماية الجزيرة إذا تعرضت لهجوم.

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها أثناء زيارته لليابان، بدا بايدن، على خلاف مع سياسة الولايات المتحدة المتبعة على مدى عقود في هذا الشأن، على الرغم من إصرار البيت الأبيض على عدم وجود أي تغيير؛ إذ شبّه الرئيس الأميركي أي غزو صيني لتايوان، بغزو روسيا لأوكرانيا، الأمر الذي أثار انتقادات غاضبة من بكين.

من الواضح أن التهديدات الصينية لتايوان، ستأتي بنتائج عكسية وسلبية على الصين، حتى قبل أن تُقدم الصين على أي تحرك عسكري من غير المتوقع أن يحدث، خاصة إذا ما نظرت الصين إلى نتائج الغزو الروسي لأوكرانيا، وما جلبه على روسيا من تدهور اقتصادي وقطيعة في العلاقات الدولية، ما سيجعلها تنظر في إعادة تفكيرها الاستراتيجي بالتعامل مع ملف تايوان، وغيره من الملفات.

قد يهمك: الاحتجاجات تدخل مدن إيرانية كبرى

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة