لم تتشكل الحكومة العراقية الجديدة بعد، ليقرر الشاعر التشريني الخروج بتظاهرات ضد حكومة “الإطار التنسيقي” المرتقبة، فما الذي ستنتج عنه التظاهرات، وهل سيتعطّل ملف تشكيل الحكومة، أما أن ولادتها مؤكدة لكنها متعسّرة.

مرة أخرى يعود الشلل إلى شوارع العاصمة العراقية بغداد، عشية تظاهرات مرتقبة للشارع التشريني، بالتزامن مع الذكرى الثالثة للدفعة الثانية من “انتفاضة تشرين”، التي خرجت في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

القوات الأمنية أغلقت الجسور الرابطة بين الكرخ والرصافة بالصبّات الكونكريتية، وعزلت ساحة التحرير، معقل التظاهرات عن بقية المدن، ناهيك عن تعزيز الانتشار الأمني فيها منذ البارحة.

هل ستطول التظاهرات؟

التظاهرات المرتقبة، ستخرج رفضا لتشكيل حكومة جديدة يقودها “الإطار التنسيقي”، كونها ستضع العراق بيد إيران، بحسب ما يردده العديد من ناشطي “تشرين” ممن يحشدون للتظاهرات.

بالتزامن مع ذلك، كان من المؤمل أن تتشكل الحكومة الجديدة بقيادة المكلف لرئاستها محمد شياع السوداني، السبت الماضي، لكنها تأجلت إلى إشعار آخر، فهل ستتشكل الحكومة أم أن التظاهرات ستمنع تشكيلها.

الباحثة السياسية سهاد الشمري تقول لـ “الحل نت”، إن التظاهرات متوقعة غدا، أولا لأنها تصادف سنوية الدفعة الثانية لحراك “تشرين”، وثانيا لأن معظم الشارع العراقي يرفض حكومة “الإطار”؛ كونها حكومة تتبع للخارج.

“انتفاضة تشرين” خرجت على دفعتين، الأولى منذ 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وحتى 10 تشرين الأول/ أكتوبر من ذات العام، ثم توقفت لمدة أسبوعين، قبل أن تنطلق الدفعة الثانية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 واستمرت لحين انتهاء الانتفاضة في 15 آذار/مارس 2020

ما يُزيد من سخط الشارع العراقي على الحكومة الجديدة، هو أنها ستسير بذات نهج المحاصصة المعتاد منذ عام 2003، دون أي تغيير منشود من قِبل المكلف شياع السوداني؛ لأن سلطة الأحزاب أقوى منه ومن كل مكلّف سابق ولاحق، بحسب الشمري.

فيما يخص تظاهرات الغد، لا تعتقد الشمري أنها ستستمر طويلا، وتقول إنها ستكون أشبه باستذكار لسنوية “تشرين” مع ترديد هتافات رافضة لتشكيل الحكومة الجديدة، ثم تنتهي ويعود كل شخص إلى منزله.

تقسيمة الوزارات

الشارع بات أكثر وعيا من قبل، ويؤمن أن التغيير لن يحصل ما لم يتوحد كل الشعب، لذلك لا يريد أن يكون مصيره الموت مثل كل تظاهرات سابقة، وسيكتفي بتظاهرات بسيطة بين فينة وأخرى، لحين توحّد كل الطبقات الرافضة لمنظومة الحكم الحالية، من أجل الخروج ضدها بـ “تشرين” جديدة، وفق الشمري.

الرئيس العراقي الجديد عبد اللطيف رشيد، الذي انتخب في 13 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، كلّف بنفس اليوم، محمد شياع السوداني لتشكيل حكومة جديدة، ووعد الأخير بتشكيلها في أقرب وقت، لكنه لم يستطع أن يشكلها حتى الآن.

أمام السوداني 30 يوما من تاريخ التكليف لتشكيل الحكومة، وفي حال فشله، يتم اختيار شخصية أخرى لتشكيل الحكومة، ولم يتبق أمامه سوى 19 يوما من المدة الدستورية الممنوحة له لتشكيل حكومة جديدة، فهل ينجح وما الذي يمنعه من تشكيلها حتى الآن.

السوداني مقيّد، ولا يمكنه التحرك بحرية لاختيار الوزراء لكابينته الحكومية؛ لأن الصراعات الحزبية أكبر منه، ولولا تدخل الأحزاب وصراعها على تقاسم المغانم، لاستطاع تشكيل الحكومة في غضون أسبوع واحد فقط، على حد قول سهاد الشمري.

وفق معلومات “الحل نت”، فإن تقسيم الوزارات في الحكومة الجديدة سيكون بالشكل التالي، 12 وزارة للشيعة و5 للسنة و4 للكرد، لكن الخلافات على أسماء الوزارات لم تنته حتى اللحظة.

بحسب تقرير لموقع قناة “الرابعة” العراقية، أمس الأحد، فإن الوزارات الشيعية ستكون وفق الآتي، 5 من نصيب “تحالف الفتح” و4 من حصة “ائتلاف دول القانون”، و3 وزارات، للسوداني الحرية في اختيار الأسماء المناسبة لها.

ولادة متعسّرة؟

الشمري تقول، إن سبب تأجيل جلسة السبت، وعدم تحديد موعد جديد لتشكيل الحكومة، هو الخلافات بين الأحزاب داخل المكون الواحد، فـ “دولة القانون” و”الفتح” بينهما خلاف شرس على وزارة النفط، بحسبها.

المكون السني هو الآخر يمر بصراع المغانم، ووزارة التخطيط هي لب الصراع الآن بين “تحالف السيادة” بقيادة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، و”العزم” بزعامة مثنى السامرائي، إذ أن كل طرف منهما يريد الوزارة له، وفق الشمري.

شياع السوداني التقى في الأيام الأخيرة بقيادات معظم الأحزاب السنية والشيعية والكردية، بهدف الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، وهناك اتفاقات محسومة على العديد من الوزارات، لكن ما يعرقل تمرير الحكومة، هي الوزارات الخلافية.

السوداني سيحسم القصة قبل نهاية هذا الشهر، بحكومة “نصف + واحد”، بحسب سهاد الشمري، التي توضح أنه في حال لم تنته الخلافات على وزارات بعينها، سيذهب السوداني لتشكيل حكومته، من خلال منح الثقة لأغلب الوزارات المتفق عليها، وتأجيل حسم الوزارات الخلافية لوقت لاحق.

ما يجدر ذكره، أن شياع السوداني هو أول رئيس وزراء مكلف من عراقيي الداخل منذ عراق ما بعد 2003؛ لأن كل رؤساء حكومات ما بعد نظام صدام حسين، هُم من عراقيي الخارج ويحملون جنسية ثانية.

المستخلص، أن حكومة شياع السوداني ستمر وستتشكل لكن ولادتها ستكون متعسّرة، والتظاهرات لن تمنعها من رؤية النور، لكن ذلك لا يعني أن طريقها سيكون مفروشا بالورود.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.