على الرغم من وضوح الصورة التي تسببت باندلاع الاحتجاجات الإيرانية على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني، إلا أن طهران تحاول إلقاء اللوم على جهات كردية إيرانية معارضة لاجئة داخل إقليم كردستان العراق، وبهذه الدعوى يستمر “الحرس الثوري” الإيراني منذ 6 أيام بقصف مناطق كردية عراقية حدودية.

القصف تسبب بقتل 13 أشخاص وأصيب 58 آخرون على الأقلّ بجروح، قالت إيران إنهم عناصر يتبعون لأحزاب كردية مسلحة متهمين بالضلوع في الاضطرابات المستمرة داخل إيران على خلفية وفاة الفتاة العشرينية بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من قبل شرطة “الأخلاق“ الإيرانية.

إلا أن حكومة وزارة صحة إقليم كردستان العراق، إضافة إلى مصادر عدة أكدت أن من أغلب الضحايا مدنين بينهم نساء وأطفال، وهذا ما أثار ردود فعل واسعة بين العراقيين، وعلى إثر ذلك استدعت الخارجية العراقية يوم أمس الخميس، السفير الإيراني لدى بغداد محمد آل صادق، وسلمته مذكرة احتجاج وصفتها بأنها “شديدة اللهجة“، وذلك بعد أن جددت طهران قصفها لمناطق في أربيل.

غير أن دوافع القصف الإيراني لا يمكن عدها أكثر من “استهتار” بأرواح المواطنين العراقيين، بحالة مشابهة لما تم فعله مع الشابة الإيرانية مهسا أميني، يقول الباحث في الشأن العراقي علي اللعيبي، ويضيف أن “إيران في قصفها لإقليم كردستان العراق تعدت كل القوانين الدولية والإنسانية“.

اللعيبي لفت في حديث لموقع “الحل نت“، إلى أن “استمرار القصف الحرس الثوري الإيراني بهذه الطريقة الصارخة دون أي مراعاة لأرواح المدنيين أو سيادة الدول، لا ينم سوى عن تخاذل عراقي وسياسي مع الدول المجاورة وعدم وجود قرار سياسي حقيقي لحفظ سيادة العراق وشعبه“.

اقرأ/ي أيضا: نهاية الانسداد السياسي وقرب تشكيل الحكومة العراقية؟

محاولات للتغطية على جرائم إنسانية؟

اللعيبي أضاف بأن “الدولة العراقية باتت ضعيفة جدا أمام دول الجوار حيث لا تستطيع حماية أرواح وحقوق المواطنين داخل البلد وخارجه، فضلا عن أن السيادة العراقية باتت خجولة أمام من يحفظها“.

المحلل السياسي أشار إلى الانقسام السياسي الحاصل داخل بنية العملية السياسية العراقية التي تنشغل بتقاسم المناصب والصراع حول السلطة وتقاسم المغانم، وبالتالي هذا ما يسمح للدول بتصفية حساباتها وصراعاتها وتمرير أجنداتها على حساب أرواح العراقيين والسيادة العراقية، كما فعلت تركيا قبل أيام من بقصف مصيف سياحي أدى لمقتل عدد من المدنيين.

اللعيبي أكد أن “إيران تحاول التغطية على جرائمها في الداخل الإيراني، وما تفعله بحق المحتجين، بهدف إشغال الرأي العام والادعاء بتحقيق نصر وهمي، تبعد من خلاله أنظار المواطنين الإيرانيين“، مشيرا إلى أن “هذه السياسة الإيرانية باتت مكشوفة وحتى وكلائها في المنطقة يتعكزون عليها“.

وأردف أن “الأحزاب العراقية الموالية لإيران التي تلتزم الصمت اليوم من القصف الإيراني وتحاول إيجاد له مبررات، إضافة إلى الميليشيات المسلحة التابعة لها، تحاول بنفس النهج الإيراني منذ 19 عاما تحمل الآخرين فشلها واخفاقاتها، وكلما صرح المواطنين ضدها، يخرجون إلى الجماهير ليكيلوا الاتهامات إلى الآخرين“.

إيران استخدمت في قصف المناطق الكردية العراقية صواريخ باليستية والمدفعية والطائرات المسيرة المفخخة التابعة لـ”الحرس الثوري”، وشمل القصف المناطق الحدودية التابعة لمحافظات دهوك وأربيل والسليمانية.

اقرأ/ي أيضا: القصف الإيراني لكردستان العراق.. سبب صمت أربيل وأهداف طهران

مواقف دولية

في مقابل ذلك، تواصلت الإدانات الدولية لهجوم إيران على كردستان العراق، وأعربت ألمانيا على لسان متحدث باسم الخارجية، عن قلقها الشديد إزاء الهجوم الإيراني على كردستان، وأضاف المتحدث “نطالب إيران باحترام سيادة الأراضي العراقية ووقف الاعتداء على الفور، كما أشار إلى اهتمام ألمانيا كشريك وثيق للعراق ولكردستان، بدعم سيادة العراق واستقراره ووحدته.

من جهتها أدانت فرنسا الضربات الإيرانية “العشوائية” التي استهدفت مواقع لأحزاب كردية إيرانية معارضة تنتقد قمع التظاهرات في إيران، وقالت وزارة الخارجية في بيان “تدين فرنسا الضربات الكثيفة التي تبنّتها إيران ونُفّذت في إقليم كردستان المتمتّع بالحكم الذاتي، في انتهاك صارخ لسيادة العراق والقانون الدولي، مستهدفة المدنيين بشكل عشوائي.

أما الولايات المتحدة فقالت في بيان لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان ”إننا نقف مع قادة العراق في إقليم كردستان وبغداد في إدانة هذه الاعتداءات باعتبارها اعتداء على سيادة العراق وشعبه.

وأضاف: “يواصل القادة الإيرانيون إظهار التجاهل الصارخ ليس فقط لأرواح شعبهم، ولكن أيضا لجيرانهم والمبادئ الأساسية للسيادة وكذلك وحدة الأراضي الإقليمية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة“، مستدركا “لا تستطيع إيران صرف اللوم عن مشاكلها الداخلية والمظالم المشروعة لشعبها من خلال الهجمات عبر حدودها. كما أن استخدامها الصارخ للصواريخ والطائرات بدون طيار ضد جيرانها، فضلا عن تزويدها لروسيا بطائرات بدون طيار من أجل حربها العدوانية في أوكرانيا ووكلائها في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، يجب إدانته عالميا“.

اقرأ/ي أيضا: دور فرنسي في العراق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.