مجددا، فتح لقاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مع زعيم الحزب “الديمقراطي الكردستاني” مسعود بارزاني، على هامش زيارته إلى إقليم كردستان، بابا للجدل حول إذا ما كان يسعى لكسب تأييد القوى الكردية لاستمراره في المنصب لولاية ثانية، لاسيما في ظل اتهامه من قِبل بعض القوى السياسية بضلوعه في الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ نحو عام، بين القوى السياسية حول تشكل حكومة جديدة.

مع إن المكتب الإعلامي للكاظمي، قال في بيان له إن، رئيس مجلس الوزراء التقى اليوم الإثنين، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود بارزاني، خلال زيارته إلى محافظة أربيل، وبحث اللقاء مجمل الأوضاع السياسية في البلاد، وأهمية اعتماد الحوار الوطني بين جميع القوى السياسية للخروج من حالة الانسداد السياسي وتهدد الاستقرار.

كما شهد اللقاء التأكيد على دور الفعاليات السياسية والاجتماعية في تسهيل التفاهم، وخفض مستوى التوتر، والابتعاد عن التحريض، وأهمية الركون إلى الخطاب الوطني المسؤول؛ من أجل عراق ديمقراطي اتحادي، تكون فيه كلمة الدستور والقانون فوق الجميع، بحسب البيان.

إضافة إلى ذلك، مكتب الكاظمي، أشار إلى أن، الطرفان بحثا التحديات الأمنية المختلفة، وأهمية مواصلة التنسيق المشترك بين بغداد وأربيل؛ لمعالجة عدد من الملفات في مقدمتها مكافحة الإرهاب، والاعتداءات المتكررة على الأراضي العراقية، والّا تكون أرض العراق في أي مكان منطلقاً، أو مأوى لتهديد دول الجوار.

لكن زيارة الكاظمي، التي جاءت بعد أن توصلت القوى السياسية إلى شبه اتفاق مبدئي حول ضرورة تشكل حكومة جديدة، بعد تعطيل دام منذ انتهاء الانتخابات المبكرة التي أُجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبعد اعتزال زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، السياسية نهائيا على خلفية الصراع السياسي، والذي عبّر صراحة في مناسبة سابقة عن رغبته باستمرار الكاظمي في المنصب، زادت التكهنات حولها بعد خروج الصدر عن صمته.

اقرأ/ي أيضا: هل يحتاج العراق إلى تعديل دستوري؟

تزامن الكاظمي والصدر

الصدر، وبالتزامن مع زيارة الكاظمي إلى أربيل، وبمناسبة “اليوم الوطني العراقي” والذي يصادف في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، قال إن يوم العراق الوطني الحقيقي يكون بتحرره من الفساد والفاسدين. فعاش العراق حرّا أبيا قويا“.

الزعيم الشيعي القوي الذي كان قد خاض صراعا بلغ حدّ المواجهات المسلحة في مرحلة منه، حول تشكيل حكومة “أغلبية وطنية” لا مجال فيها للمحاصصة، لفت في تغريدته على “تويتر” تابعها موقع “الحل نت“، إلى أن “يوم الإصلاح الحقيقي؛ بلا تبعية ولا محاصصة ولا مجرّب ولا فساد ولا تدخل خارجي ولا مليشيات“، مردفا بالقول: “بل دولة مباركة لا شرقية ولا غربية يكاد نورها يضيء من سنا الشعب وكرامته“.

 حديث الصدر عزز وجهة النظر القائلة إن، هذه التطورات تأتي في إطار محاولة أخيرة يسعى من خلالها الكاظمي، إلى البقاء بالمنصب لمدة أطول، لدى أصحابها، لاسيما وأنها تعقب نجاح القوى المناوئة لمشروع الصدر والكاظمي، في إعادة أعمال البرلمان، بعد ما كانت الأمور ذاهبة باتجاه مصلحة “التيار الصدري”، الذي كان قد عطّل البرلمان منذ مطلع تموز/يوليو الماضي، على خلفية إعلان غرمائهم في تحالف “الإطار التنسيقي”، التوصل لتفاهمات لتشكيل الحكومة والاتفاق حول مرشح رئاسة الوزراء، بعد وقوفهم بوجه مشروع “الأغلبية” وتعطيله.

غير أن المهتم في الشأن السياسي عمار الغريباوي، يقول في حديث لموقع “الحل نت“، إن “محاولات الكاظمي هي أقرب إلى اللعب، لا سيما بعد اتفاق القوى السياسية حول طريق لتشكيل الحكومة، وبعد خسارته لدعم الصدر، الذي انسحب هو وتياره من العملية السياسية، بالتالي الحديث عن حظوظ الكاظمي في الوقت الحالي هو شبه مستحيلة، ولذلك أن زيارته إلى إقليم كردستان ولقائه بمسعود بارزاني وإن كانت لا تخلو من الجنبة السياسية لكنها لن تنتج عن شيء“.

لكن الغريباوي، لفت إلى أن “فرصة الكاظمي الوحيدة في البقاء بالمنصب، لا تتعلق بقناعات القوى الكردية وهو يعلم ذلك جيدا، بخاصة وأن موقف القوى الكردية كان واضحا بالذهاب مع تحالف “الإطار”، نحو تشكيل حكومة جديدة، وبعد أن كان الحزب الديمقراطي، أحد حلفاء الصدر، بمشروع الأغلبية، بمجرد انسحاب الصدر، من المشهد ذهبوا إلى شراكات جديدة، بالتالي هم يبحثون عن استمرار مصالحهم والمقاطعة لا تنفعهم، وبقاء الكاظمي، في المنصب لا يتم إلا عبر المقاطعة وتعطيل تشكيل حكومة جديدة“.

اقرأ/ي أيضا: طهران تصرف الأنظار عن احتجاجات الداخل بقصف المناطق الكردية العراقية؟

الكاظمي والحلم البعيد

حول ذلك تابع، إن “استمرار الكاظمي أو استبداله هو أمر مرهون بيد القوى الشيعية، وبما أن القوى الشيعية شبه متفقة جميعها على خروجه من المنصب باستثناء التيار الصدري، فهذا يعني لا فرصة لديه في الوقت الحالي ولا يستطيع أحد دعمه ما لم يعود الصدر إلى المشهد“.

كما أردف بالقول: “نعتقد أنه لا بد من الاتفاق يضمن لجميع تطلعاته وللخروج من المأزق السياسي، لكن ذلك لا يمكن أن يتم بوجود الكاظمي الذي يمثّل جدلية بحد ذاته بين القوى السياسية، ولذلك هذا يعني أنه من الممكن الخروج من الأزمة لكن في ظل رئيس جديد، وغير ذلك يعني أنه استمرار الكاظمي، لن يتسبب أكثر من أزمة جديدة“.

كان البرلمان العراقي قد استهل عمله بعد توقف دام لأكثر من شهرين، وسط أنباء عن تشكيل ائتلاف سياسي جديد تحت اسم “إدارة الدولة“، يضم جميع القوى السياسية باستثناء “التيار الصدري” والنواب المستقلين، ويضع ضمن أجنداته تشكيل حكومة “توافقية – محاصصة“.

تطورات تأتي بعد أن اشتدّت وتيرة الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، عندما اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

العاصمة العراقية بغداد، شهدت في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

سبب الصراع

الصراع سببه مهاجمة القوات الأمنية المكلفة بحماية الخضراء والتي من ضمنها فصائل موالية لـ“لإطار”، ومنضوية تحت راية “الحشد الشعبي“، لأنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” الجناح المسلح التابع للصدر للدفاع عن أنصاره من المتظاهرين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح، سقط 40 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن“، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

اقرأ/ي أيضا: القصف الإيراني لكردستان العراق.. سبب صمت أربيل وأهداف طهران

الصدر وفشل مشروع الأغلبية

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. تجديد الثقة للحلبوسي وقصف إيراني وتظاهرات صدريّة ببغداد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.