“خدمات الاتصال بدها راتب كامل“، يقول حسام بسوت، (موظف حكومي يعيش في دمشق)، متحدثا عن معاناته في الارتفاعات المتكررة لأسعار الإنترنت ومختلف خدمات الاتصالات المقدّمة في سوريا.

ارتفاعات متكررة

وزارة الاتصالات السورية، رفعت خلال العام الماضي أجور خدماتها عدة مرات، وذلك بدعوى ارتفاع أجور التكاليف وأسعار المحروقات اللازمة لتشغيل المعدات ومحطات الاتصال. وربما الأسعار مقارنة بأماكن أخرى حول العالم ليست باهظة، لكن بالتأكيد ستكون عبئا على السوريين مع انخفاض القدرة الشرائية لرواتبهم وقيمة دخلهم.

بسوت قال في حديثه لـ“الحل نت“، “البارحة دفعت فاتورة الإنترنت البالغة 8 آلاف ليرة، عداك عن فواتير الهواتف المحمولة، وفاتورة الهاتف الأراضي، خدمات الاتصالات والإنترنت أصبحت تشكل عبئا على الدخل، لا سيما مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية“.

تحدث بسوت بجدية عن تفكيره بإلغاء معظم خطوط اشتراكات عائلته المكونة من أربعة أفراد، للاتصالات والإنترنت، بسبب ارتفاع التكاليف، وأضاف، “مع ارتفاع معظم الأسعار، بالتأكيد الطعام واللباس أهم، ربما أي ارتفاع آخر في تكاليف خدمات الاتصال سيجعلني ألغي الاشتراك في العديد من الخدمات“.

تعليقا على الارتفاع المتكرر لأسعار خدمات الاتصال في سوريا، أكدت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد“، أن رفع أسعار أجور خدمات الاتصالات والإنترنت بنحو 50 بالمئة، انعكس على تحسين جودة التجهيزات والخدمات التي تقدمها شركتي “أم تي إن وسيرياتيل“.

أشارت “الهيئة” في بيان نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، إلى “تركيب شركتي الاتصالات، محطات جديدة وتزويدها بخدمات الجيل الرابع، كما يجري تركيب 237 محطة جديدة لشركة سيريتل، و185 محطة جديدة لدى إم تي إن، مع وصول التوريدات، كما وفّرت الشركتان البطاريات في جميع الأبراج مع تقليل زمن استبدالها لتصبح كل سنة ونصف السنة بدلا من 3 سنوات“.

قد يهمك: “مازوت ما في والشتا قاسي“.. مدافئ غريبة تنتشر في الأسواق السورية

فيما متابعة “الهيئة”، لعمل الشركة السورية للاتصالات، قال البيان إنها استطاعت تطوير وتحديث البوابة الدولية للإنترنت لتصل إلى 570 جيغا، عوضا عن 360 جيغا، وتركيب نحو 50 ألف بوابة جديدة وسيصل العدد مع نهاية العام إلى 100 ألف، كما تصل حاليا ساعات تشغيل محركات الديزل في عدد كبير من المراكز لحوالي 18 ساعة يوميا، إضافة إلى تأمين مستلزمات الطاقة الشمسية من ألواح ومدّخرات لضمان توفر الطاقة البديلة.

لكن هذا التحسين الذي تحدثت عنه “الهيئة الناظمة”، لم ينعكس بشكل ملحوظة على جودة الخدمات النهائية المقدمة للمشتركين في سوريا، لا سيما فيما يتعلق بجودة الإنترنت، حيث أكد العديد ممن تحدثت إليهم أن جودة الخدمة متقطعة وغير ثابتة وتتعرض لانقطاعات متكررة.

بطء وانقطاعات

“الإنترنت متل السلحفاة” تشير جودي أبو بكر، وهي طالبة جامعية تدرس في جامعة حلب، واصفة سرعة الإنترنت لديها، مؤكدة أنها تواجه صعوبة كبيرة في التواصل مع أقاربها وأصدقائها باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بسبب بطء سرعة الاتصال لديها.

أبو بكر قالت في حديثها لـ“الحل نت“، “أمس فشلت جميع محاولات إجراء مكالمة فيديو مع أختي التي تعيش في هولندا، سرعة الاتصال متدنية جدا، في بعض الأحيان في وقت الصباح تكون السرعة جيدة، لكن بالعموم الخدمات متقطعة، خاصة الإنترنت المنزلي“.

واستغربت أبو بكر، من ضعف خدمات الإنترنت في سوريا، رغم الفواتير والمبالغ التي وصفتها بـ“الطائلة“، التي يتم دفعها شهريا مقابل الحصول على هذه الخدمات، وأضافت “الخط الأرضي دائما يعاني من بطء وانقطاع، الخدمات أفضل نوعا ما على الهاتف المحمول، لكن تكلفتها باهظة جدا“.

بحسب تقارير محلية سابقة، فإن متوسط إنفاق أسرة مكونة من 5 أفراد على بعض مفردات خدمات الاتصالات الضرورية شهريا، بعد الزيادة الأخيرة على أسعار الاتصالات، وصل إلى نحو 24 ألف ليرة سورية.

إذ يبلغ اشتراك الإنترنت المنزلي بسرعة 2 ميغا 6800 ليرة شهريا، كما تبلغ تكلفة الاتصال من جهاز محمول مسبق الدفع 8100 ليرة، بواقع اتصالين لكل فرد من العائلة يوميا، يضاف إليها خدمات الإنترنت اللاسلكي، واشتراك الهاتف الأرضي، فضلا عن الرسوم والضرائب.

ارتفاعات كبيرة

في سياق رفع أسعار الاتصالات، أعلنت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” نهاية نيسان/الماضي، أنه تمت الموافقة على رفع أسعار الخدمات المُقدمة لشركتي “إم تي إن“، و“سيرياتيل“، و“الشركة السورية للاتصالات“، بمتوسط زيادة 50 بالمئة للخدمات الأساسية، بما يتضمن أيضا رفعا لأجور الاتصالات، والإنترنت. وبناء على الأسعار الجديدة، أعلنت شركتا الهاتف المحمول، أسعار الاتصالات الجديدة، حيث أصبحت الدقيقة المحلية للخطوط المسبقة الدفع 27 ليرة، والدقيقة المحلية للخطوط اللاحقة الدفع 23 ليرة، وسعر الميغابايت خارج الباقات أصبح 17 ليرة.

من جهتها، نشرت “السورية للاتصالات“، الأجور الجديدة لبعض خدمات الهاتف الثابت المعتمدة من الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، حيث بلغت أجرة الاشتراك الشهري 1000 ليرة، وأجرة نقل خط هاتفي 10 آلاف ليرة، والتنازل عن خط هاتفي 5 آلاف ليرة، وإظهار الرقم بـ 150 ليرة، والتحويل بـ 100 ليرة، والخط الساخن بـ 100 ليرة.

بلغت أجرة كل 3 دقائق محلية 1.5 ليرة، والدقائق القطرية من الساعة 9 صباحا حتى 5 مساء بـ 4 ليرة، ومن الساعة 5 مساء حتى الـ 9 صباحا بـ 2 ليرة وكذلك يوم الجمعة كاملا.

أما بالنسبة لأسعار الإنترنت، فقد أصبح السعر الجديد لسرعة 0.5 ميغا بايت 3000 ليرة بدلا من 2000 ليرة، وسعر الـ 1 ميغا بايت 4500 ليرة بدلا من 2750 ليرة، وسعر الـ 2 ميغا بايت 6800 ليرة بدلا من 4500 ليرة، وسعر الـ 4 ميغا بايت 11500 ليرة، وسعر 8 ميغا بايت 21 ألف ليرة، وسعر الـ 16 ميغا 28 ألف ليرة، وسعر الـ 24 ميغا 40 ألف ليرة.

شركات الاتصالات، أعلنت في العديد من المناسبات، أنها تعاني من تقنين الكهرباء، كما أنها تعاني من ارتفاع أسعار المازوت، والفيول المشغّل لأبراجها، وكذلك البطاريات. أما “الشركة العامة للاتصالات” المملوكة للدولة، فكانت تدّعي المعاناة من انخفاض سعر الصرف، مشيرة إلى أنها تدفع مقابل الخدمات المقدمة خارج سوريا بالعملات الأجنبية وتستورد معداتها بالعملات الأجنبية، مما يرفع من نفقاتها.

الحرية المقيدة

تقرير سابق لـ“الحل نت“، أشار إلى أن حرية الإنترنت في سوريا مقيدة بشدة، بسبب القمع الحكومي للمعارضة وآثار الحرب المستمرة منذ سنوات. كما نفذت الحكومة خطة لـ “تقنين الإنترنت“، حيث قيدت من كمية البيانات التي يمكن للمواطنين استخدامها كل شهر، فضلا عن تكلفتها الكبيرة، وكذلك باقات الإنترنت المتوفرة على شرائح شبكات الهاتف المحمول محدودة (السيريتل على سبيل المثال) ومكلفة للغاية مقارنة بدخل المواطنين، إذا أرادوا شراء كمية جيدة من باقات الإنترنت. لذلك يعاني المواطن السوري اليوم من خدمة الإنترنت سواء كانت بطيئة أو محدودة أو مكلفة الثمن.

يعاني الكثير من السوريين خصوصا الذين يمتلكون هواتف بكابلات ضوئية من غياب الإنترنت، والاتصالات بسبب التقنين، حيث تعمل الاتصالات والإنترنت خلال نصف ساعة التغذية، وتستمر لمدة نصف ساعة أخرى بعدها، ثم تغيب حتى يأتي موعد الوصل القادم.

منذ سنوات عديدة، تأثرت جميع المناطق في سوريا ولا سيما التي تسيطر عليها الحكومة السورية بانقطاع التيار الكهربائي، والذي يستمر في بعض الأماكن لمدة عشرين ساعة يوميا في الأشهر الأخيرة، في حين عجزت سلطات الدولة عن جميع أزماتها.

يُشار إلى أنه وفقا لـ“إنترنت وورد ستيتس“، وهي شركة تقدم إحصاءات الاستخدام والسكان، في عام 2016، اتصل 250.502.5 أي 29.6 فقط من سكان سوريا بالإنترنت بانتظام. وهذا الرقم يزيد بنسبة 10 بالمئة عن عام 2009. عندما كان 16.4 بالمئة فقط لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت في سوريا.

متوسط تكاليف المعيشة

بحسب آخر الدراسات فإن متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية، شهِد نهاية شهر أيلول/سبتمبر 2022، ارتفاعا بمقدار 563 ألف و970 ليرة سورية، عن التكاليف التي سُجلت في شهر تموز/يوليو الماضي، لتصل إلى ما يقارب الـ 3.5 ملايين ليرة.

الدراسة التي نشرتها صحيفة “قاسيون“، أشارت إلى أنها اعتمدت طريقة محددة في حساب الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص، تتمثل بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري (بناء على حاجة الفرد اليومية إلى نحو 2400 سعرة حرارية من المصادر الغذائية المتنوعة).

جاء في الدراسة التي نُشرت، مطلع الشهر الجاري، “ارتفع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة بنحو 352,481 ليرة، منتقلا من 1,881,858 ليرة في تموز/يوليو إلى 2,234,339 ليرة في أيلول/سبتمبر، ما يعني أن التكاليف ارتفعت بنسبة وصلت إلى 19 في المئة، خلال ثلاثة أشهر فقط“.

قد يهمك: بين الحكومة وسائقي المواصلات..“المواطن رايح يمشي”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.